الرئيسيةفن

من هي الكاتبة السورية التي تزوجت محمود درويش وباتريك سيل؟

انفصلت عن درويش بسبب تهديدات بالقتل.. وتزوجت باتريك سيل في بريطانيا

سناك سوري – عمرو مجدح

“دمشق” بالنسبة لي مدينة غادرتها ولم أغادرها، أنا دمشقية بعواطفي وتقاليدي وعائلتي، دمشقية لأني أحب أن أكون دمشقية لأن “دمشق” مدينة من أقدم المدن ومجمع لكل الحضارات، الآشورية واليونانية والرومانية والبيزنطية والعربية فهذا التراكم الحضاري الذي تشكله “دمشق” والذي مازال موجوداً كمتحف نعيشه يومياً عندما تمشي في السوق الدمشقي وتجد كل الحضارات أمامك، العمود اليوناني والخزف الأموي.

بهذه الكلمات تصف الكاتبة السورية “رنا قباني” مدينتها “دمشق” في برنامج “هذا هو” عام 1993 وهي تنتمي إلى بيت دمشقي ثقافي ودبلوماسي، فوالدها الإعلامي والأديب والسفير السوري الأسبق “صباح قباني” وعمها الشاعر “نزار قباني”، لكن تبقى المحطة الأبرز في حياتها ارتباطها بالشاعر الفلسطيني “محمود درويش”.

اقرأ أيضاً:“صبرية” التي امتلكت شجاعة وجبن “الانتحار”.. “دمشق يا بسمة الحزن”

اللقاء الذي جمع بين “قباني” و”درويش” كان محض مصادفة خارج الجغرافية العربية عام ١٩٧٧، وقد كشفت عنه الكاتبة السورية في اللقاء التلفزيوني ذاته، قائلة : «كنت أحب الشعر الجاهلي وأشعار أبو العلاء المعري ومهووسة بالشعر العربي الحديث كشعر “بدر شاكر السياب” و الشعراء الفلسطينيين كـ”محمود درويش”، كنت حافظة لأشعارهم ومتحمسة للقضية الفلسطينية، اتصلت بي صديقة تقول إن “محمود درويش” قادم إلى جامعة “جورج تاون” (التي كنت طالبة فيها وقتها) ويجب أن تأتي وتترجمي الأشعار لأن هناك جمهور أمريكي ضمن الحضور، وهكذا صدف أن ذهبت، وحدث اللقاء».

رنا قباني مع محمود درويش

لم تكشف “قباني” كيف بدأت قصة الحب بينهما، واكتفت بالقول إن قرار الزواج بينهما اتخذ بشكل سريع، حيث ذهبت معه إلى “بيروت” فانتقلت من سفارة وبيت سفير وحياة مرهفة ودلال إلى حياة صعبة بكل ظروفها الاقتصادية الصعبة، وتضيف:«علاقتي بـ “محمود” كانت علاقة بركانية فيها الأشياء العظيمة والأشياء السلبية لكنها علمتني الكثير، وسافرت معه إلى عدة دول في العالم وشاهدتها هذه المرة من منظار اللاجئ، كان هذا درساً قاسياً ومهماً بالنسبة لي تعلمته في سن صغيرة، “محمود” هو من علمني السياسة وجعلني كاتبة لديها هموم أكبر من همومها الشخصية».

اقرا أيضاً:متى تنشر “كوليت خوري” رسائل نزار قباني؟

نشرت “قباني” عدة مؤلفات باللغة الإنجليزية وأهمها “أساطير أوروبا عن الشرق” الذي كان موضوع رسالتها في الدكتوراه  بجامعة “هارفارد” وكتاب “رسالة إلى الغرب” وترجمهما والدها “صباح قباني” إلى اللغة العربية، لكن المرأة التي عاشت في بيت “نزار” وتزوجت “درويش” لم تستثمر تلك الشهرة التي كانت جواز مرور كفيل أن يسوق لكتاباتها، لم تستطع أن تكرس اسمها في عالم الأدب فعندما نذكر الكاتبات والأديبات السورية من مختلف الأجيال لا نذكرها.

عودتها للكتابة وإطلالتها على القراء بعد أكثر من ثلاثين سنة كانت متأخرة وخجولة ومحورها الأساسي طليقها  “محمود درويش” من خلال سلسلة مقالات نشرت على جريدة “القدس العربي” 2014 كاشفة فيها تفاصيل الزواج ورحلاتهما معاً، ما دفع الكثير من القراء على حثها على إصدار كتاب تحكي فيه عن “محمود درويش” الزوج والإنسان الذي عرفته.

بعد نحو ثلاث أو أربع سنوات انتهت رحلة الزواج بين “رنا” و”درويش” الذي يكبرها بستة عشر عاماً بشكل نهائي والذي بدأ بلقاء سريع وطلاق عاصف ثم عودة وطلاق ثاني.

حجة الطلاق النهائي كانت قرار “رنا” استكمال دراستها والسفر للحصول على الدكتوراه لكن مقالاتها في السنوات الأخيرة بينت أن التهديدات بالقتل التي تلقاها الشاعر الفلسطيني كانت من أبرز أسباب الانفصال،  فابنة الثامنة عشر عاماً والقادمة من أمريكا لم تستطع التأقلم مع “لبنان” وجنون ساحات حربه الأهلية والعيش تحت ضغوطات الخطر والتهديد الدائم الذي يلاحق رموز المقاومة الفلسطينية.

وعن الطلاق الأول تقول في احدى مقالاتها :«تركت بيروت عبر مطارها، ومنعته (تقصد درويش) من أن يأتي معي لتوديعي، لأنني كنت أخاف من عواطفي، ولأنه كان يبكي. فقد عرف أنه عاد سجيناً لظروف لا ترحم، وأنني الخيار المستحيل بالنسبة له، سيكون بيني وبين قيادات الثورة، هكذا انتهى زواجنا الأول».

“محمود” أكرم مخلوق عرفته، مع أنه كان فقيراً، أو لأنه كان فقيراً، حسب ماوصفته “رنا” حيث اكتشفت أن لديه عبقرية في إنتقاء الهدية البليغة التي اتسمت دوماً بحس جمالي أو عاطفي ذو شحنة عالية، تركت في قلبها علامة لم تمحَ، رغم أن كل ما أهداها إياه سُرق منها فيما بعد، أو اندثر في الحروب والتنقلات المتتالية، أو مات، وتضيف: «كان لا يعود مرة الى البيت إلا وفي جيبه هدية، زهرة غاردينيا طلب من البائع أن يلفها بورق الجيلاتين وبشريطة خضراء بلون ضلعها تماماً».

يذكر أن “رنا قباني” المقيمة حالياً  في “لندن” تزوجت بعد “درويش” من الصحفي البريطاني”باتريك سيل” صاحب المؤلف الشهير ” الصراع على الشرق الأوسط” وأنجبت منه ثم انفصلا قبل سنوات قليلة من وفاته في العام 2014.

اقرأ أيضاً:من يهود “سوريا” إلى “هالة” بنت “ألبير” اليهودي – عمرو مجدح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى