الرئيسيةرأي وتحليل

الشيخ أحمد كفتارو: قراءة على الضريح الطاهر، 13 عاماً على الرحيل

لم أكن أشعر حين ودعته يوم1/9/2004. أنني سأرثيه اليوم يعد ثلاثة عشر عاماً بعيون حزينة وذكريات أليمة… ليس حزني على الموت فهو القدر الذي كتبه الله لعباده وإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.ولكن حزني وألمي حين ارى تخامد رسالة الشيخ أحمد كفتارو العظيمة التي نذر نفسه لأجلها وهي الإخاء الإنساني والوحدة بين أبناء السماء. وهي الرسالة التي كان يرددها كل يوم في حياته الحافلة بالعطاء.

سناك سوري – أسماء كفتارو

رحل جدي بعد أن كرس في الأرض رسالة نقية طاهرة واضحة. كان يصرح بها في كل مكان. أنا لم أشاهد في حياتي كافراً. لقد طفت العالم من سان فرانسيسكو إلى اليابان ومن واشنطن إلى موسكو. وكان الإسلام في هذه العواصم جميعها محل احترام وتقدير.

قال لي زعماء الكرملين إن الإسلام الذي نسمعه منه نرفعه على العين والرأس. وقال لي بريجينيف رأس الاتحاد السوفياتي إذا كان الإسلام هو ما نسمعه منك فكلنا مسلمون. وسمعت ثناء على النبي صلى الله عليه وسلم في معاهد القوم كافة وفي كنائس الغرب ومعابد “الأموتو” و”السيخ” و”الصابئة”. وأعلن لكم أيها الابناء أن الإسلام لم ينهزم في أي معركة وأنه عاد ظافراً منصوراً. نعم لقد رأيت عددا من المنكرين للإسلام والمهاجمين له. ونحن نختلف في تأويلاتنا لهذه الظاهرة ولكنني على يقين انهم ما عادوا الإسلام إلا لجهلهم بمعناه. أو لتقصيرنا في الدفاع عنه. أو لأننا نقوم بتشويه صورته من حيث نريد او لا نريد.

إننا نتحدث عن الإسلام كعروس جميلة تتدفق بالأمل والعطاء والجمال. ولكننا نقدمه للعالم على صورة عجوز بائسة. أو نحدثهم عنه كطعام شهي طيب ولكننا نقدمه لهم فاسداً كالعصف المأكول. فهل نلومهم على نكرانهم للحق أم نلوم أنفسنا على فشلنا في عرض صورة الإسلام الصحيح؟ لقد نجح الشيخ كفتارو في جعل دمشق عاصمة للإخاء بين الأديان. وصارت أعياد المساجد والكنائس ترتل فيه الأناجيل والقرآن. وتلتقي فيها العمائم والقداديس. ويصلي فيها الناس اقتداء بمحمد والمسيح.

اقرأ أيضاً: شيخ دمشق.. الذي وزع المال على عاملات الجنس في رمضان

لم يكن يرى في اختلاف المذاهب إلا صورة لإرادة الله. تعكس غنى في المذاهب وثراء في الفقه وحلولاً للمجتمع. اليوم تطوف روح الشيخ أحمد كفتارو الطاهرة على سوريا المنكوبة الحزينة بعد أن تحولت مسرحاً للحرب والكراهية. وبعد أن صار نصف أهلها خارج أوطانهم. وانتشرت بين الفريقين ثقافة الكراهية والتخوين والوعيد والتهديد. واختفت كلمات المحبة والغفران وغابت صيحات الود والتراحم واستيقظت رياح الكراهية.

ربما نقول لو كان الشيخ حياً لنجح في وقف الحرب. ولكن هذه محض أماني. ولكنني أشعر بالأسى والحيرة من عجز مؤسساته عن حمل رسالته في الإخاء. وتحول كثير منهم إلى تكرار ما يردده المتعصبون من التكفير والتخوين وإصدار البيانات باسمه وعلى لسانه لإبعاد فلان واتهام فلانة وممارسة محاكم الفكر والإرادة.

إنني اقول بكل أمانة: الشيخ كفتارو لم يسجل في حياته كلها موقف كراهية. حتى مع أشد الناس إلحاداً فقد كان يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة. ولم يكن في قلبه أي مكان أسود يمارس فيه الكراهية والأذى.

إنني أنتظر من أبنائه وأتباعه في المجمع الذي أسسه أن يطلقوا للناس ما كرسه من قيم التسامح. وما علمه من رسالة الحب للعالمين. والإحسان إلى عباد الله أجمعين. والعمل على إعادة نشر فتاويه التي كرست المحبة والمودة. ودعت إلى بناء علاقات حب وود مع العالم كله على اختلاف أديانه ومذاهبه وطوائفه.

اقرأ أيضاً: كفتارو أطولهم مدة وحسون آخرهم … مفتو سوريا منذ الاستقلال

الإصرار على تكفير أتباع الأديان. وتدريس قتل تارك الصلاة. وتبرير ثقافة الغزو والفتح. وفرض الدونية على المرأة. وأمثال هذه الأفكار السوداء لاتزال في مناهجنا وتحتاج رجالاَ شجعاناً يتولون تصحيحها وفق منهج الشيخ كفتارو وتعاليمه.

رحم الله روحك الطيبة أيها المعلم الكبير. والأجيال ستبقى تقرأ من حكمتك وكلماتك وستظل ذكراك نشيداً في قلوبنا حتى نلقى على الحوض المورود. وأردد مع كلمات شاعرنا الفاضل زهير ظاظا وهو يتحدث عن رسالة الشيخ: كم بين عينيك من نهر يفيض ندى … وبين جنبيك من بحر يجيش وفا وكم منازعة الأقران تحرمهم …… وكم يقولون بعد العمر وااا أسفاً سيعلمون وبعض العلم كارثة …. إذا تمرد وجه الدهر وانتصفا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى