الزواج على سفر.. الهموم أبعد من مجرد التفكير بفستان وحفل الزفاف
تختلط الأحلام بالكوابيس.. هل ما أعيشه كابوس أم حلم؟
منذ اللحظة الأولى التي لامس فيها خاتم الخطوبة إصبعي، لم تعد حياتي عادية فأنا أعيش تجربة الزواج على سفر. وبتُ الفتاة السورية التي استبدلت البحث عن فستان الزفاف بالبحث عن كيفية الحصول على جواز سفر. وعوضاً عن جلسات العناية بالبشرة كان عليّ التأكد من علاج أسناني، وتطول القائمة جداً.
سناك سوري_سدرة نجم
يزداد الأمر صعوبة كون السفر لبلد أوروبي، هناك تكاليف العلاج مرتفعة جداً (رغم أنها مو كتير منخفضة عنا). لذا كان لابد من إجراء التحاليل كلها وعدم إهمال أي عارض على مبدأ (لسه متحملة بعدين بشوف طبيب).
توجب عليي أن أحصل على مواعيد عديدة لمراجعة الأطباء الذين أحتاجهم هنا. فحجزت دورا عند طبيب الأسنان الذي لم أكن أجرؤ سابقاً على زيارته. لكن اقتراب موعد السفر أخبرني أن الوقت قد حان لمواجهة مخاوفي مرة واحدة وعلاج أسناني.
كما أنني لم أُنهي سنوات الجامعة، فما زلتُ في السنة الأخيرة وعليه يجب إيقاف التسجيل كي لا أصنف من الراسبين والمنقطعين. اصطحبتُ والدتي لإجراء وكالة قانونية تستطيع من خلالها أمي متابعة الإجراءات التي تتطلب تواجدي. وعند حصولي عليها غمرتني فرحة عارمة فأنا لن أقلق بعدها من أمور جامعتي وخط هاتفي وما شابه.
رافقني كابوس الحصول على جواز السفر حتى حصولي عليه. راودتني الكثير من الأفكار التشاؤمية ماذا لو توقف إصدار الجوازات على حظي “السوري”. إلى أن حصلت عليه ورأيته أمام عيناي عليه (صرت فيق من نومي اتطمن عليه وارجع نام).
بتُ الفتاة السورية التي استبدلت البحث عن فستان الزفاف بالبحث عن كيفية الحصول على جواز سفر
لم أستيقظ بعد من كابوس جواز السفر حتى رافقه كابوس آخر وهو امتحان اللغة وما يترتب عليه من قلق ورهبة عند مقابلة السفارة. بدأت دوامة أفكاري مرة أخرى خصوصاً أنني أحسب كل شيء ولا يهدأ تفكيري، هل سأُقبل؟ هل سيأتيني الرفض؟ ما هو المصير؟ كم سأنتظر؟ وغيرها من الأسئلة.
مرة أخرى يزداد الأمر صعوبة، فالسفارة ليست في بلدي إنما في بلد آخر، فماذا لو منعوني من الدخول إليه.
وسط تلك الهواجس، تقول مشاعري كلمتها، تشاركني مخاوف الابتعاد عن الأهل والأصدقاء، مخاوف فراق حارتي والطرقات التي أحفظها غيباً. فكيف سأنجح في بلد ربما لن أعرف كيف أعود لمنزلي فيه، لا بأس سأعتاد. أنا سوريّة إذا أنا “ملكة التأقلم”.
بانتظار الفيزا عشت مشاعر خوف أستغرب كيف تمكنت من تجاهلها. لجأت للانشغال بأمور أخرى كي يتوقف التفكير، لكن عبثاً، حتى أتى ذلك اليوم وحصلت على البشرى.
العودة للهموم الروتينية
وأخيراً انتهى كل شيء، وحان موعد الهموم الروتينية لفتاة مخطوبة في مجتمعنا. من تحضيرات حفل الزفاف وشراء الملابس (يلي بدها ثروة).
في السوق باغتتني الأسعار المرتفعة، ولأول مرة شعرت بقيمة “الزواج على سفر”. حيث أن التفكير بوزن الاحتياجات لابد منه خصوصاً أنه محدود بالطائرة. لذا اقتصر الشراء على بعض المستلزمات الضرورية.
كابوس الوزن الزائد تصدرّ قائمة همومي هذه الفترة، فهل سأنجح بتجاوزه أيضاً. إذ أن كلفة الوزن الإضافي ليست بالقليلة ولن أستطيع تحمل أعبائها. (الوزن لازم يكون محسوب بالغرام).
كيف سأنجح في بلد ربما لن أعرف كيف أعود لمنزلي فيه، لا بأس سأعتاد. أنا سوريّة إذا أنا “ملكة التأقلم”.
بعد كل تلك الكوابيس والمخاوف وصلت إلآن إلى مرحلة التحضير لحفل الزفاف وبدأت أفكاري المتلاحقة كيف سأبدو في عرسي؟. هل سيحدث شيء غير متوقع؟ كيف ستمضي ليلة فراقي عن أهلي؟ ما هي مشاعري؟ وما هو المستقبل الذي ينتظرني؟.
تنتهي حفلة العرس وكل ما رافقه من تفكيرات سابقة لأصحى على حلم سيرافقني طويلاً وهو انتقالي من الفتاة المدللة في بيت عائلتها. إلى الحياة الزوجية وما يرافقها من أعباء ومسؤوليات في بلاد الغربة حيث لا أعرف بها أحداً سوى زوجي.
كيف سأنجب طفلي الأول بعيداً عن والدتي، من سيساعدني في تلك المرحلة. وهل سأنجح بهذا الاختبار؟. لا يبدو الزواج على سفر سهلاً أبداً.
تنتهي الأيام ولا ينتهي ما أعيشه. المشكلة الحقيقية أن الكوابيس تختلط بالأحلام، لا أعلم ماذا أعيش بالضبط، هل كابوس الفراق والغربة. أم حلم الزفاف بمن أحببت؟.