الرئيسيةسوريا الجميلةشباب ومجتمع

الجدة جمال.. تتقن الإسبانية ونسيج السنارة

جمال أبو منصور.. الجدة التي لا تقبل زيارتك دون أن تغادر حاملاً هديتها

تقدم الثمانينية “جمال أبو منصور”، لزوارها “الشيال” الذي تحيكه بيديها حتى اليوم، بالرغم من معاناتها مع مرض اعتلال الأعصاب الذي أصابها مؤخراً، مستخدمة بذلك سنارة خاصة وخيوطاً رفيعة يصعب على الشابات التعامل معها.

سناك سوري – رهان حبيب

القطعة التي تحمل الاسم الدارج “شيال”، هي نوع من القطع التي تستخدم لتحمي اليد من حرارة ساعد الإبريق بعد إحضاره من الموقد، لا يتجاوز طولها عشرة سنتيمتر حسب وصف “أبو منصور” لسناك سوري، مشيرة إلى أنها تعتبر هذا العمل الذي اكتسبت مهاراته منذ أيام الشباب يوفر لها التسلية كونها تعيش وحيدة.

الشيال التي تستخدم لحماية اليد من حرارة الأواني المنزلية

الجدة الملقبة “أم يوسف”، تقدم ماتنسجه من قطع الشيالات هدية لكل زائر لها في المنزل، ولاتقبل أن يرفض أحد هذه الهدية لأنها حسب تعبيرها تريد أن تودع لديه ذكرى لامرأة اغتربت وذاقت ألم الفقد لزوجها الشاب، الذي ساعدته سنوات طويلة لجمع مايستر عائلتها، وعاشت بعد وفاته أياماً قاسية.

عن ماضي الأيام تخبرنا أنها تعلمت للمرحلة الإعدادية قبل الزواج والسفر، تمكنت من إتقان اللغة الإسبانية قراءة وكتابة في غربتها بـ”فنزويلا” وتعلمت من مجلات تخصصت بالحياكة تصاميم تحتفظ بها وتعيد حياكتها بتصاميم مختلفة وتقول :«تهتم النساء “بفنزويلا” بالعمل اليدوي كنت شابة نشيطة أتعلم كل ما أراه من المرة الأولى، يبدو أن الذهن الصافي ساعدني للاحتفاظ بالنقوش الجميلة التي أعدت حياكتها لمرات ومرات، ومنذ عودتي إلى “سوريا” منذ خمسة عقود بقيت السنارة وسيلتي الوحيدة للعمل، وهذه الأيام للتسلية وعدم مراقبة عقارب الساعة واسترجاع مذاق مرارة أيام مضت».

اقرأ أيضاً: سمية الحمادي.. بائعة العصير تحبّ زوجها ولا تهتم لنعومة يديها

هذه القطعة الصغيرة التي لا تتوقف عن حياكتها، أصبحت بديلا عن قائمة طويلة من القطع والتصاميم التي صنعتها مثل مفارش الطاولات والشراشف دقيقة الصنع، واضطرت للتوقف عن حياكتها منذ عامين، مضيفة: «تعرضت لاعتلال بالأعصاب أجبرني على التوقف لسنتين، من بعدها عدت أحيك هذه القطع التي لا أتوقع أن سيدة تتمكن من الاستغناء عنها للزينة ودائماً أحتاط على الخيوط والألوان، لتكون هديتي لكل من زارني أو طلبها».

من أعمال الجدة جمال أبو منصور

السيدة شاركت في عدة معارض، وكان لها ركن جميل في التكية السليمانية في المعارض الأخيرة، وتتحدث أعمالها المنتشرة في منازل المحافظة، عن مهارتها وصبرها كما أخبرتنا ابنتها “كارميلندا رسلان” التي تعلمت منها الأعمال اليدوية وتضيف: «قد لايخلو منزل من حياكتها صنعت وهي شابة مئات القطع، وتابعت دون ملل راقبتها وعلمتني ما ساعدني على امتلاك الصبر، الذي مكنها من تلبية احتياجات أسرة كاملة، وبقيت تقدم عملها هدية أو حسب الطلب، ولغاية هذا التاريخ أعرض أعمالها في صالتي وفي معظم المعارض التي أشارك فيها ولغاية العام الماضي تزور المعرض وتشاركني تنسيق الأعمال».

يذكر أن الجدة “جمال”، وهي من مواليد ١٩٤٠ لاتحتاج النظارة إلا لرؤية البعيد، وفي الغالب تحيك بدونها، لكنها تضطر للجلوس فترة أطول بعد أن ألقت سنوات العمر ثقلها على جسدها وروحها التي حملت بمقدار التعب محبة للحياة والعمل.

اقرأ أيضاً: مهنة هدى جمول تزداد نشاطاً سوريات ينفضن الغبار عن ماكينات الخياطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى