الفرحة التي انتظرتها 45 عاما عشتها اليوم
سناك سوري-لينا ديوب
كنت طفلة صغيرة، لم أتجاوز الخامسة من عمري، ألعب على سطح بيت جدي في بلدتي الوادعة مصياف، عندما عشت العدوان الاسرائيلي، لأول مرة، ركضنا نلوح بأيدينا لطائرات سوداء للحظات حتى بدأت ترمي قنابلها على الأرض المقابلة لحينا، صعد إلينا جدي مسرعا، لينزل بنا إلى فناء البيت وهو يخبر أمي وين بقية الولاد، غارة اسرائلية على معسكر جيش التحرير الفلسطيني، مرت الأيام وكانت بداية العام الدراسي للصف الثالث الابتدائي عندما خرجنا جميعا من الصفوف بسبب انذارات تحسبا لغارات اسرائيلية، بعدها بأيام بدأت مواكب التشييع، ابن عمي، وابن الجيران، الذين ارتقوا في معارك تشرين.
وتتوالى الأحداث، لتمتلىء الذاكرة بقصص العدوان التي يشنها الجيش الاسرائيلي المحتل، غارات على جنوب لبنان، مجازر في فلسطين، ومجازر في قلب بيروت، وفي كل مرة نرى الظلم والوحشية ولا نرى محاسبة لهذه الدولة المحتلة الظالمة.
في مجازر صبرا وشاتيلا وقبلها قانا، وبعدها جنين وغزة، كنت أبكي وأتمنى لو كنت بقوة خارقة ولو خيالية لاوقف اجرامها وظلمها.
اقرأ أيضاً: الرقص مع القذيفة … يوميات سورية
في الكتب وفي دروس الوطنية نقرأ عن احتلال الجولان، لكن الحقيقة الصادمة كانت في رحلة عيد الجلاء يوم 17نيسان الى ريف القنيطرة، عندما رأيت الشريط الشائك ورأيت جنود الاحتلال وعلمهم، انتابتني نوبة غضب وبكاء، لماذا لا أحد يستطيع وقف هذا العدو، قبل هذه الرحلة وفي أخبار اجتياح بيروت عام 1982، كنا نسمع قصص بطولة نادرة لفدائيين سوريين وفلسطيين ولبنانيين، لا تستطيع كتيبة جنود اسرائيليين كاملة أن تقف في وجه اثنين أو ثلاثة منهم، سمعنا قصصهم في قلعة الشقيف وفي عيتا الشعب.
لكن قوتهم كانت في طائراتهم، عدو قوته في دعم أمريكا والغرب له، وفي طائراته، في معارك الجنوب خسر لان المعركة لم تكن للطيران.
اقرأ أيضاً:إسقاط طائرة اسرائيلية .. سوريا لن تقول هذه المرة سنرد بالزمان والمكان المناسبين
ذاكرتي الممتلئة بصور الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين الذين مزقت أجسادهم قنابل الطيران الاسرائيلي، حلمت كثيرا أن تنتهي قوة هذه الطائرات.
اليوم يتحقق حلم ذاكرتي، وتتحطم الطائرة التي كنت أظنها محمية بظلمها وجرائمها ضد جيشنا وقبلها ضد الشعب الفلسطيني واللبناني.
نعيش ظروفا خاصة وصعبة، كل بقعة في بلدنا الحبيب يتألم ويعاني، لكن اسقاط طائرة عدوة خبر مفرح وقبله اسقاط صواريخ للعدو قبل أن تصل لأهدافها، اليوم رد وليس عبارة نحتفظ بحق الرد.