الرئيسيةفن

أحزاب سوريّة طردت وسجنت رموزها

ياسين الحافظ و الياس مرقص كتبا تاريخ البعث و الشيوعي… ثم ضُرِبا واعتُقِلا وسافرا

سناك سوري _محمد العمر

لا يمكن للتاريخ أن يتجاهل اسمين من طراز ” ياسين الحافظ و الياس مرقص” هذان الشابان اللذان التقيا خلال خدمة العلم و أصبحا أكثر من مجرد صديقين عابرين  تركا بصمتهما في تاريخ اليسار العربي و ليس السوري فقط.
كان “ياسين الحافظ” قادماً من مدينة “دير الزور” التي يصفها بأنها خليط بين القيم الريفية الخالصة و القيم الإسلامية بينما جاء “الياس مرقص” من أسرة معلمين من اللاذقية.
كان “مرقص” يدرس العلوم التربوية التعليمية في جامعة بروكسل الحرة حين تعرّف إلى الحزب الشيوعي السوري و بدوره قام بتقديم النظرية إلى رفيقه البعثي “ياسين الحافظ”.
امتلك الصديقان سيناريوهات متشابهة لخيانة أحزابهما لهما فبينما كتب” الحافظ” واحدة من أهم وثائق البعث و هي المنطلقات النظرية في المؤتمر السادس للحزب عام 1963 رغم أن البعث لا يذكر اسمه لأنه تعرّض للمحاربة مع مجموعة من البعثيين الذين تبنوا الماركسية بعد تسلّم حركة 22 شباط 1966 للسلطة رغم يساريتها و فعل ما لم يفعله أحد قبله!
قام” الحافظ” بقيادة أول انشقاق عن حزب حاكم عربي! فانشقّ مع مجموعة من رفاقه عن البعث الحاكم و شكّل “حزب العمال الثوري” و أودت به معارضته للتيار البعثي إلى الاعتقال عام 1966 لمدة عام في زنزانة ضمت أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش!
أما “مرقص” فلم تحتمله منظومة حكم الحزب الشيوعي البكداشي لأنه عارض انقيادها الأعمى للطراز السوفييتي الستاليني و مطالبته بديموقراطية حزبية فلم تجد قيادة بكداش سوى اتهامه بالعمالة للمخابرات الأمريكية و العمالة للناصرية معاً! فاعتدى عليه بالضرب رفاقه الحمر عام 1955 في اللاذقية و في دمشق و تسببوا له بجروح بليغة لن تكون أكثر عمقاً من خيانة الأحزاب السياسية لأهم داعميها و مفكريها!
سيلتقي الصديقان لاحقاً في بيروت و يطلقان دار الحقيقة للنشر و يشتركان معاً عبر أعمالهما الفكرية القيّمة في فكرة تعريب الماركسية كي تلتقي بطبيعة المجتمع العربي حيث نادى “الحافظ” بالتنوير و إلا فإننا لن نحصد سوى ” تأخراكية” إن رفعنا شعار الاشتراكية في ظل التخلف فيما نادى “مرقص” بماركسية عربية تتجاوز أخطاء الأحزاب الشيوعية العربية التي عبدت الطريقة السوفييتية و حاولت تطبيقها حرفياً.
الحافظ و مرقص اثنان من أهم منظري اليسار العربي و السوري و لا زال إرثهما الفكري حاضراً رغم أنهما لم ينالا حظاً من شهرة الواصلين إلى مناصب السلطة أو نجومية المعارضة لكن التاريخ لن يخونهما كما فعلت بهما أحزابهما!

اقرأ أيضاً :دعم اقتصاد رأس المال برعاية الرفيق “خالد بكداش”؟؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى