الرئيسيةيوميات مواطن

“لبنان” كما “سوريا”.. يضم الكثير من السوريين الفقراء!

أعطيني ألف يا خالة.. بالمناسبة “بيروت” ليست مدينة “الحب” كما يُخيل إليك!

سناك سوري-داليا عبد الكريم

«أعطيني ألف ياخالة»، قالتها وهي تمد يداً صغيرة نحوي، بقدمين حافيتين وملابس رثة، هي الأخرى كانت سورية مثلي، جمعنا مكان بعيد عن البلاد بصفتين مختلفتين، هي لاجئة وأنا ..أنا.. ربما أكون مثلها بطريقة أو بأخرى.

كانت محترفة حقاً، لم تتحدث سوى بالكثير الذي يثير عواطفي لتحصل على ثروتها الصغيرة، بينما كنت أهمُ بالدخول إلى أحد المطاعم بشارع “الحمرا” في “بيروت”، الطفلة تابعت حديثها، وأنا تابعت شرودي في محاولة لفكفكة المشهد الذي جمعني بها خارج حدود الوطن، بصفتين متناقضتين، قبل أن يتدخل صاحب المطعم ويطلب منها الرحيل بطريقة غير لائقة، مستقبلاً إياي بابتسامة عريضة حيث أشكل له زبوناً سيدفع له في النهاية.

تركتها خلفي في شارع لا يتقن الكثير من الإنسانية، تماما كما تُرك ملايين السوريين لمصيرهم في بلد غارق بالويلات، أنهيت وزملائي الذين يرافقونني برحلة عمل إلى العاصمة اللبنانية زيارتنا للمطعم، قبل أن نكمل مسيرنا بشارع “الحمرا” الذي أزوره للمرة الأولى، ووصلنا إلى السوبرماركت نريد شراء بعض الحاجيات.

مقالات ذات صلة

اقرأ أيضاً: “خليل” الذي غرس سكيناً عميقاً في قلبي.. سيكبر يوماً

«أهلين وسهلين»، قالها العامل بلهجة سورية أثارت رابطة الدم فينا، كان من قرى “جبل الشيخ” نزح إلى “لبنان” قبل عدة سنوات كما يقول، باختصار.. أنت هنا في “بيروت” لن تشعر بالغربة، ليس لأنك لا تؤمن بحدود “سايكس بيكو”، بل لأن الكثير من السوريين الفقراء يفترشون هذه الشوارع ويعانون فيها، وكأنها شوارع بلدهم!، الشوارع مختلفة والمعاناة واحدة.

مجدداً تركته خلفي ومضيت إلى الفندق المترف حيث سأمضي أيامي الأربع في باريس الشرق “بيروت”، داخل الفندق كان كل شيء مختلف، أنت لست نازحاً لتعاني، أينما تدفع سيكون مرحب بك دائماً داخل بلدك وخارجه، مرة أخرى لن تشعر بالغربة، إنهم يعاملونك تماماً كما تُعامل في بلدك، النقود تصنع المعجزات دائماً، بالمناسبة “بيروت” ليست مدينة الحب كما يخيل إليك.

قياساً بحماس الزيارة الأولى إلى “لبنان”، لم أجد في نفسي رغبة في السهر، صعدت إلى غرفتي الأنيقة في الطابق الرابع، بالتزامن مع صعود الكثير من الأفكار في رأسي، كان يبدو مشربكاً جداً من الداخل، لم تفلح معه كل محاولاتي لحلها وإراحته قليلاً، سرعان ما تحسن الأمر قليلاً وأنا أدخل في غيبوبة النوم، تلك التي تأخذك بعيداً جداً حتى عن أحلامك.

اقرأ أيضاً: عن فوبيا السلاح والشيطان والحمقى و”حبة البندورة” الضحية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى