محامون يوضحون لـ سناك سوري .. ماذا لو كانت الأم من دين آخر؟
سناك سوري _ دمشق
تنص المادة 170 من قانون الأحوال الشخصية السوري رقم 59 الصادر عام 1953 على أن للأب ثم للجد العصبي ولاية على نفس القاصر وماله وهما ملتزمان القيام بها.
وتعتبر هذه المادة السند القانوني للولاية على القاصر وأمواله، والتي تؤول في حال وفاة الأب للجد أو العم بحسب تراتبية عصبة الدم، بمعنى القرابة العائلية لناحية عائلة الأب، لكنها تثير تساؤلات حول حق الأم في إدارة أموال أبنائها القاصرين بحال وفاة زوجها أو نقل شيء من أملاكها لهم.
المحامي “تمام حسن” أوضح لـ سناك سوري أن للأم أن تقدّم طلباً للقاضي الشرعي بنقل الملكية للقاصر حيث يوافق عليه نظراً لأنه يندرج في إطار المنفعة المطلقة للقاصر، مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من أن الجد أو العم هم أوصياء شرعيون على أموال القاصر بحال وفاة الأب لكن ذلك لا يعني حريتهم المطلقة في التصرف بأملاكه.
وأوضح “حسن” أنه يمكن للجد أو للعم أن يتنازلوا عن الوصاية لصالح الأم بالاتفاق معها، بحال رأوا أنها جديرة بذلك، مبيناً أن الولاية العصبية للجد أو للعم من باب أنه يمكن للأم أن تتزوج فتنتقل قانوناً وشرعاً إلى قيود عائلة أخرى، في حين يبقى الجد أو العم ملزمين بالقاصر ومراعاة مصالحه.
ويفرّق المحامي “حسن” بين مفهومي الولاية والوصاية، موضحاً أن الولاية هي جبرية لعصبة الدم ولا يمكن التنازل عنها، فيما يمكن بموجبها التنازل عن الوصاية لصالح الأم بحيث يصبح بإمكانها إدارة أموال أولادها القاصرين بنفسها.
المحامي الدكتور “يوسف رزوق” أوضح بدوره لـ سناك سوري أن الولاية على النفس والمال تكون للأب والجد العصبي فقط، أما الولاية على النفس دون المال فهي واردة في المادة 21 من قانون الأحوال الشخصية التي تحدد ترتيب الأولياء “بالأب ثم الجد ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ الشقيق … إلخ” أي أن الولاية على النفس وفق منظور القانون تكون حقاً للعصبة الذكور دون الأم، أي قد يكون لابن أخ الزوج مثلاً ولاية على نفس القاصر بينما ليس للأم ذلك، ويكون القول الفصل لابن أخ زوجها فيما يتعلق بشؤون ابنها القاصر.
اقرأ أيضاً:بعد أكثر من 60 عاماً تعديلات بسيطة على قانون الأحوال الشخصية
أما الوصاية على أموال القاصر، فيوضح “رزوق” أن القانون رقم 4 لعام 2019 أعطى للأم الولاية لتزويج القاصر في حالة واحدة هي غياب العصبة الذكور، فيما نص على أن للأب، ثم للجد في حال فقدان الأب، أن يقيم وصياً مختاراً لولده القاصر أو حفيده أو للحمل، ويحق له الرجوع عن إيصائه، حتى لو كان الشخص غير قريب، ويتم ترتيب الأوصياء على المال فيأتي الأب أولاً ثم الجد ثم وصي الأب ثم وصي الجد ثم القاضي ثم وصيه، وقد حددت المادة 178 من قانون الأحوال الشخصية شروط الوصي بالقول « يجب أن يكون الوصي عادلاً قادراً على القيام بالوصاية، ذو أهلية كاملة، وأن يكون من ملة القاصر».
ويلفت “رزوق” إلى أن هذه المادة تعني أن الأم في حال كانت من غير ديانة فإنها ستحرم من الوصاية على مال ابنها، كما أنها تعامل معاملة الغريب، في الحصول على الإذن الشرعي للوصاية على أموال القاصر، مضيفاً أن المحاكم تقوم غالباً بمنحها وصاية مؤقتة وخاصة بأعمال محددة، وتحتاج إلى إذن من القاضي الشرعي في كل مرة تريد أن تنفق فيها على القاصر وفق حديثه.
من جهتها قالت المحامية “اعتدال محسن” لـ سناك سوري أن تعديل القانون عام 2019 أعطى المرأة الولاية على النفس بعد انتهاء كل العصبات الذكور وتوفر شروط الولاية الكاملة بها، مضيفة أن القانون يعطي الجد ولاية تساوي ولاية الأب تماماً بعد وفاته مع استبعاد واضح للأم حتى لو كانت هي الحاضنة أو كانت تنفق على القاصر من مالها.
واعتبرت “محسن” أن اقتصار دور المرأة على الخدمة والرعاية فقط وسلب حقها بالولاية على أولادها وربط هذا الحق بالعلاقة الزوجية أو انتهائها يعد امتهاناً لحق المرأة بالمساواة القانونية بين الجنسين، مشيرة إلى أنه وفي سنوات الأزمة شهد المجتمع السوري نساءً احتضنَّ أبناءهنّ بجدارة وقدرة كبيرة دون أن يحظين بمساندة من أحد، ما يعني أن الخلل لا يكمن بالمرأة ولا يقتصر فقط على القوانين بل أيضاً وبشكل كبير بالعادات والتقاليد التي تحطّ من قيمة المرأة وقدراتها.
ونوّهت “محسن” إلى أنه وعلى الرغم من إتاحة الولاية للمرأة عند انتهاء كافة الذكور العصبيين، لكن ذلك يبقى منقوصاً فمن حق المرأة أن تحظى بأولوية الولاية على أبنائها، شأنها شأن الأب لأنها الأقدر حباً ورعايةً وشفقة عليهم والأحق بإدارة شؤونهم في حال غياب الأب، بالإضافة إلى ضياع القاصر في خلافات كثيرة قد تنشأ بين الولي عليه بعد الأب وبين الأم ما يسبب متاعباً لكل الأطراف.
اقرأ أيضاً:تعديل قانون الأحوال الشخصية: منح الولاية للمرأة ومعالجة الأسباب الرئيسية للزواج العرفي