الرئيسيةرأي وتحليل

أين نحن من التحفيز الذي يدفع الشباب لتحقيق الطموح – ناجي سعيد

أخبرونا عن طموحكم هل حققتموه أم تغيّر بفعل الظروف والتجارب؟

نصادف في العادة شخصًا نشيطًا، فنبادر إلى وصفه بأنّه “طموح”. والرابط بين صفة النشاط والطموح، هو السلوك والمواظبة على إتمام المهمّات على أكمل وجه.

سناك سوري-ناجي سعيد

وفي حديثنا عن الطموح اليوم، أطرح السؤال: هل تحفيز الشباب يُجدي للمضيّ قدمًا في السعي إلى تحقيق الطموح؟ فببساطة قبل أن أبدأ بكتابة المقال. سألت ابن شقيقتي الشابّ العشريني: ما هو طموحك؟ فقال: ليس لديّ طموح!! ثمّ استطرد، بأنّ هذا الجواب ما كان إلّا هروبًا من السؤال.

وفي الحالتين يمكننا الاستنتاج، بأنّه، على الرغم من نجاح هذا الشاب في مجال الدراسة والعمل، لا بل كان طموحًا، وأُحبط تمامًا حين كان الأجدر لتمثيل لبنان في الصين. فقد تفوّق في إتقانه اللغة الصينيّة، لكنّ حجّة القيّمين على اختيار متفوّق ليمثّل لبنان، بأنّه فلسطيني، مع العلم بأنّ الغلبة كانت للمحسوبيّات.

وليس هذا سوى مثال وليس على سبيل الحصر. فحين نتطرّق إلى الحديث عن الطموح، يمكننا القول بأنّ الطموح هو حالة يعيشها الفرد، وتُحفّزه للعمل بجدٍّ ونشاط ليصل إلى مبتغاه. وللأسف فإنّ الوضع العام يؤثّر تمامًا على هذا الطموح الكامن في المساحة الفرديّة الخاصّة. وحتّى لو كُنتُ من المهتمّين بالشأن العام، فالعاملون بهذا الشأن والذي يتبوّؤن مناصب مسؤولة، يقتلون طموح الأفراد في حال تسرّب الفساد إلى داخلهم.

وقد أخبرتني الدكتورة أوغاريت يونان، بأنّه عُرض عليها استلام وزارة التربية، ورفضت، وعلى الرغم من إمكانيّاتها وقدراتها التربوية على تسلّم هكذا منصب. إلّا أن- وهذا حقّها- طموحها كان نشر ثقافة اللاعنف في العالم العربي، فعملت مع د. وليد صليبي على تأسيس جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان في العالم العربي.

اقرأ أيضاً: أغاني الأطفال أحد أهم أركان بناء الشخصية – ناجي سعيد

وهذا الطموح الفردي، صبّ اهتمامه في مجال الشأن العام، وهو لصالح الإنسانيّة جمعاء. الطموح قيمة، والقيم لا يمكن أن تكون سلبيّة أو شرّيرة. فمن يطمح إلى فرض أيديولوجيّته على الآخرين بالإكراه، لا بدّ أن يسلك طريق العنف، وهذا غير مقبول.

فالاستعمار على مرّ التاريخ، لم يكن سوى رغبة بالسيطرة ونهب الموارد والطاقات. فاللاعنف لا يعترف برغبة أو مصلحة فئوية، يمارسها أصحابها على أساس أنّها “طموح”! تربويًّا، نُشجّع ونحفّز الطلاّب وبطريقة إيجابيّة، ليمضوا قدمًا في اجتهادهم. فكمّ منّا حمّله المُدرّس/ة نجومًا لاصقة على دفتره أو جبينه. عند إتمامه وظيفة أو امتحانًا بشكل ممتاز.

التحفيز يُعزّز الطموح، ليُنتج مسارًا إيجابيًّا لصالح البشر. حتّى في حالة الاستعمار كان تحفيز غاندي لأبناء بلده على تحريرها من الاستعمار البريطاني، تحفيزًا ايجابيًّا، لتحقيق طموح التحرير اللاعنفي من أقوى الدول في العالم. والحال كان مرتبط بأن استخدم الشعب الهندي (لتحقيق طموحه في تحرير الهند) إمكانيّاته الداخليّة، أفرادًا وجماعات. فثقافتهم البوذيّة، النابعة من ديانتهم، مكرّسة من خلال طريقة عيشهم التي تتلخّص في: عدم أذيّة الآخر.

وما كان من غاندي إلاّ أن قتل من خلال لقاءاته مع الناس رغبتهم -الفرديّة- في الانتقام وردّات الفعل العنيفة. كان طموحهم “التحرير”، وكانت فلسفة غاندي متوّجة بطموح نشر ثقافة اللاعنف في العالم. وقد أثبت صِحّة نموذج قدّمه بأن كان تحرير الهند من أعتى الدول وأعنفها في العالم.

كان طُموح المواطن الهندي الذي انفعل وقال لغاندي: يجب ألا نسكت عن عنفهم، فالعينُ بالعين. فأعطاه غاندي نتيجة طريقته العنيفة. فأجابه بجملة تاريخيّة: العين بالعين فيصبح العالم أعمى!!.

وأختم بأن أقول لابن شقيقتي: لا تتهرّب من السؤال، ولو اضطررت لأن تغيّر طموحك. ولو صار طموحًا صغيرًا، وأذكر ما قال زياد الرحباني: “مابدّي غيّر العالم، بس بعمل جهدي ما حدا يغيّرني!” وما أوافقه فيه، بأنّ كل من يثق بالبيئة التربوية التي ترعرع فيها. فليبذل جهده على ألا يُغيّر بطموح صغير زرعه أهله، وهم واثقين بأنّ هذا الطموح لن يجعل العالم أعمى. بل يجب أن ترى أكثر ممّا تراه عينك.

اقرأ أيضاً: الإدمان وتقدير الذات – ناجي سعيد

زر الذهاب إلى الأعلى