
مطالب متجددة بتغيير قانون الإعلام وحماية الصحفيين/ات من التوقيق وتوفير بيئة عمل ملائمة
سناك سوري _ دمشق
يطالب العاملون/ات في الحقل الإعلامي السوري منذ سنوات بقانون إعلام جديد يوقف الانتهاكات التي يتعرضون لها وعلى رأسها التوقيف ومحاسبتهم وفق جرائم المعلوماتية التي تحولت إلى أشبه بالشبح التي يجثم على صدور الصحفيين.
سناك سوري استطلع آراء صحفيين/ات وأكاديمين/ات ومختصين/ات حول تغيير القانون والنقاط التي يجب توفرها في أي قانون جديد لحماية العمل الإعلامي والمساهمة في تأدية الصحافة السورية لدورها.
تقول أستاذة الإعلام بجامعة “دمشق” “نهلة عيسى” لـ سناك سوري أنه من المفترض قبل الجلوس إلى صياغة قانون إعلام في أي دولة، إدراك ووعي المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستوى الوطني والدولي ومعرفة وتحديد وفهم الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية الوطنية ورسم سياسات إعلامية تتماهى مع تلك الأهداف على المدى البعيدة وإجراء حوارات ونقاشات للتوافق حول مبادئ عامة تؤسس لقانون إعلام عصري يراعي المتغيرات على الساحتين الدولية والوطنية ويسمح للمؤسسات الإعلامية القيام بأدوارها بما يتماشى مع الأهداف الوطنية.
واعتبرت “عيسى” أن مشكلة التشريعات الإعلامية في “سوريا” تكمن بأنها لا تتماشى مع التغيرات السياسية والاجتماعية الطارئة على المجتمع خلال السنوات الأخيرة والتي تحتّم تغيير الذهنية التي تحكم الأداء الإعلامي، مضيفة أن على الجهات الإعلامية من كافة المؤسسات الاجتماع مع ممثلي مؤسسات المجتمع الأهلي تحديد الاستراتيجية العامة للإعلام المحلي مع التركيز على المتغيرات الاجتماعية والسياسية ومقاطعتها وموازنتها مع الأهداف العامة بما يلبي حاجة ورغبات السوريين على كافة المستويات المعرفية والنفسية والأيديولوجية.
تغيير القانون لايعني تحسن الحياة الإعلامية
حيث قال الصحفي والنقابي “بسام علي” لـ سناك سوري إن صدور قانون جديد للإعلام لا يعني أن الحياة الإعلامية السورية تحسّنت، مشيراً إلى أن العبرة ليست في صدور القوانين بل بتطبيقها.
وأوضح “علي” أن عقوبة الحبس لم تلغَ من قانون الإعلام الساري حالياً، مبيناً أن المادة 97 من القانون الحالي تنص على « يعاقب بالحكم الوارد في قانون العقوبات كل من ارتكب فعل قدح أو ذم بواسطة وسيلة إعلامية على أن تكون الغرامة من 200 ألف إلى مليون ليرة» إلا أنه وبحسب “علي” فالعودة لأحكام قانون العقوبات تشير إلى أنه لا يكتفي بالغرامة بل تضم العقوبة السجن أيضاً.
ويضيف “علي” أن المواد 376 و 208 و 378 من قانون العقوبات تشرح حالات وعقوبات القدح والذم عبر وسائل الإعلام وتتراوح أحكامها بين الغرامات المالية إلى الحبس من شهر لسنة وتصل إلى الحبس 3 سنوات في بعض الحالات.
اقرأ أيضاً:تناقض وسلبيات في قانون الإعلام السوري…. ومطالب مستمرة بتغييره
حل مشكلة التعليمات التنفيذية التي تتيح تجميد بعض المواد
بدوره اعتبر الإعلامي “حسين إبراهيم” خلال حديثه لـ سناك سوري أن قانون الإعلام الجديد يجب أن يبدأ بالإجابة على سؤال، هل نضع القانون لتعزيز سلطة الحكومة على الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية والسيطرة على الإنتاج الإعلامي؟ أم نضع قانوناً يسهم في تطوير الإعلام ويعزز قدرة الإعلاميين على أداء مهمتهم؟
مع النموذج الجديد للإعلام لا يمكن اعتماد قانون نرى فيه مجرد ناقل المعلومات يقتصر دوره على تغطية الحدث وفق المنهج التقليدي، يقول “إبراهيم” معتبراً أن تقويم القانون الجديد ينطلق من مدى استجابته للمعطيات الحديثة، وأن النقطة الأهم في القانون المنتظر هي الشفافية التي يحتاج إليها الصحفي للوصول إلى المعلومة عبر تشريع غير قابل للتفسير أو التعطيل.
من جانب آخر يلفت “إبراهيم” إلى أن المشكلة لا تكمن في بعض نصوص قانون الإعلام فحسب بل في التعليمات التنفيذية التي قد تتيح تجميد بعض المواد تسمح لبعض الجهات بوضع تفسيرات تنسجم مع مصالحها، ومثال ذلك محاولة البعض تفسير مصطلح “وسائل التواصل عبر الشبكة” بالمواقع الالكترونية المعتمدة فحسب وهو ما يخالف روح القانون بحسب “إبراهيم”.
رئيس تحرير موقع الجمل وعضو مجلس الشعب السابق “نبيل صالح” قال لـ سناك سوري أن القضاة لا يعملون بقانون الإعلام الحالي، مضيفاً أنه زار نصف محاكم البلاد وكان يخرج بريئاً بجهود شخصية مع القضاة والمحامين الذين كانوا يترافعون عنه مجاناً، مقابل تحريك قضايا لهم منظورة أمام القضاء.
وأشار “نبيل صالح” إلى أن المشكلة كانت في الاستدعاءات الأمنية .. قبل قانون الجرائم الإلكترونية.
مشروع قانون… يرفع قيمة الغرامات ويحل مشكلة التوقيف
مدير المركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني بدمشق “طالب محمد قاضي أمين” قال في حديثه لـ سناك سوري أن قانون الإعلام رقم 108 الذي صدر عام 2011 كان حينها من أفضل القوانين في المنطقة العربية من حيث إعطائه حقوقاً للإعلاميين واعتبار الإعلامي حاملاً لرسالة تخدم المجتمع.
وأضاف “أمين” أن القانون الحالي لا يعاقِب بالحبس سوى في حالة واحدة تتعلق بالقدح والذم الواردة عقوبته في قانون “العقوبات العام” والذي ينص على المعاقبة بالسجن، مشيراً إلى أن هذه النقطة كانت موضع جدل مع المعنيين في وزارة العدل، والذين رأوا أن الحل رفع قيمة الغرامة المالية وأشاروا إلى أن القاضي حين يرى غرامة مالية مرتفعة فإنه لا يأخذ بعقوبة السجن.
من جهة أخرى لفت “أمين” إلى النقاط المتعلقة بتطبيق قانون “الجرائم الإلكترونية” واستخدامه في القضايا المتعلقة بالتعبير عن الرأي للصحفيين على صفحاتهم الشخصية، مبيناً أن مشروع القانون الذي يتم العمل عليه سيتلافى هذه النقطة حيث سيتم اعتبار صفحات الصحفيين معتمدة كمنبر مهني، كما أنه سيعطي لوزارة الإعلام مهمة وصلاحية اعتماد مراكز تدريب إعلامية، الأمر الذي كان غائباً عن القانون السابق، إضافة إلى أن النسخة المقبلة من القانون ستعالج النقطة الأساسية المتعلقة بسجن الصحفي بجرم القدح والذم حيث سيكتفى بالغرامة المالية على أن يتم رفع قيمتها.
يحتاج الصحفيون في سوريا قانوناً يحميهم ويساعدهم على أداء دورهم، كما يحتاج القائمون على الإعلام إجراء مراجعة حقيقية لدور الإعلام والتطورات التي وصل إليها على مستوى العالم حتى تكون بيئة العمل صحية ومحفزة وفق مايرى مختصون….
اقرأ أيضاً:وزير الإعلام: حماية الصحفيين من الاعتقال بحاجة متابعة