الزلزال والدين والعلم – ناجي سعيد
كَثُرَ علماء الدين الذين يربطون أسباب الزلزال بالانحلال الأخلاقي
روي عن الصحابي أنس بن مالك أنَّ رجلاً أتى إلى النبي “محمد” يطلبُ مشورته في أمر يخصُّ موضوع التوكُّل على الله. سائلًا إياه بين أن يُطلِقَ ناقته دون أن يقيِّدها ودونَ أن يربطها برباطٍ يمنعها من التحرّك والضياع، ويتوكَّل على الله.
سناك سوري – ناجي سعيد
ويقصِد بذلك أن “التوكًل على الله” يغني عن عقلِ الناقة أو ربطها!. ولكنَّ رسول الله، بيَّن له بثلاث كلماتٍ مُختصرات قاعدةً عظيمةً في الحياة، فقال له: “بل اعقلها وتوكل”.
ومعنى ذلك أن يربطَ ناقته ويوثقها ثمَّ يتوكًّل على الله، وهو حثٌّ على الأخذ بالأسباب. وهذه دعوة لانتهاج التفكير العلمي، وعلى عكس ما يفعله كثيرون، من إغماض عيون العقل لمعرفة الأسباب التي تؤدّي إلى معضُلة تواجههم.
ففي جولة بسيطة الآن –عصر التكنولوجيا- على متن وسائل التواصل الاجتماعي، يُتحفنا روّادها بأنّ الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا فجر 6 شباط، ما هو إلاّ غضب من الله على الناس.
وكَثُرَ علماء الدين الذين “يتفاقهوا” ويربطوا أسباب الهزّة بالانحلال الخُلقي والسفور. وهو اتهام مسيء للمجتمعات من جهة وتكفير جماعي من جهة أخرى. وهو أيضاً احتكار للإيمان وإساءة للدين من وجهة نظري. حيث بإمكان الآخرين الرد على هذا الخطاب أن المساجد والكنائس دمرت بالزلزال أيضاً وهي بيوت الله.
إن أصحاب هذا الخطاب لو يبذلوا أي جهد ليتعرفوا بأنّ: «صدع شرق الأناضول هو خط زلزالي عبارة عن كسر في الصخور يؤدي إلى انزلاقات زلزالية تتدافع بموجبها ألواح صخرية صلبة على امتداد خط الصدع الرأسي. مما يؤدي إلى زيادة الضغوط حتى تنزلق إحداها في النهاية في حركة تفضي إلى إطلاق قدر هائل من الطاقة التي يمكن أن تتسبب في حدوث زلزال».
عالمة البراكين “واوردت كارمن سولانا” ترى أن تشييد المباني يشكل عاملاً رئيسياً عند حدوث الزلزال. وفي حديثها لوكالة فرانس برس قالت إن:«مقاومة البنية التحتية ويا للأسف متفاوتة في جنوب تركيا وخصوصا في سوريا. لذلك، فإن إنقاذ الأرواح يعتمد الآن على سرعة الإغاثة». وعند حدوث الزلزال في بوهانغ في كوريا الجنوبيّة الذي وقع في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، خلُصَ التقرير الذي نشره خُبراء، إلى أن هذا الزلزال نتج عن أنشطة بشرية.
بالمحصلة لست خبيراً جيولوجيًّا، ولكنّ جمعت هذه المعلومات، فقط من أجل أن أفهم الأسباب العلميّة للزلازل والهزّات. فالحدث علمي، ويحتاج العقل لفهمه، وليس قدرًا أحمق الخطى.
وكي لا نُحمّل الأسباب للدين والقدر، فالكارثة علميًا تكون: من ميل تغييرات بيولوجيّة جيولوجيّة، ومن ميل آخر نشاط بشري.
وما يمكننا السيطرة والتحكّم به، هو النشاط البشري، فنَعيرُ اهتمامًا لأي سلوك نقوم به، يؤدّي تراكمه إلى الكوارث.
وهنا أستذكر ما جاء في كتابٍ “العادات الذرّية” لـ “جيمس كلير” يقول: «العادة سلوك أو ممارسة روتينيّة تؤدّى بانتظام، استجابة أوتوماتيكيّة لموقف مُعيّن».. وما أريد التحذير منه، هو عادة “التفكير الغيبي” المُتوارث والإيمان بالقدر، فقد كان لي صديق أيّام المدرسة يقول لي وقت الإمتحانات: أنا ما بدرس، والله إذا بدّو ينجّحني بنجح!. ولا يسعني إلاّ أن أقول لصديقي ولروّاد وسائل التواصل الاجتماعي. الغيبي: اعقلوا وتوكّلوا. ولا تقذفوا النفايات في البحر وتقتلوا الحيتان ثم تقولوا هذا غضب الله عليها. ولا تسيؤوا للطبيعة بسلوككم الملوث لها وتقولوا بعدها لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا.
اقرأ أيضاً :الشماتة بالموت .. وتحريم الترحم؟ -ناجي سعيد