أول عملية احتيال لي حققت نجاحاً مدوياً – رحاب تامر

أخطو أولى خطواتي لأصبح مُحتالة ماهرة.. بدأت بصينية البطاطا بالفروج ولن أتوقف قبل أن أصل إلى المحشي والبامية إلا الملوخية ما قدرت عليها حتى الآن
سناك سوري-رحاب تامر
بداية أصدقائي وصديقاتي، دعونا نتفق على أننا كسوريون بارعون جداً بالاحتيال، بكل أنواعه وفنونه، نتقنه لدرجة أننا قد نحتال على أنفسنا إن لم نجد أحداً نحتال عليه، فالاحتيال في مجتمعنا مرتبط بمفهوم “الشطارة” و”الحربقة”، ويُثنى على ممارسه ويزيد الإطراء كلما اشتدت المنفعة المرتقبة من هذا الاحتيال.
كمواطنة سورية تعيش ما تعيشه البلاد اليوم، قررت التحرر من مبادئي قليلاً، والتوجه بخطوات قوية ثاقبة نحو الاحتيال، ووقع الاختيار على صينية البطاطا بالفروج، ما الداعي لوجود الدجاج فيها، ولماذا لا يكون اسمه مجازياً فيها كما مجازية كفاية الراتب لنا كمواطنين نعتاش منه؟.
بدأت بتنفيذ خطتي الشريرة وأنا أعد العائلة بوجبة غداء شهية شاهدتها على الإنترنت وأريد تطبيقها وهي لا تكلف شيئاً باهظاً، وبينما كان لعابهم يسيل لعلمهم بمدى براعتي في الطبخ رحت أحيك مؤامرتي وحيدة في المطبخ بكل خبث.
أحضرت البطاطا والزيت والبندورة والبصل، كان يجب أن أخترع مكوناً جديداً ما لئلا يكتشفوا كذبتي، أحضرت بضع حبات من الفليفلة الحمراء الحلوة، وأعددت خلطة بهارات وضعت فيها كمون وكزبرة وكاري وثوم وبصل بودرة، بالإضافة للفلفل الأسود ورشة أوريغانو، ثم نثرتها فوق المكونات وقمت بعملية الخلط بعد إضافة الملح وزيت الزيتون وأدخلتها الفرن بانتظار النضج.
اقرأ أيضاً: يوم سوري في ظل قياصرة الداخل والخارج.. الحياة قرار
سرعان ما بدأت روائح البهارات تفعل فعلتها في “مناخير” العائلة، وأنا كنت أضحك بكل خبث مدركة أنهم لم يكتشفوا بعد ما أضمر لهم، وعلّت أصوات المديح، “عن جد رحاب ما بتعمل شي مابيطلع طيب”، لم يؤنبني ضميري ولم أكترث بتغير نظرتهم، فكنت قد اتخذت قراري مع سبق الإصرار والترصد سأصبح محتالة!.
وأنا أضع صينية البطاطا بالفروج المُحتالة على الطاولة، كانت الابتسامات تتحول شيئاً فشيئاً، إلى ما يشبه التبلد والمفاجأة، فكان لابد من إكمال خطة الاحتيال، والتحدث لهم بأن منظرها طالع أشهى من تلك التي رأيتها على الإنترنت، عادت الابتسامات إلى الوجوه لكنها بدت صفراء، أكلوا منها وشبعوا ومدحوني أيضاً، دون أن يجرؤ أحدهم على التذمر، لقد اكتشفوا الحكاية لكن أحداً منهم لم يجرؤ على مناقشة الغش بعد أن أصبح ثمن الدجاجة الواحدة 5000 ليرة سورية.
في الحقيقة وكوني لم أتعلم طرق الاحتيال تلك التي تدخل إلى جيبي الملايين، أنوي أن أتابع احتيالي هذا، وقد أعجبتني الفكرة، وربما أطبقها قريباً على البامية، والبازيلا، وحتى المعكرونة وغيرها، إلا الملوخية لم يطاوعني ضميري للتفكير بالاحتيال عليها بعد، لكن في مرحلة ما قد أقتل ضميري وأطبخها بمكعبي ماجي عوضاً عن دجاجة!، وكل هذا رهن بتطورات الأمور، ولا يسعني سوى أن أشكر الجهات المعنية التي لم تدخل بعد هذا النوع من الاحتيال ضمن قائمة المعرضين للمساءلة القانونية.
اقرأ أيضاً: أنت كسوري قدي ممكن تلقى “دعك”.. (ابيضيت ولا لسه؟)-رحاب تامر