أم قصي.. مرسال أهالي النبك على دراجة نارية
أم قصي تخلّت عن الدراسة الجامعية بسبب ظروف واختارت عملاً سهل المنافسة
اتخذت “أم قصي” 27 عاماً، من دراجتها النارية مهنة لتوصيل الطلبات للأهالي بمدينة “النبك” في ريف “دمشق”. مستفيدة من دعم المجتمع لها ولعملها على الرغم من غرابة عملها بالنسبة لفئة ليست قليلة من الناس.
سناك سوري-ديالا البحري
بدأت السيدة العشرينية عملها كـ ديلفيري، قبل عامين تقريباً، حين قررت العمل بشكل مستقل دون أن تكون تحت إدارة أحد. لتأمين لقمة العيش وإيجار المنزل وإعالة طفلتها ذات السبعة سنوات بعد انفصالها عن زوجها.
وقع الاختيار على مهنة توصيل الطلبات “ديليفري”، لتتفرد بها بعيداً عن أجواء المنافسة، فاشترت دراجة نارية مستعينة بمهارتها منذ كانت صغيرة بقيادتها. وبدأت تجوب شوارع النبك لتلبية طلب الأهالي مقابل مردود مادي تصفه بالبسيط والمناسب للجميع.
تقول السيدة العشرينية لـ”سناك سوري”، إن المهنة تؤمن لها قوت يومها، إلا أنها ليست مصدر رزق كافٍ. فهي تعتمد على الطلبات التي تؤديها بشكل يومي وهي متواترة وليست على نسق واحد، لكن بالعموم لا يمضي يوم دون عمل.
تحديات المهنة
في بداية عملها واجهت الأم الشابة عدة تحديات، أبرزها عدم معرفتها بطرق المدينة بشكل دقيق. أو كيفية الموازنة والتنسيق بين استقبال الطلبات وجلبها وتوصيلها للزبائن. كان الأمر يحتاج لبعض الخبرة التي اكتسبتها بعد مضي فترة قصيرة على العمل.
التحدي الآخر الذي خافت مواجهته هو أعطال الدراجة النارية وكيف يمكن أن تتعامل مع الواقع. وتقول إنها تجاوزت هذا التحدي وغيره بمساندة المجتمع لها، خصوصاً بما يتعلق بأعطال الدراجة النارية، فهناك “أبو جميل” صاحب ورشة تصليح وصيانة دراجات نارية. يساعدها مجاناً بمعظم الأوقات كمساندة لها في حياتها المهنية.
نظرة الناس.. تشجيع واستغراب
لم تضطر الأم الشابة لمواجهة المجتمع، بوصفها تقوم بمهمة غريبة نوعاً ما. فليس من المعتاد بعد أن تستخدم النساء الدراجة النارية ولا أن يعملنَ بمجال توصيل الطلبات. وبخلاف ذلك وجدت المساندة والتشجيع لها منذ بداية عملها. بالمقابل لم يخلُ الأمر من نظرة استغراب أحياناً، لكن المشهد سرعان ما بات مألوفاً بالنسبة لأهالي النبك. الذين يسارعون للتلويح لها وإلقاء التحية عليها بمجرد رؤيتها.
تضيف الأم الشابة لـ”سناك سوري”: «أسمع كلمات التحفيز بشكل متكرر من أهالي المنطقة». لكن التشجيع والمساندة ذهب أبعد من مجرد الكلمات. فحين سُرقت دراجتها النارية قبل فترة، تعاون الأهالي وجمعوا ثمن دراجة نارية جديدة قدموها لها هدية لتستمر في كسب رزقها وإعالة طفلتها.
آلية العمل
على مدار 12 ساعة ترهن الأم الشابة نفسها لتلقي الطلبات، وتبدأ من الساعة 10 صباحاً وحتى 10 مساء، حيث تتوقف لترتاح تمهيداً لليوم التالي.
يبدأ نهار “أم قصي”، بأعمال المنزل ورعاية شؤون طفلتها الصغيرة، قبل تلقي الطلبات. التي تغادر لتنفيذها تاركة طفلتها التي تعلمت كيفية تدبر شؤونها بغياب والدتها الذي لا يتجاوز الثلث ساعة لكل طلب توصيل. ويستمر الحال على هذا المنوال طيلة فترة العمل.
عن علاقتها بالزبائن تقول الأم الشابة، إن هناك علاقة ثقة تشكلت بينها وبينهم، وصاروا يطلبونها بالاسم. خصوصاً الإناث، اللواتي يجدن أن التعامل معها أكثر سهولة وأريحية. تضيف: «دائماً يشجعوني ويقولون لي سهّلتي علينا الحياة كثيراً».
يقطع حديثها مع سناك سوري صوت رنين تلفونها، هناك شخص ما يريد طلب توصيل سريع. تغادر الأم الشابة مسرعة بينما تخبرنا أنها كانت طالبة جامعية في قسم اللغة الإنكليزية، لكنها لم تتابع دراستها نتيجة الظروف. وتمضي بحال سبيلها بحثاً عن لقمة العيش.
وتنتشر مهنة توصيل الطلبات بكثافة في المجتمع السوري، وغالباً ما تكون الدراجة النارية هي الوسيلة الأكثر ملاءمة لهذه المهنة. فهي عملية واقتصادية باستهلاك البنزين، ورغم قلة عمل النساء بهذه المهنة إلا أن هناك العديد منهن يعملن بها، كما حال الشابة “أماني” في دمشق التي سبق وتحدث عنها سناك سوري.
إشراف: داليا عبد الكريم