الرئيسيةيوميات مواطن

لدى الدجاجات ديك واحد.. يا حظي أمتلك عشرات الديَكة!

عن الفرق بين ديك الدجاجات وبين ديَكي الكثيرة

اعتدت ومنذ سنوات أن يكون “صياح الديك” صوت منبه هاتفي المحمول، دلالة على يومي الجديد، كما يحدث في الطبيعة. ولم يخيّل لي أن تصبح أفكاري قريبة من عالم الدجاج.

سناك سوري _ دجاجة خارج القن

فما أن يصدح صوت الديك من هاتفي، أستيقظ مسرعةً لأودي واجباتي اليومية، في حركة تشبه مشية الدجاجة المتأرجحة وعلى عجل.

ورغم التشابه بالسرعة لتأمين حاجياتنا اليومية، إلا أنني أتفوق عليها بعدة نقاط، أولها امتلاكي القدرة على اختيار بعض القصص.

خلافاً لها فهي تنتظر أن يوضع لها الطعام والشراب، وفي بعض الأحيان تنتهز الفرص و تجول بالأراضي المحيطة بقنها والبحث عن أكل إضافي مما يتوفر لها في التراب.

مقالات ذات صلة

مقارنة لا إجحاف فيها ولا تقليل.. فكلنا كائنات حية

قد يوحي التشبيه بأن هناك تقليل من قيمة الإنسان كونه يتمتع عن باقي الكائنات بوجود عقل، قادر من خلاله على التفكير والتحليل واتخاذ قرارات التنفيذ.

إلا أن اكتشاف وجه الشبه بين طبيعة الحياتين يجوز أن يكون ضرورة، فكلانا أنا والدجاجة نستيقظ باكراً، نسعى لعيش يومٍ جديد براحة وبشتى الطرق.

ونحن الاثنتين يسكننا خوف داخلي من لحظة الإمساك بنا، كوننا نضجنا وربما قد نباع لأول تاجر دواجن، يريد أن يضعنا على قائمة العرض في محله.

فقد يأتي من يختارنا لنكون قرباناً لنذر وعد الله به، أو يتم تحضيرنا كوجبة أساسية، تشبع بطون أولئك المدعوون لتلك الوليمة. أو أننا سنتحول لأجزاء صغيرة يشترينا الراغبون بتناول اللحم والعاجزون عن شراء دجاجة كاملة.

تتعرض الدجاجة حينها لعملية النتف والغسيل ومن ثم التقطيع، شيئاً ما يشبه المشاعر التي تعتلي الغالبية ومن دون البوح بها. وتوفر أدنى مراعاة أن كنا فعلاً نرغب بتلك النهاية أم لا.

وماذا عن ديوكي وديوكهن؟

تعيش الدجاجات مع ديك يتقاسمن معه ذاك القن، وها أنا من جديد أسجل نقطة جديدة لصالحي، لامتلاك الديكة الخاصة بي. مهام أوسع وربما أكثر عدداً.

ومنهم من أنصاع له لضرورات عملية ربما ومجتمعية، ومنهم من أحاول التحايل عليه بشتى الأساليب للهروب مما يصدره ولا ينال إعجابي وهم الفئة الأكثر وفرة.

وفي حين تتلخص مهمة ديوكهن بعملية التلقيح والصياح، وبينما أنا أجول في السوق وأمارس هواية “الفرجة”. وعلى سبيل المثال أصادف عشرات الديكة، يصيحون و يجولون ويتحكمون بالأسعار.

وهؤلاء أكثر الأنواع ضعفاً أمامي، فأنا هنا الدجاجة عفواً الإنسانة القادرة على العبور من جانبهم دون الاكتراث لصياحهم. فلي الحرية المطلقة بتجاهلهم.

أما الديوك الشخصية .. وما أكثرهم

ومن جديد نصر آخر يسجل لي بعدد الديوك، ففي حين تحتفل عشرات الدجاجات بديك واحد يعيش معهم. أظفر أنا بعشرات الديوك من حولي ضمن نطاقي الأسري و الشخصي وعلاقاتي الاجتماعية.

وكل واحد فيهم يحاول الاحتيال وتقمص شخصية الديك الحقيقي والتمسك بوظيفته الأساسية، في محاولة انتزاع أو الحفاظ. على كينونته المتعارف عليها.

فمن المحيط القريب أراهم يصطفون بمخيلتي وها أنا أجيد فرزهم حسب سلوكياتهم، فصوت الديك الصيّاح الذي لا يجيد غير إصدار الأصوات العالية، لم يعد مجدياً بحكم الاعتياد فقد هيبته كونه يصيح دون غاية في معظم أوقاته.

أما الديك المسالم يحاول جاهداً التقرب من كل الدجاجات وبعث السلام ما بينهم، كنوع من نشر جو الألفة. وكقناعة أن المحبة ستعطي المزيد من كل الصفات الإيجابية والضرورية لسير الحياة.

وهناك في الجهة الأخرى ديك آخر يزهو بصفاته، ويفرض سطوته دون صياح ويكتفي فقط بنظراته الفوقية، وإصدار قرارات. يخيل له أن المصلحة العامة ستتحقق من خلالها.

وفي قلبي يصدح ديك الحب عالياً، فهو مشاغب ومشاكس، مدرك تماماً لخصوصية البيئة الموجود فيها. وتراه يتلاعب على مجتمعي الديوك والدجاج، دون أذية ويحقق مكاسبه في أغلب حالاته، وها هي فرص الحياة أكثرها حضوراً بين جناحيه.

ولو توسعت النظرة باتجاه أنواع الديوك، والوصول لمن يتولون المناصب ومفاصل الحياة، سنجد عوضاً عن العشرة مائة. والذين يقع غالبيتهم في خانة الديوك الصيّاحة  لا فائدة ولا معنى لوجودهم. ومن الأفضل الوقوف على محيطنا الضيق تجنباً لضرر مخالبهم.

زر الذهاب إلى الأعلى