الصحوة الحكومية وخطر النكسة – بلال سليطين
هل هي صحوة حكومية أم ردة فعل آنية؟
سناك سوري – بلال سليطين
في نهاية عام 2018 بدأ يظهر خطاب النصر بشكل جديد مفاده أن الحرب “تنتهي” وذلك بعد استعادة الحكومة السيطرة على ريف دمشق، وريف حمص، ومحافظة درعا.
وسائل الإعلام الحكومية لم تبخل في تقديم خطاب الانتصار وراجت الحفلات في البلاد والمهرجانات، ومن البديهي أن المواطن تلقى هذه الرسائل على شكل أن الوضع أصبح جيداً ولم يعد هناك حرب، وبالتالي راح ينتظر الكهرباء والغاز والمازوت ومكافحة الفساد وووو إلخ، ويوماً بعد يوم تكشفت الأمور وبدا أن الحرب لم تنتهِ وأن المعارك مستمرة بأشكال متعددة وبدل أن تتحسن الخدمات “ساءت”، فأحبط المواطن وتحول جزء من صبره إلى نقمة ظهرت بوضوح خلال عام 2019 من خلال تعبيره عن سخطه بطريقة لم يكن يستخدمها سابقاً حتى بدأ الحديث عن “ثورة الجياع”.
اقرأ أيضاً: صناعة الوهم الحرب مستمرة – بلال سليطين
انطلاقاً من هذه التجربة نأتي للحديث عن الاستنفار الحكومي الذي تشهده سوريا منذ أسبوع تقريباً وتحديداً بعد صدور المرسوم المتعلق بالتعامل بالعملة الأجنبية، والذي جاء في وقت كادت الأوضاع تصل فيه حد الإنفجار نظراً للتدهور المعيشي الناجم عن تدهور سعر الصرف الذي يحمل المواطن المسؤولية عنه للحكومة بالدرجة الأولى وسوء إجراءاتها سابقاً.
إلا أن الاستنفار الحكومي والإجراءات الأخيرة بغض النظر عما يشوبها من أخطاء، منحت تفاؤلاً للمواطنين بأن هناك صحوة حكومية لإصلاح ما هو مُفسد، ولم تبخل الحكومة في التعبير عن صحوتها من خلال الأخبار والبيانات والاجتماعات وتوقيف فلان وتشميع محل فلان ووإلخ من إجراءات انعكست مبدئياً على سعر صرف الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية والذي تحسن نسبياً.
هذا التفاؤل الذي شعر به المواطن غير كافٍ بكل تأكيد فهو يريد انعكاس ذلك معيشياً بالدرجة الأولى، وهذا الإنعكاس مشروط بأن يكون ما يحدث في سوريا حالياً هو صحوة حقيقية وهذا ما يأمله المواطن السوري، لا أن يكون عبارة عن “خبط عشواء” أو “فقاعة إعلامية” تستمر بضعة أيام وتنتهي.
اقرأ أيضاً: ضبط مايزيد عن 23 مليون ليرة في جيوب المتعاملين بغير الليرة
فإيجابية ما تشهده سوريا اليوم من حراك حكومي تكمن في استمراريته، وبأن يكون جزءاً من خطة طويلة الأمد، وليس رد فعل آني على تدهور سعر الصرف، لأن أي تراجع بالإجراءات الحكومية أو الحراك الحكومي أو الاستنفار سموه ما شئتم سينعكس سلباً باتجاهين، إحباط المواطن وهو إحباط يهدد بانفجار كبير، والاتجاه الثاني مزيد من تدهور الوضع الاقتصادي والذي قد يكون سريعاً جداً.
الخوف من الانتكاسة خوف مشروع جداً لدى السوريين وهو ملموس في حديثهم وتعاطيهم بتفاؤل حذر مع الإجراءات الأخيرة التي جاءت متأخرة فالحكومة في آخر أيامها ومجلس الشعب أيضاً وكلاهما أبدى استنفاراً غير مسبوق خلال الأيام الماضية، واستمرار هذا الاستنفار مقرون بتقديري بطريقة وصول أعضاء المجلس الجدد في الانتخابات المتوقعة منتصف العام الجاري وطريقة تشكيل الحكومة الجديدة أيضاً هل سيكون كما المعتاد أم سنشهد تغييراً في الطريقة.
اقرأ أيضاً: مجلس الشعب يبحث في شبهات فساد بوزارة النقل وأجنحة الشام للطيران
فالمواطن ليس متلقٍّ فقط وإنما هو متفاعل مع ما يتم تصديره له من قبل السلطة أي سلطة كانت وفي أي دولة، وفي ظرف كالظرف الذي تمر به سوريا فإن أي شيء تصدره الحكومة قد يكون سلاحاً ذو حدين فقد يرتد سلباً ويهدد بانفجار لا تحمد عقباه كما شهدنا في الأسابيع الماضية من احتجاجات على الواقع المعيشي، وقد ينعكس إيجاباً كما شهدنا خلال الأيام الماضية من تحسن نسبي في سعر الصرف، إلا أن الانعكاس الإيجابي المفاجئ وغير المنظم يهدد في أي لحظة بتحوله إلى انعكاس سلبي لا تحمد عقباه، فالبلاد لا تحتمل مزيداً من الخضات ولا الاحباطات ولا الانتكاسات، وما تحتاجه خطط وعمل واستمرارية مؤسساتية منهجية مقرونة بنتائج إيجابية سريعة التحقق وطويلة الأجل في آن معاً، لتحسين الواقع نسبياً وليس لتغييره كلياً نحو الإيجاب، فتغيير الواقع كلياً مرتبط حتى الآن بحل سياسي سوري سوري مدعوم دولياً حتى لا نكون متفائلين تفائلاً في غير محله بتحسن كبير وواقع معيشي كالذي كان قبل الأزمة في 2010 ومن ثم يحبطون فيكون الأثر عكسياً.
اقر أيضاً: تعثر اللجنة الدستورية أكبر من خلاف على أجندة اجتماع- بلال سليطين