الصحافة السورية… نحو الفن والرياضة دُرْ – بلال سليطين
عيد الصحافة السورية: إبعاد جرائم المعلوماتية عنها
الصحافة السورية… نحو الفن والرياضة دُرْ.. يبدو أن مجلس الشعب السوري كان أول المهنئين للصحفيين صباح اليوم الإثنين بمناسبة عيدهم الذي يصادف 15 آب، مع مئات المشكلات والانتهاكات والتضييقات والمعاناة…إلخ.
سناك سوري – بلال سليطين
إذا ألقينا نظرة عامة على وسائل الإعلام التي تعمل في الداخل السوري نجد ميلاً كبيراً لدى معظمها إن لم يكن كلها نحو الصحافة الفنية والرياضية. وذلك على حساب المحتوى الاقتصادي والاجتماعي. وكذلك السياسي الذي يعد الأهم والمؤثر على باقي المحاور. بحيث تبدو الأخبار السياسية في مختلف الوسائل وكأنها نسخة واحدة كتبت على يد نفس المحرر لكنه أنتج عدة نسخ منها لتغطي الجميع.
وللحقيقة ينسجم هذا المحتوى الذي يمكن وصفه إلى حد ما بالترفيهي مع سياسة الحكومة الاستثمارية أو على الأقل الظاهر منها. حيث لا يمر يوم في البلاد دون أن نشاهد تدشين مشاريع من نوع الاستثمار في الرفاهية. وتظهر على شكل “مطاعم، فنادق، منشآت سياحية، شركات اتصالات، تجارة أجهزة محمولة….إلخ”. حتى أن وزير السياحة في الحكومة السورية يتصدر وسائل الإعلام بأنشطته أكثر من 5 وزراء مجتمعين إذا لم يكن أكثر من الحكومة كلها.
اقرأ أيضاً: احتفالية عيد الصحافة السورية.. تقشف في الضيافة واختصار في الكلمات
لكن على عكس الحكومة فإن الصحافة لا تحب الاستثمار في الرفاهية، بل هي في معظم الأحيان مجبرة عليها لكي تخفف الضغوط التي يتعرض العاملون فيها لها. ولتتمكن من التحرك بحرية وإنتاج المحتوى بعيداً عن القلق المستمر على العاملين فيها. وإذا كانت الصحافة التي تخاف تمرض وتموت ولا أحد يخرج في جنازتها. فإنه في حالتنا فإن الصحافة التي لا تخاف ستموت أيضاً ولن تجد من يخرج في جنازتها. وينطبق الأمر على معظم دول الشرق الأوسط.
فحياة الصحفي أو المُحرر خارج الفن والرياضة أشبه بالسير في حقل ألغام. ولا يعرف في أي لحظة يمكن أن ينفجر اللغم فيه. حتى الرياضة والفن فيها ألغام لكنها محدودة الانفجار بينما القضايا الأخرى تكون في كثير من الأحيان أقوى من “C4”. وكثير من الصحفيين/ات تمكنوا من التعايش مع هذا الواقع وطوروا أساليبهم في التعامل مع هذا المحتوى (الترفيهي). بينما آخرون عجزوا عن ذلك فكان مصيرهم إما السفر أو الجلوس جانباً أو العمل تحت سقف “الخطر”.
اقرأ أيضاً: 3 دعاوى ضد الصحفي رضا الباشا بـ 3 أماكن مختلفة
وهذا لا يعني أن الهوامش معدومة في العمل الصحفي داخل سوريا وإنما هي محدودة. إضافة لخطوط حمراء متغيرة دون إعلان ما يوقع الصحفيين بفخ عدم معرفتها. وكذلك وعود تبقى بعيدة عن التنفيذ. فقد تلقّى الصحفيون تطمينات عديدة حول قانون جرائم المعلوماتية الذي تم تطويره قبل أشهر. لكن كانت النتيجة أن صحفياً واحداً خضع لثلاث محاكمات بسبب عمله الصحفي. وآخر يعمل في صحيفة الحزب الحاكم تم استدعاؤه لفرع جرائم المعلوماتية بسبب مقال صحفي.. وووإلخ. وأن أي مسؤول حكومي يزعجه محتوى في وسيلة إعلامية يستطيع أن يجر المسؤولين فيها إلى فرع جرائم المعلوماتية.
اقرأ أيضاً: سوريا: استدعاء مدير مكتب البعث في طرطوس لفرع الجريمة الإلكترونية
بينما نجد في الوقت ذاته المئات يحملون كاميرات ومايكات ويسخّرون أقلامهم لإنتاج محتوى أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه «”بلا هدف” وبنفس الوقت “بلا وجعة راس”».
بالعودة إلى البرلمان الذي يعايد الصحفيين/ات اليوم، فإن المعايدة التي كانوا ينتظرونها هي إبعاد جرائم المعلوماتية عن عملهم. وإصدار قانون حديث وعصري للإعلام في البلاد بالسرعة ذاتها التي أنجز فيها قانون الجريمة الالكترونية. فقد مضت سنوات من الانتظار ومازال قانون الإعلام الجديد في الأدراج رغم أهميته الكبرى.
في عيدهم يحتاج الصحفيون/ات لموارد مالية تكفيهم وتغنيهم عن الحاجة لتوصيلة في سيارة مسؤول لإنجاز تقرير عن مؤسسة يديرها. يحتاجون لتنمية قدراتهم ومعارفهم عبر تدريبات حقيقية تعطيهم ما ينقصهم وتكمِّل معارفهم. وليس تدريبات من نوع “ألو فلان تعال اعطيهم محاضرة لنقول عملنالهم تدريب”.
يحتاجون إصدار قانون الشفافية التي تشمل كل مؤسسات الدولة وحتى القطاع الخاص والمشترك، وقانون حق الوصول للمعلومة، وتسهيلات الترخيص والعمل…إلخ.
في عيدهم يحتاجون الكثير وهذا الكثير كله حقوق مهنية ووظيفية، وهو ليس منّة وعطاءً من أحد بل هو حقهم كما أنه واجب السلطة والبرلمان وغيرهم. فالعيد ليس يداً مقطوعة وإنما يد تقطع الكعكة.