مبادرة أبو بحر.. سائق ينقل الطلاب مجاناً من قراهم إلى مراكزهم الامتحانية
أبو بحر يقدّم دعماً مجانياً لأهالي الطلاب غير القادرين على تحمّل أعباء المواصلات
للوهلة الأولى، قد تراها مجرّد سيارة عابرة للطريق المتجه من الريف إلى مدينة “اللاذقية”. دون أن يخطر لك أن مبادرة أبو بحر جعلتها ناقلة لأحلام وآمال 17 عائلة. برؤية أبنائها وبناتها يحققون النجاح المأمول في امتحان البكالوريا.
سناك سوري-ميس الريم شحرور
صاحب تلك الحافلة وقائدها “عمار ليلا” المعروف باسم “أبو بحر” قرّر أن يحوّلها من مجرّد سيارة تعمل على الطريق. إلى سفينة تحمل الطلاب والطالبات نحو أحلامهم المستقبلية وتجنيبهم مخاطرة التأخر عن موعد امتحانات الشهادات. كما قال لـ”سناك سوري”.
حيث بادر “أبو بحر” إلى نقل الطلاب مجاناً من قرية “قلعة المهالبة” بريف “القرداحة” على مدى 40 كيلو متراً تفصلهم عن مراكزهم الامتحانية في مدينة “اللاذقية”. فيما بدأ طلاب القرى المجاورة بالتوافد نحو حافلته للاستفادة من مبادرته التي تساندهم في فترة الامتحانات.
الرجل الخمسيني الذي يعرفه أهالي المنطقة بأخلاقه الدمثة وتعامله اللطيف مع كلّ ركاب الخطّ. يخرج من منزله في بلدة “دمسرخو” في الخامسة صباحاً ليصل إلى القلعة عند السادسة صباحاً.
ويقول “أبو بحر” لـ سناك سوري: «المبادرة هدفها مساعدة الناس الذين يصعب عليهم دفع مبلغ 350 ألف ليرة. لإيصال أبنائهم إلى مركز المدينة». ويردف: «الأوضاع صعبة ورصيد الإنسان في هذه الحياة أن يحس بالآخرين ومعاناتهم».
لا إقبال بالبداية
في بداية الأمر. لم تلقَ المبادرة إقبالاً من الطلبة. حيث استغرب الأهالي الفكرة التي جاءت في ظل ظروف مادية صعبة يعاني منها معظم السوريين. فيما أوضح “أبو بحر” أن مبادرته بدأت تنتشر تدريجياً عبر وسائل التواصل وبدأ بتلقي اتصالات الطلاب إلى أن اكتمل العدد بـ 17 طالب وطالبة من “قلعة المهالبة” والقرى المجاورة.
صاحب المبادرة ينتظر الطلاب بعد توصيلهم إلى مراكز امتحاناتهم المختلفة في “اللاذقية” في رحلة تحتاج ساعة ونصف للذهاب ومثلها للإياب. إلى أن يطمئن على سلامتهم وامتحاناتهم.
في حين، لا ينتظر أبو بحر أجراً لقاء عمله. ويعتبرُ أنّ دعوة صادقة من قلوب الأهالي وفرحة الطلبة بخروجهم من الامتحانات وقد لاقوا نتيجة تعبهم هي منتهى ما ينتظره. ويقول: «أشعر أن مسؤوليتي حماية هؤلاء الطلبة. جميعهم أبنائي وسعادتي برؤيتهم سعداء».
يختم الرجل حديثه بالقول: «لم أودّ أن يذكر اسمي فعمل الخير لا يجب أن يعرف به أحدٌ. وأنتظر ساعة إعلان النتائج لأعرف أن جميع أبنائي حققوا أحلامهم ونجحوا في دخول الاختصاصات التي يرغبون بها».
مبادرة “أبو بحر” لقيت ترحيباً في أوساط القرية ومحيطها لا سيما وأنه يتمتع بسمعة حسنة في المنطقة. وسط دعوات لأن تتحول مبادرته إلى قدوة قابلة للانتشار والتوسع بهدف مساعدة الطلاب وذويهم خلال الامتحانات في ظل الظروف المعيشية الصعبة.