عبد الحميد السراج.. السلطان الأحمر زعيم زمن الخوف
رجل الأمن الذي صار وزيراً للأوقاف ... لمع بلحظة اغتيال وانتهى منسياً في مصر
يرتبط اسم “عبد الحميد السراج” في الذاكرة الجمعية للسوريين بالعقلية الأمنية التي حكمت البلاد لا سيما خلال فترة “الوحدة” مع “مصر”.
ويوصف “السرّاج” بأنه كان الحاكم الفعلي لـ”سوريا” خلال سنوات الوحدة الثلاث بين عامي 1958 و1961، مع الإشارة إلى أن تلك الحقبة أسست لنفوذ الأجهزة الأمنية في “سوريا” بعد ما عاشته البلاد من مخاض ديمقراطي أواسط الخمسينيات.
ينحدر “عبد الحميد السرّاج” من مدينة “حماة” وهو من مواليد العام 1925، وقد بدأ حياته العملية أواخر الأربعينيات حين دخل الكلية الحربية في “حمص” وتتضارب المعلومات حول مشاركته في القتال مع “جيش الإنقاذ” خلال نكبة “فلسطين” عام 1948.
في كتابه “السلطان الأحمر” يقول الصحفي “غسان زكريا” وهو عديل “السرّاج” أن هذا اللقب أطلقه الصحفي اللبناني “سعيد تقي الدين” على “السرّاج” مشبّهاً إياه بالسلطان “عبد الحميد” الذي عرف بقسوته خلال فترة “مذابح الأرمن”، مضيفاً أن “السراج” تحوّل من حارس على سوق “بحسيتا” في “حلب” الذي كانت تنتشر فيه بيوت الدعارة إلى رجل الأمن الأقسى في “سوريا”.
في السجن انهارت كل الأشياء الجميلة أمامي وبدلاً من أرى السماء رأيت الحذاء، حذاء عبد الحميد السراج محمد الماغوط
ورغم تدرجه في المناصب العسكرية ومعايشته فترة الانقلابات العسكرية في “سوريا” إلا أن نجمه لم يلمع إلا بحلول العام 1955، تحديداً لحظة اغتيال العقيد “عدنان المالكي” على يد رقيب ينتمي للحزب “القومي السوري الاجتماعي” يدعى “يونس عبد الرحيم” حين كان “السرّاج” يرأس جهاز “الاستخبارات العسكرية” والذي كان يعرف باسم “المكتب الثاني”.
اقرأ أيضاً: حين حلّ الشيشكلي الأحزاب السورية واستثنى البعث
استثمر “السرّاج” الحادثة حينها لشنّ حملة أمنية على القوميين السوريين واعتقل كثيرين منهم بما فيهم الكاتب الراحل “محمد الماغوط” الذي وصف تجربة سجنه في “المزة” قائلاً «في السجن انهارت كل الأشياء الجميلة أمامي وبدلاً من أرى السماء رأيت الحذاء، حذاء عبد الحميد السراج».
قدّم “السرّاج” نفسه كرجل بوليسي بامتياز ولم يكن ليبتعد اسمه عن اغتيالات عديدة بما فيها اغتيال “المالكي” نفسه، وقتل القيادي الشيوعي “فرج الله الحلو” تحت التعذيب والذي يقال أنه تم تذويب جسمه بالأسيد، إضافة لقتل الشيوعي الحلبي “بيير شادورفيان” تحت التعذيب في أقبية سجون “السرّاج”.
أبدى العقيد “السرّاج” تأييده للوحدة مع “مصر” وكانت شروط الرئيس “جمال عبد الناصر” حول حلّ الأحزاب في “سوريا” وتعليق الصحف مواتية لمناخ عمل “السرّاج” القمعي، وقد عيّنه “عبد الناصر” وزيراً للداخلية في جمهورية الوحدة، لكن اللافت أنه اختاره عام 1959 ليكون وزيراً للأوقاف إلى جانب مهامه في الداخلية، قبل أن يرفّعه لمنصب نائب رئيس الجمهورية في “سوريا” ويكون يد “عبد الناصر” الطولى في الإقليم الشمالي.
في 22 أيلول 1961، استدعى “عبد الناصر” العقيد “السرّاج” إلى “القاهرة” وطلب منه تقديم استقالته لاستبداله بالمشير “عبد الحكيم عامر” ولم يمض أكثر من 6 أيام على ذلك، حتى نجح الانقلاب على الوحدة في “دمشق” وتم اعتقال “السرّاج” ووضعه في سجن “المزة” الذي كان يزجّ فيه معتقليه، لكن “عبد الناصر” أنقذه من السجن بعد 8 أشهر حين نفّذت المخابرات المصرية بالتعاون مع القيادة اللبنانية آنذاك عملية أمنية نجحت خلالها في تهريبه من السجن ونقله إلى “القاهرة”.
انتهى حينها أي دور لـ”السراج” في الحياة السياسية والأمنية، واستقر في العاصمة المصرية بعيداً عن الأضواء حتى رحيله في 22 أيلول من عام 2013، فيما بقي اسمه حاضراً في التاريخ السوري كواحد من أبرز مؤسسي الأجهزة الأمنية في البلاد.
اقرأ أيضاً: “حرشو البرازي” .. قاتل الرئيس السوري الذي لم يندم!
فريق التحرير – سناك سوري