الرئيسيةشخصيات سورية

سوريا…ذكرى انقلاب الرئيس الذي انقلب على نفسه

في ذكرى انقلابه الأول .. حكم في “دمشق” و اغتيل في “البرازيل”

سناك سوري _ دمشق

كانت تلك المرة الثالثة خلال 9 أشهر التي يسمع فيها السوريون أن انقلاباً عسكرياً وقع في البلاد فجأة وذلك عبر الطريقة التقليدية ببث البيان رقم 1 عبر إذاعة “دمشق”.

حمل البيان اسم العقيد “أديب الشيشكلي” يوم 19 كانون الأول 1949 واتهم فيه حينها رئيس الأركان “سامي الحناوي” قائد الانقلاب السابق بالتآمر على سلامة الجيش والبلاد والنظام الجمهوري، وأعلن “الشيشكلي” خلال هذا البيان أن الجيش سيترك البلاد في أيدي رجالها الشرعيين ولن يتدخل في السياسة إلا إذا استدعت سلامة البلاد ذلك!

مقالات ذات صلة

لكن “الشيشكلي” سرعان ما سيتخلى عن التزامه بهذا التعهد، لاسيما في تلك الفترة التي كانت تعج ليس فقط بتدخلات العسكريين في السياسة بل بانقلاباتهم المتتالية وتعاقبهم واحداً تلو الآخر على السلطة دون أن يتمكّن أيّ منهم من الإمساك بزمام الحكم أكثر من بضعة أشهر.

العقيد المنحدر من مدينة “حماة” والمشارك في حرب “فلسطين” لم يكن متعجّلاً في السيطرة على الحكم والتربّع على رأس السلطة، ويبدو أنه اكتسب تلك الخبرة من تجربته في المشاركة بالانقلاب العسكري الأول الذي قاده “حسني الزعيم” قبل تلك الليلة بتسعة أشهر لكنه انهار بسرعة.

حيث ترك “الشيشكلي” الرئيس “هاشم الأتاسي” على رأس الحكم في الفترة الأولى بينما اكتفى بمنصب نائب رئيس الأركان إضافة إلى عضويته فيما كان يعرف باسم “مجلس العقداء”، مستثمراً تلك الفترة لترسيخ مقاليد الحكم في يديه فحلّ مجلس العقداء وأسس المجلس العسكري الأعلى.

اقرأ أيضاً:أحمد الخطيب أول رئيس لسوريا بعد الحركة التصحيحية عام 1970

كتب “محمد البيلي” مراسل مجلة “آخر ساعة” المصرية في شباط 1951 أن شيئاً واحداً يجب ألّا يغيب عن البال أن العقيد “الشيشكلي” هو الرجل الحديدي في “سوريا”.

وفي تشرين الثاني 1951 نفّذ “الشيشكلي” خطوته التالية واعتقل رئيس الحكومة “معروف الدواليبي” ومعظم الوزراء ورئيس مجلس النواب ما أثار حفيظة الرئيس “هاشم الأتاسي” ودفعه لتقديم استقالته فبادر “الشيشكلي” إلى وضع الزعيم “فوزي سلو” في الواجهة رئيساً للدولة ورغم أن “الشيشكلي” كان الحاكم الفعلي في “سوريا” إلا أن المؤرخين يصفون تلك اللحظة بالانقلاب الرابع أي أن “الشيشكلي” ضمناً انقلب على نفسه.

يقول الباحث الدكتور “جورج جبور” في كتابه “الفكر السياسي المعاصر في سوريا” أن تأثير “الشيشكلي” أخذ يكتسي طابعاً دستورياً منذ صيف 1953 حين أعلن الدستور وانتخب “الشيشكلي” رئيساً في نظام ديمقراطية- رئاسية.

أصبح “الشيشكلي” رئيساً للجمهورية، نجحت خطته في الوصول التدريجي إلى الحكم على أمل أن تطول أكثر من سابقيه، وحاول في تلك الفترة القيام بإصلاحات اقتصادية وعسكرية لإظهار نفسه بمظهر العسكري المصلح الذي فعل ما عجز عنه السياسيون، وفي المقابل عمل “الشيشكلي” على قمع الحريات العامة لمنع أي معارضة له فأصدر مرسوماً بإلغاء الأحزاب السياسية وآخر بوقف إصدار الصحف والاكتفاء بأربعة صحف في “دمشق” و “حلب” و “حمص” و”الجزيرة”.

تمكّن “الشيشكلي” من فرض الاستقرار الأمني في البلاد خلال شهور حكمه وأسس حزباً سمّاه “حركة التحرير العربي” ليكون الحزب الرسمي والوحيد في البلاد، فيما تصاعدت ضده تحركات المعارضة.

اقرأ أيضاً:“أمين الحافظ” الرئيس الذي قاد المواجهات ضد الإخوان في حماة ورُبِطَ اسمه بالجاسوس “كوهين”

يُنسب إلى “الشيشكلي” القول (أعدائي كالأفعى رأسها في الجبل وبطنها في حمص وذيلها في حلب) في إشارة منه إلى المظاهرات والاحتجاجات المناهضة لحكمه والتي كان أبرزها احتجاجات “السويداء” التي استخدم “الشيشكلي” خلالها القوة في محاولة قمعها ما أسفر عن سقوط ضحايا.

أدى استخدام “الشيشكلي” للقوة إلى اتساع رقعة الاحتجاجات ضده لعدة مدن سورية، لاسيما المظاهرات الطلابية في “حلب” الأمر الذي عجّل من انتهاء حكم “الشيشكلي” ومع حلول 25 شباط 1954 تلا النقيب “مصطفى حمدون” من إذاعة “حلب” بياناً أعلن فيه انفصال القيادة العسكرية للشمال عن قيادة “دمشق” ودعا قطعات الجيش إلى الانضمام لحركته ضد “الشيشكلي” وسرعان ما أعلنت الفرق المختلفة من عدة محافظات انضمامها إلى “حمدون”.

أدرك الرجل الحديدي أن عهده قد انتهى فكتب استقالته ومضى إلى “بيروت” في اليوم ذاته ومن هناك إلى “السعودية” ثم “فرنسا” بعد سنوات إلى أن انتهى به المطاف في “البرازيل” حيث اعتزل العمل السياسي.

لكن ماضي الرجل لم يتركه حيث قام شاب من “السويداء” يدعى “نواف غزالة” في يوم 27 أيلول 1964 بإطلاق النار على “الشيشكلي” من مسافة قريبة ما أدى إلى وفاته على الفور، فيما حكم على “غزالة” بالسجن لأربع سنوات وفق روايته التي ذكرها قبل وفاته عام 2005 لإذاعة “الجبل” اللبنانية، مشيراً إلى أنه استهدف “الشيشكلي” ثأراً لضحايا “السويداء” الذين سقطوا إبان فترة حكمه.

اقرأ أيضاً:تعرفوا على أول رئيس لسوريا بعد الثامن من آذار 1963

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى