أخر الأخبارالرئيسيةتقاريرشباب ومجتمع

أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة.. معاناتهنّ مع المجتمع أكثر من الأبناء

3 أمهات يروينَ تجاربهن مع أطفالهنّ من ذوي الاحتياجات الخاصة

استقبلت منى شحادة (45 عاما) طفلها البكر في الـ18 من عمرها. ولم يخبرها الأطباء بحالته الصحية لعدم وجود مظاهر واضحة توحي أن لديه متلازمة داون، ولكن قلبها أخبرها بذلك، لتكون واحدة من أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة.

سناك سوري_ ناديا سوقية

«عندما عرفت أنه سيكون مختلفاً، زاد ذلك من اكتئاب ما بعد الولادة لكن سرعان ما تبددت مشاعري السلبية. وحاولت أن أقوي نفسي بمساعدة من حولي وتقبلي للواقع بل والتفاؤل بعد زراعة الأمل بطريقي». تقول الأم لـ”سناك سوري”.

تعاملت منى معه بشكل طبيعي، خصوصاً أن التأخر الذهني عن أقرانه لم يكن كبيراً. بعد دعم عائلتها لها والتركيز على دورها الأساسي بتطوره وتكيفه مع المجتمع، وليس فقط تربيته ورعايته. فمعاناتها لم تكن مع تربيته ورعايته بل مع المجتمع المقابل له والتنمر والاستهزاء بمن يختلف عنه.

رسالة وليست رعاية فقط

يوسف طفل من متلازمة داون

فتح يوسف وهو طفل منى باباً للبحث في حياتها. حتى صارت تتلقف المعلومات حول حالته دون أن تشعر لتتحول من أم تبحث عن الطرق الصحيحة للرعاية والاهتمام بطفل مختلف إلى مصدر معلومات داعم لأمهات كثر.

لا ترى منى شحادة أم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، راحة للأمهات التي تعتبر نفسها صوتهم. إلا بتوعية المجتمع بأفراده ومؤسساته وتجهيز البنى التحتية بما يعترف بوجودهم

وبعدها قررت أن تحمل رسالة للمجتمع بالتوعية والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة لدرجة تسلمها إدارة معهد خاص بهم في منطقتها. لفترة من الزمن وبعدها عملت مع جمعيات خيرية بملف حالات ذوي الاحتياجات الخاصة. تعرفت على مشكلات لم تواجهها وأعطت حلولا لمشكلات مرت بها.

وهي اليوم لا تزال مصدراً لأمهات ذوي الاحتياجات الخاصة للاستدلال عن طرق رعاية أبنائهم. ومرشداً لهم عن مراكز خدمة لتقديم مساعدات قد يحتاجها أطفالهم.

لكنها لا ترى راحة للأمهات التي تعتبر نفسها صوتهم. إلا بتوعية المجتمع بأفراده ومؤسساته وتجهيز البنى التحتية بما يعترف بوجودهم.

أمومة و تحدي

بدأت سلوى 29 عاما حديثها مع سناك سوري بتوجيه رسالة لأمهات ذوي الاحتياجات الخاصة. بأنهن مميزات لأن الله اختارهن لتربية أبناء من الحالات الخاصة.

لم تكن الأم الشابة على دراية بأن فرحة عمرها وإعلان أمومتها لا يشبه من حولها إلا بعد 10 أشهر من ولادتها. وتجميع ملاحظاتها بعدم تفاعل المولودة معها بشكل طبيعي.

فبدأت رحلة الكشف لتشخيص حالتها عند الأطباء الذين أكدوا وجود سمات التوحد على المولودة.

فرح طفلة من متلازمة داون

صدمت سلوى لحظياً قبل أن يوضح لها الطبيب أهمية كشفها المبكر لحالة  طفلتها “فرح”. مما سينعكس إيجاباً عليها إذا قابلت ذلك بالاهتمام والرعاية .

تقول سلوى: «الطبيب خيرني بين أن اسحب طفلتي إلى عالمنا أو يسيطر عليها طيف التوحد لكنني كنت على قدر المسؤولية. واستطعت ذلك فأصبحت فرح اليوم بمرحلة الدمج مع المجتمع ووضعها ممتاز».

مواجهة المجتمع أصعب من رعاية الطفل

تتمنى سلوى أن يتكيف أفراد المجتمع مع وجود أشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بينهم وذلك بحذفهم لنظرات الخوف من الاختلاف. ومساعدة أمهاتهم بشكل معنوي على الأقل بدلاً من إيذائها لفظياً أو شعورياً.

لأنها وجدت أن أصعب اللحظات عليها برحلة أمومتها هي مواجهة المجتمع خصوصاً أثناء دمج طفلتها مع  الأسوياء في الروضة. فعدم تقبل المعلمات لها والتخوف منها هو ما استقبلها بأولى مراحل انخراطها بالمجتمع ليظهر جلياً غياب ثقافة تقبل ذوي الاحتياجات الخاصة لدى البعض.

الطبيب خيرني بين أن اسحب طفلتي إلى عالمنا أو يسيطر عليها طيف التوحد لكنني كنت على قدر المسؤولية. واستطعت ذلك فأصبحت فرح اليوم بمرحلة الدمج مع المجتمع ووضعها ممتاز سلوى أم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة

وتصف سلوى كل خطوة باتجاه تطوير حالة ابنتها بالإنجاز بل وتكريماً لجهودها ولصبرها. وعند كل لحظة ضعف ترن كلمات الطبيب بأذنها للمتابعة ولتتكيف الطفلة مع المجتمع. خصوصاً أنها تنتظر العام الدراسي الجديد بفارغ الصبر لتسجيل ابنتها بمدرسة حكومية وليست خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.

صانعة الأبطال

تفخر فيحاء معلاش 66 عاما، بنتيجة تعبها على ابنها بلال وهو من متلازمة داون. لما وصل إليه من بطولات رياضية، تقول لـ”سناك سوري”: «بشوف حالي فيه كتير، أشعر أني ملكة تعبت في صغره معه ولكنني حصدت النتيجة».

فيحاء معلاش والبطل الرياضي بلال

اختلف استقبال فيحاء لطفلها مع تشخيص الطبيب أنه يعاني من متلازمة داون عن سلوى ومنى فهي لم تكن على دراية طبية. ولا تمتلك أي معلومات عن الموضوع متوقعة أنه يعاني من مرض علاجه عملية جراحية. لكن تبدد الغموض بمجرد بدء رحلة البحث والتعلم عن حالته وكيفية الطريقة المثلى للتعامل معه وتقويته.

حماسها وأمومتها فرضا عليها الذهاب من مدينة القطيفة، للعاصمة وتسجيل الطفل بمركز تعليمي. ومع مرور الوقت عرفت أن طفلها لا يحب الدراسة الأكاديمية بقدر تعلقه بالرياضة. فركزت على مواهبه فتعلم كرة السلة وألعاب القوى حتى صار بلال بطلاً رياضياً، في عام 2014 نال المرتبة الثانية على مستوى سوريا وشارك بالأولمبياد الخاص في عام 2010.

بشوف حالي فيه كتير، أشعر أني ملكة تعبت في صغره معه ولكنني حصدت النتيجة فيحاء معلاش والدة بلال طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة

أمهات ذوي الإعاقة في الريف أعبائهم مضاعفة

وتأسف أم بلال في نفسها قلة الاهتمام من قبل المجتمع بذوي الاحتياجات الخاصة فابنها اليوم في المنزل وقليلة جداً هي المرات التي يدعى بها إلى بطولات في المنطقة. وأغلب النشاطات التي كان يشارك بها توقفت خلال الحرب تقريباً فلم تعد لديها قدرة للذهاب إلى دمشق. وفي مدينة القطيفة يوجد معهد متخصص لكن لشريحة عمرية محددة.

تحصد فيحاء ثمار تعبها في كل يوم ترى فيه ابنها قوي الشخصية ومحبوبا بين الناس. وتعرف أنها قدوة لكثير من الأمهات. وتقول: «أنا لا أشعر أن لدي ابن مختلف، فبلال يفهمني من نظرة العين يهتم بنفسه وبنظافته الشخصية، شخص موهوب، وكل الحارة تعرفه وتحبه».

 احترام الاختلاف والوعي هو المطلب

وتتمنى أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة اللواتي التقى بهنّ سناك سوري أن تُعمَم ثقافة احترام الاختلاف، والتوعية حول ذوي الاحتياجات الخاصة. وعندها ستكون رحلة أمهات هذه الشريحة من الأطفال بالعناية والاهتمام أقل جهداً فالغالب منهن لهن عادات وروتيناً مختلفاً. عن غيرهن حتى طقوس المناسبات مختلفة، ولا تعتبن على تنمر أو تخوف طفل من طفل ولكن من تربية ومربي .

فهل يضع المجتمع أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة بعين الاهتمام؟

زر الذهاب إلى الأعلى