الرئيسيةشباب ومجتمع

السويداء.. حسنات الموتى لتعليم الشباب ومساعدتهم

مبادرات أهلية لدعم التعليم: ضجيج الرصاص لم يشتت المجتمع

اعتاد أهالي “السويداء”، على تقديم حسنات (نوع من الصدقات) عن أرواح أقرباهم المتوفين، والتي يقدمونها غالبا لخدمة الوقف والجمعيات الخيرية، إلا أن الغالبية منهم بات يدفع الحسنات للطلاب بهدف مساعدتهم على إكمال دراستهم وتخفيف ما أمكن من الأعباء المادية عنهم.

سناك سوري-رهان حبيب

يقول الدكتور “كمال قطيش”، الذي كان يقوم بتسليم مبلغ من المال لإحدى المبادرات الخيرية التي تعنى بالطلاب، إن المبلغ الذي سلمه من حسنة الطبيب المرحوم “عماد قطيش” وأضاف لـ”سناك سوري”: «اخترنا كعائلة أن يكون للطلاب حصة به، فإذا خسرنا طبيبا شابا من أولادنا نأمل أن نكسب أطباء جدد وكلهم أولادنا».

العرف المعتاد على مستوى المجتمع أن تقسم حسنة المتوفي لتقدم للجمعيات ومراكز حيوية بالقرى والمدن والهلال الأحمر وغيرها، لكن الواقع الاقتصادي بعد الحرب والغلاء الفاحش دفع الأهالي لتخصيص الجزء الأكبر منها للطلاب لتخفيف معاناة الأهل ومساعدتهم بتأمين جزء من مصاريف الطلاب للمرحلة الجامعية، كما أخبرنا “مروان أبو خير” 60 عاما وهو مغترب عاد منذ سنوات إلى البلاد، ويشرف على تنظيم وإدارة الحسنات لتصل للطلاب بيسر وبمواعيدها.

يضيف لـ”سناك سوري”: «منزل والدي القديم وسط المدينة يشهد على زيارات الأهالي وكل من أحب الدعم والمساعدة، بالنسبة لي تطوعت لهذا العمل بعد رحلة اغتراب طويلة ومن خلال هذا العمل لمست الخير الذي يدفع بأهلنا وشبابنا المغتربين بتقديم العون لطلابنا الذين نخبرهم دائما أن من واجبنا كأهل أن نساعدهم، ومن واجبهم بعد نيل الشهادة والاستقرار وتحسن ظروفهم مساعدة من يأتي بعدهم لتبقى سلسلة العطاء متصلة ولايحرم أولادنا من حقهم بالتعليم».

اقرأ أيضاً: السويداء…العمل المجتمعي ينتشر بالعدوى مبادرات تعليمية للمدرسين والطلاب

“أبو خير” يخبرنا أن قرابة 80 طالب وطالبة ممن تمت دراسة أوضاعهم، يحصلون على رواتب شهرية لا تقل عن 30 ألف ولا تزيد عن 40 ألف ليرة، من قبل جمعية “الإنسانية تجمعنا” المؤلفة من متطوعين من أبناء “السويداء”، وجمعية “كندا” وهي جمعية للمغتربين في “كندا”، بالإضافة إلى الأموال التي ترد إليهم من حسنات المتوفين.

ويضيف: «هذه إحدى الظواهر الاجتماعية الإيجابية التي تركت أثرا طيبا عند الطلاب والأهالي ليتمكنوا من إكمال دراستهم، ويضع المجتمع الأهلي بصمته في توجيه الشباب للدراسة دون الانحراف وسلوك طريق الخطأ».

يسرد “أبو خير” بعضا من قصص التبرع بحسنات المتوفين، ويقول لـ”سناك سوري”: «هل أعظم من جدة تقدم مليون ليرة عن روح حفيدها الذي خسرته في حادث مؤسف، وهل أصدق من أولاد يتكفلون بثلاث طلاب حسنة جارية عن روح والدهم، حالة من مئات الحالات التي تعطينا أمل وتوثق عروة الخير في قلوبنا وتؤكد أن ضجيج الرصاص لم يشتت المجتمع لتسير الناس باتجاه العلم كسلاح وحماية لأبناء نتحمل جميعنا مسؤولية نجاحهم».

يؤكد “أبو خير” أن المساعدة ليست عيبا إنما هي تعاون ودعم ومشاركة في الهموم اليوم، ويضيف أنه تقصدّ تحويل جزء من منزله إلى مشتل زراعي، حفاظا على كرامة المستفيدين وليظهروا حين يدخلون إليه وكأنهم قادمون لشراء الورود.

اقرأ أيضاً: بدعم المجتمع الأهلي.. طلاب الثعلة ينقلون إلى مدارسهم بالمجان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى