الرئيسيةرأي وتحليل

الخلل المنطقي أعمق وأخطر من الخلل السياسي – أيهم محمود

لو شعرت بالظلم من تهميشك سياسياً واجتماعياً، لما رفعت صورة رمزٍ لا يقبل أي تعددية

سناك سوري-أيهم محمود

لن أطيل الكلام في هذا المقال، فلا يوجد الكثير مما يُقال عن العلاقات المنطقية البسيطة التي تحكمها لغة العلم ولغة الرياضيات، قانونٌ من بضع رموزٍ مثل قانون الحركة في الفيزياء، الذي يتعلمه أطفالنا في المدارس يحكم حركة أجرام الكون كله.

القوانين بسيطةٌ دائماً ومختصرة، وحده الجدل العقيم يمتد في مجلدات ضخمة عندما يريد البشر قلب الحقائق لتناسب جشعهم وأطماعهم، التزوير صعبٌ ومضني، بينما قول الحق والحقيقة لا يحتاج سوى بضع كلماتٍ صادقة، غالباً ما تترك صاحبها يواجه مخاطر عالية قد تصل إلى التعذيب والقتل، فالبشرية ما زالت بعيدةً عن التخلي عن أوهامها حلوة المذاق وقبول الحقائق المرّة القاسية.

لماذا بدأت بهذه المقدمة؟

لأن صراخ الخلل المنطقي المتجذر في التفكير البشري، يشل أي أملٍ لنا في الخروج من قاع العنف والعبثية التي نعيش فصولها يومياً، لقد فتحتْ مواقع التواصل الإجتماعي الباب لرؤية أمراضنا المزمنة خاصةً في ظروف الصراع الداخلي في سوريا وعودة أحلام الفرقاء للخروج إلى الساحة الإعلامية في ظاهرةٍ صحيةٍ متأخرة، ربما لو خرجت هذه التناقضات على شكل دفعاتٍ مُيسّرة خلال العقود القادمة وتعرضت للنقد ولضوء الشمس لما وصلنا إلى ما نشاهده الآن حولنا، هذا اعتقادي الشخصي على الأقل، وللقراء الحكم بأنفسهم على ما حدث ويحدث من وقائع تحيط بهم.

اقرأ أيضاً: امتلاك السلطة ليس كافياً لإحداث التغيير – أيهم محمود

في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى امتداد أكثر من بلدٍ عربي بشكل عام، وفي سوريا الجريحة بشكلٍ خاص، نشاهد صور الزعماء السياسيين المحليين والعالميين، الأحياء منهم والراحلين، تزين صفحات الكثيرين وتزين بدايات منشوراتهم وهم يطالبون بحقهم في المشاركة السياسية في حكم بلدانهم، إن لم يطالبوا بالحكم كله وهي حالةٌ ليست نادرة، الخلل الرئيسي في مطالباتهم يكمن في أن الرمز السياسي الذي يُجِلّونه أو حتى يقدسوه إلى حد العبادة، لم يقبل أثناء حكمه البلدان المحلية أو العالمية وجود صوتٍ يعترض حكمه.

لو شعرت بالظلم حقاً من تهميشك سياسياً واجتماعياً، لما رفعت صورة رمزٍ لا يحترم ولا يقبل أي تعددية وأي صوتٍ يخالفه في قناعاته وآراءه أيهم محمود

 

المقالة انتهت!.

أي خللٍ منطقي قاتل يدفع البشر، لاستخدام رموزٍ سياسية تتعارض جملةً وتفصيلاً مع كل مطالباتهم السياسية؟.

لا يتوقف الخلل المنطقي هنا على الواقع السياسي بل يتعداه إلى كل مناحي حياتنا الاجتماعية ليشكل انفصاماً منطقياً قاتلاً وخطيراً يقودنا إلى تأليف مجلداتٍ من الكلمات المتناقضة بينما الحقيقة هي في قانونٍ بسيط: “عامل الناس كما تحب أن يعاملوك”، فلو شعرت بالظلم حقاً من تهميشك سياسياً واجتماعياً، لما رفعت صورة رمزٍ لا يحترم ولا يقبل أي تعددية وأي صوتٍ يخالفه في قناعاته وآراءه.

ليلنا طويل، بطول الكلمات التي نؤلفها بعيداً عن المنطق العلمي الصارم الذي يحكم الكون كله ويقف عاجزاً أمام فُصام وعنصرية البشر.

اقرأ أيضاً: الوباء الطائفي نفسه في صيغةٍ عكسية – أيهم محمود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى