في 12 نيسان 1961 صعد الإنسان للمرة الأولى إلى الفضاء الخارجي، ليتمكن رائد الفضاء السوفييتي “يوري غاغرين” حينها من الدوران حول الأرض في أول رحلة بشرية فضائية عبر التاريخ. يأتي ذلك بعد أربع سنوات على إطلاق السوفييت (سبوتنيك ون)، أول قمر صناعي من صنع البشر إلى الفضاء. لتفتح تلك الرحلة الباب على مصراعيه للتنافس الدولي في استكشاف الفضاء الخارجي. خصوصاً بعد تمكن رائد الفضاء “نيل آرمسترونغ” من أن يطأ بقدمه سطح القمر في 20 تموز 1969، لتتالى بعدها الدول في إطلاق ما بين 10 إلى 60 قمر صناعي كل عام حتى العام 2010. في حين تضاعفت الأرقام بعدها، إذ أُطلق عام 2020 و2021 أكثر من 2700 قمراً في المدار المنخفض (وهي منطقة تمتد حتى ارتفاع 2000 كيلومتر من سطح الأرض). ليبلغ إجمالي الأقمار الصناعية النشطة اليوم في المدار المنخفض إلى أكثر من 7500 قمراً وفقًا لمؤشر أجسام الفضاء الخارجي التابع للأمم المتحدة.
سناك سوري – شعيب أحمد
على هذا واحتفاء بالذكرى السنوية الخمسين للرحلة البشرية إلى الفضاء، أعلنت الجمعية العامة في 7 نيسان 2011، يوماً دولياً للرحلة البشرية إلى الفضاء، ليكون بمثابة احتفال سنوي ببداية عصر الفضاء للبشرية، وذلك بهدف التشجيع للتعاون الدولي من أجل “تحقيق أهداف التنمية المستدامة وزيادة رفاه الدول والشعوب وكفالة تحقيق تطلعاتها إلى الحفاظ على استخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية”.
اقرأ أيضاً: 8 ﻧﺼﺎﺋﺢ ﻟﺘﺠﻨﺐ ﺗﻠﻮﺙ ﺟﺮﺡ ﺍﻟﻘﻴﺼﺮﻳﺔ ….
حيث تتنوع وظائف ومهام الأقمار الصناعية اليوم ما بين الأغراض العلمية في دراسة الكون والأجسام السماوية وتصوير الأرض وتحليل التربة والمصادر الطبيعية التي من الصعب الدخول إليها وتحليلها أرضياً وفي الأرصاد الجوية، وتحديد المواقع والمتابعة حيث تستخدم في ملاحظة الأرض والفضاء الخارجي، هذا بالإضافة إلى استخدامات التجسس والاستخبارات.
التجربة السورية: “سويوز TM-3”
في 22 تموز عام 1987 أقلع رائد الفضاء السوري “محمد فارس” برفقة رائدي الفضاء السوفيتيين “ألكسندر فيكتورنيكو” و”ألكسندر ألكساندروف” على متن المكوك سويوز TM-3 من محطة “بايكنور” في “كازاخستان”.
و سويوز TM-3 هي ثالث مركبة فضائية مأهولة تزور المحطة الفضائية مير، بعد سويوز-T15 وسويوز-TM2. وذلك في سياق تعاون علمي في مجال الفضاء بين سوريا و الاتحاد السوفيتي.
يعود الاهتمام السوري بالفضاء إلى سبعينات القرن الماضي عن طريق مراكز البحث العلمي ومراكز الاستشعار عن بعد التي تبعت بعد ذلك ما يعرف باسم “الهيئة السورية العامة للاستشعار عن بعد”. وفي الثمانينات تطور مستوى التعاون مع الاتحاد السوفيتي في مجال الفضاء ليتم الاتفاق بين الحكومتين على إطلاق رحلة فضائية مشتركة بين البلدين.
وبعد مرور يومين على إطلاق الرحلة التحمت المركبة مع محطة الفضاء الروسية “مير” وذلك على ارتفاع 400 كيلومتر عن سطح الأرض والموجودة بميلان ثابت عن خط الاستواء وهو 51,2 درجة. لتعود لتهبط مركبة الفضاء سويوز T.M 3 بسلام في سهول كازخستان بعد أن قضت ما يقارب ثمانية أيام في الفضاء.
اقرأ أيضاً: التنمية العميقة.. مسائل أولية – مازن بلال
وخلال الرحلة قام رائد الفضاء السوري بإجراء 13 تجربة علمية سورية SYRIAN – B 13 كان قد تم الإعداد لها مسبقاً عبر فريق من العلماء السوريين وهي تجارب صهر وخلط معدن الحديد والألمنيوم في الفضاء بغية استخلاص معدن صناعي جديد، وتجربة صهر وخلط معدن الجاليوم والأنتيمون للحصول على مادة تدخل في صناعة أشباه الموصلات وتدخل في الصناعات الإلكترونية، وتجربة خلط ثاني أكسيد الأباتيت مع الأملاح والماء للحصول على مادة لصناعة الأسنان التعويضية، وتجربة دراسة الطبقات الفضائية على ارتفاع 300 كم عن سطح الأرض وتم إجراء هذه التجربة 12 مرة واستغرقت 24 ساعة، وتجارب أخرى للاستشعار عن بعد وتصوير سوريا من الفضاء، وتجارب دراسة المياه الجوفية في سوريا وأنواع التربة وتجربة طبية وهي مراقبة القلب والتي تمت لمدة 48 ساعة عبر جهاز خاص، وتجربة تأثير الفضاء على سلوك رواد الفضاء وتجربة تأثير الفضاء على الدورة الدموية في جسم الإنسان.
اقرأ أيضاً: التنمية المحلية.. مقاربات أم إشكاليات – مازن بلال