الرفاق يعيدون إعمار ماتهدم بالشعر والدبكة !!!

الجائعون يأكلون الشعر والمرضى يتداوون بالدبكة … والضفة التي احتلتها أميركا تستعاد بالهتافات
سناك سوري – فراس الهكار
أيام فقط قد مضت على انعقاد مؤتمر فرع الرقة لحزب البعث العرب يالاشتراكي في مدينة حماة، صخب ولغط خلال المؤتمر وبعده، لم يعجب أعضاء القيادة القطرية الذين حضروا المؤتمر ما جرى خلاله، ولم يجدوا إنجازات على أرض الواقع، فعاتبوا مسؤولين الرقة الذين يقيمون في “دمشق” و”حماة” عتاب “حبايب”، كمن يقول لأولاده:«بوسوا التوبة. واحلفوا ما تعيدوها».
لا إنجازات تحققت بعد دخول القوات الحكومية وطرد تنظيم “داعش” من أرياف شرق وغرب وجنوب “الرقة” سوى تفعيل الفرق الحزبية والحلقات والشُعب وتقاسمها مع المناصب والمكاسب والوجاهة وفق “الكوتا” العشائرية التي لم تُثمر شيئاً سوى مزيد من الضغينة تجاه الدولة والمجتمع لأنها لم توصل أحداً إلى مواقع القرار سوى اللصوص والفاسدين.
لم يتوقف صرف الفواتير والميزانيات على الورق، الحديث يدور حول مليارات صُرفت في “الرقة” منذ سبعة أشهر وحتى اليوم، إلا أن أهل الرقة أنفسهم لم يقطفوا ثمار تلك المليارات إنما سمعوا بها فقط، وبالطبع لن يشاهدوها أو يشعروا بها على أرض الواقع لأنها ليست سوى فواتير صُرفت وحبر على ورق.
يعاني الأهالي في المناطق التي استعادت الحكومة السيطرة عليها من انتشار الأوبئة والأمراض وخاصة بين الأطفال، كالحمى التيفية والمالطية واللاشمانيا والجرب والربو والعواية..وغيرها من الأمراض، وفي ظل تقاعس المسؤولين عن أداء مهامهم كما ينبغي، انبرى مدير ثقافة الرقة وحضّر لمهرجان ثقافي يُعتبر الأول من نوعه في تاريخ المحافظة التي اشتهرت خلال عقد مضى من الزمن بتميز أنشطتها الثقافية على المستوى العربي، وهي التي كانت إلى أمد قريب تستقبل أدباء وكتاباً وشعراء وفنانين من مختلف الدول العربية.
يُعتبر مهرجان مديرية ثقافة الرقة الأول من نوعه ليس من حيث الأهمية والضرورة المُلحة لإقامته إنما من حيث طول العنوان وركاكته: (من ضفاف الفرات إلى غوطة دمشق…تنتصر إرادة الحياة في وطن الحياة سورية)، ويتضمن المهرجان عنواناً آخر لمعرض تصوير الضوئي، وهو: (الرقة من الدمار إلى الإعمار)، وقد يكون في ذلك المعرض فرصة حقيقية لأهالي الرقة المنكوبة كي يشاهدوا الإعمار في الصور، هي الصور ذاتها التي يعلقها الرفيق جوهر بومالحة على جدران غرفته إيماناً بواجبه الحزبي وعروبته المغتصبة. إذ أنهم كما يبدو لن يشاهدوا الإعمار على أرض الواقع وفيهم رمق.
كما سيقرأ الرفاق الشعر دون أن يُفصحوا عن أسماء الشعراء، وسيكون هناك ندوة ثقافية بعنوان: (ضفاف الفرات من الانتصار إلى الإعمار)، المشكلة هنا أن الرفاق تناسوا أنهم يسيطرون على ضفة واحدة فقط وهي اليمنى وليست بأكملها تحت سيطرتهم، أما اليسرى فيحتلها الأمريكي، لكنهم مع ذلك سيعمرون الضفتين، وقد يضعون مكبرات صوت ضخمة كي يسمع أهالي الرقة في الضفة المقابلة الدرر.
أما مسك الختام فهو مع الدبكة والرقص، فسيكون يوم الجمعة، وتحديداً مع موعد صلاة الجمعة في بلدة السبخة، ستُحيي الحفل فرقة الرقة للفنون الشعبية، حفلاً فنياً راقصاً ودابكاً قد يُنسي الأهالي أن سعر سبعة أرغفة من الخبز هو 250 ل.س من الفرن الخاص المُفتتح في المنطقة، وأن الفرن الحكومي لا يخبز أكثر من ساعتين يومياً رغم أن مخصصاته ثمانية أطنان من الطحين يومياً، وربما تُسكن الأنغام آلامهم وأوجاعهم قليلاً..
تؤكد كل الأخبار الواردة من الرقة أن سبع سنوات من الموت والتهجير والقتل والدمار لم تكن كفيلة بتغيير أي شيء، الناس متعبون جداً، أنهكتهم الحروب التي دارت في مناطقهم، والفصائل التي تعاقبت على حكمهم، وظنوا أنهم سيجدون شيئاً قد تغير في سياسة الحكومة تجاههم، إلا أنهم كلما رأوا سحنة المسؤولين الذين أولتهم الحكومة شؤون هؤلاء الناس ومناطقهم تأكدوا أن شيئاً لم يتغير، فالفساد ذاته، والرشوة منتشرة ومستفحلة، والعقليات ذاتها وما زال هناك من يُفكر بإقامة مهرجانات للدبكة بدل أن يقدم للأطفال أحذية ومستلزمات مدرسية، ويُقيم لهم أنشطة دعم نفسي كي تنسيهم حقبة داعش المأساوية، ليست مطالب الناس كبيرة هم يطالبون بما يحتاجونه، هم أحوج إلى الخبز والعلاج والشعور بالأمان أكثر من حاجتهم إلى مهرجان للدبكة، كلهم مزارعون يحتاجون إلى مياه الري وخطوط الكهرباء والهاتف أكثر من حاجتهم إلى الاجتماعات الحزبية والمحاضرات الخلبية عن الحرب الناعمة والمؤامرة الكونية التي يقيمها الرفاق المسؤولون كلما زاروا المنطقة بين فترة وأخرى. حيث يزورونها كغرباء عنها، يطلبون من الاهالي وأطفالهم الهتاف للرئيس، ثم يلتقطون الصور لنشرها في الفيسبوك، ويعودون إلى أسرتهم الوثيرة في العاصمة و”حماة وطرطوس وحمص واللاذقية” غير آبهين سوى بزيادة أرصدتهم وتحقيق مكاسب جديدة. وويل لمواطن لم يدبك، وويل لآخر دبك ولم ينخ، يجب أن ينخ خوفاً من الرفاق وتقاريرهم الكيدية التي فصلت الآلاف من أبناء الرقة الذين كانوا موظفين في مؤسسات الدولة، وكل ذنبهم أنهم لم ينخّوا للرفاق.
اقرأ أيضا : السوريون بعد سريان قانون الجرائم الإلكترونية: “من صفحة لصفحة ويا مارك السِتّرة” !