الرئيسيةسوريا الجميلةشباب ومجتمع

مي مكارم.. بائعة الخبز التي تنتظر انتهاء ابنتها من رسالة الدكتوراه

بائعة الخبز المتجولة والدة 5 أبناء جامعيين ترى فيهم أمانها ولا تحب طلب المساعدة

تبدأ رحلة “مي مكارم” اليومية في مدينتها “السويداء”، عند الظهيرة مع عربة محملة بالمخبوزات تنزلها على مرحلتين. من الطابق الثاني حيث يتواجد مخبزها، وتتجول فيها حتى العاشرة ليلا ريثما تكون قد باعت منتجاتها.

سناك سوري-رهان حبيب

“مي” التي دخلت عامها الثالث والخمسين مع اعتلال في مفصل الركبة والكتف حملت لسنوات سابقة ما تنتج من خبز اللزاقيات. والخبز العربي والزلابية بأكياس كبيرة تمر بها على شوارع المدينة محلات ومكاتب وعيادات. تحاكي المارة بهدوء وتبيع ما تيسر ولم تمل لأن مسؤوليتها اتجاه أسرتها تتطلب منها العمل. كما تقول لـ”سناك سوري”.

قبل ذلك عملت السيدة الخمسينية بالكروشيه وتجارة الصوف إلى جانب عقود مؤقتة في دوائر الدولة. كما تقول وتضيف، أنها قبل 10 سنوات حصلت على عُدة صنع الخبز العربي بعد عناء شديد، وبدأت تعد المخبوزات في مخبزها المتواضع إلى جانب الأكلات التراثية.

تضيف: «في الصباح الباكر أنطلق إلى عملي المؤقت وبعد الإنتهاء من الدوام في الدائرة الحكومية. أحمل الخبز وماتيسر من المعجنات أتنقل بها طازجة أبيعها متجولة فالمخابز كثيرة وإن لم أعرضها لن تجد سبيلها للبيع».

مقالات ذات صلة

لا ينتهي عمل السيدة التي تحضر المخبوزات ليلاً وتوضبها بكميات محددة داخل أكياس، ثم تنسقها بالعربة التي تتسع لأكثر من 30 كيلو.

مي تستعد لرحلتها اليومية

“مي” تجاوزت مع أولادها معاناة طويلة بمرض ابنها الأصغر وهو اليوم طالب في المعهد التقاني تفوق بعد صراع مع اللوكيميا. وخسارة كلية ويحتاج للمتابعة الدائمة لحالته بعد الشفاء التي تتمنى أن يكون بداية لمستقبل جميل مع أخوته.

تضيف: «أولادي يقدرون تعبي وكلهم متفوقون أكبرهن اليوم تعد للماجستير بعد التخرج من كلية الآثار والمتاحف. وابنتي الثانية تخرجت من كلية التجارة والاقتصاد ونالت الماجستير وتعد لشهادة الدكتوراه وهي مدرسة بالجامعة. وابنتي الثالثة تدرس هندسة ميكانيك ولدي شاب يدرس سنة رابعة هندسة تطبيقية بمعدل ٩٩ بالمئة. تكاتفنا جميعا حتى وصل أصغرهم الشفاء».

تخبرنا السيدة أنه في حال الطلاق تطلب الزوجة نفقة، ولكنها لم تطلبها لأنها لا تحب طلب المساعدة على الرغم من أن النفقة حق لها ولأولادها. إلا أنها وجدت في نفسها القدرة على الاستمرار دون أي مساعدة من أحد.

تسبب حمل الأكياس الثقيلة بأذية في كتف “مي”، ليقدم أحدهم المساعدة لها ويمنحها عربة أطفال قديمة تخفف بها أعباء الحمل. في مهنة اختارتها بعد أن فقدت الأمل بالحصول على وظيفة دائمة.

مي مكارم كسرت حاجز الحرج في السويداء

“مي” التي كسرت حاجز الحرج والعمل بمهنة مختلفة نسبياً في المجتمع الذي يتقبل عمل الرجال أكثر من النساء. تحدثنا عن تفاعل طيب من المارة والمتجولين وأصحاب المحلات فقد أصبح لديها عدد من الزبائن يشترون منها بشكل شبه يومي. ومنهم من يشجعها ويعبر عن احترامه لعملها الذي هو مصدر رزقها وأسرتها.

تقول: «قلة من يجادلون بالسعر وبعد فترة بسيطة من بداية العمل أشعر أن الناس تعودت على مروري ألقى التحية. ويطلبون الخبز أو يتفقون معي على طلبية اليوم التالي».

تعرف “مي” أن لا راحة قريبة ولا تبحث عنها هي تعالج الواقع وترتب أيامها على ما يمكن أن يفي بحاجة أولادها. لتوصلهم لبر الأمان الذي تجد فيه أمانها وسلامها.

زر الذهاب إلى الأعلى