الرئيسيةشباب ومجتمع

قبل العقد الثالث.. شابات يعشنَ رحلة مع أوجاع المفاصل

ظروف العمل الصعبة تفرض على الشابات الثلاث أوجاعاً صحية لا تنتهي

اعتادت الصديقات “حلا ” 27 عاماً، و”سارة” 28 عاماً، و”ندى” 33 عاماً، على الاجتماع بشكل شبه يومي تقريباً في إحدى مقاهي مدينتهم بريف “حماة” التي تضج بالحياة الواهمة بالنسبة لهن.

سناك سوري _ موجوعة

ما أن تحل الساعة السابعة مساءً، حتى تتوجه “حلا” نحو المكان المتفق عليه، حاملة معها وجع كتفها المزمن. والناجم عن عملها كمندوبة لإحدى شركات الدواء، والتي اضطرت خلاله حمل حقيبة فيها من الأدوية حب وشراب ما يقارب العشرة كيلو بشكل يومي. لتقوم بجولتها المعتادة على أطباء مدينتها.

ومن جهة أخرى تقابلها “سارة” التي تعمل سكرتيرة في معهد للغات بذات المدينة، بدوام يقارب الثماني ساعات. ولا أمامها سوى الكومبيوتر وإدخال بيانات الطلاب وتثبيت المواعيد، ليصبح زميلها الجديد تقلص بفقرات الرقبة نتيجة الجلوس لمدة طويلة دون حراك.

أطلت “ندى” بمشيتها السريعة المعتادة، ولكنها اليوم تسير ببطء فأوجاع ساقيها نتيجة المشي لمسافات طويلة. سبب لها مشاكل بالقدم ومنه فقدت سرعتها التي ألفتها وأحبتها. فهي تعمل مندوبة تجارية لصالح مستودع أدوية، وتكمن مهمتها في التجوال على كافة الصيدليات مشياً، وإعلامهم بما يحويه مستودعهم من بضاعة.

اقرأ أيضاً: سوريا: مشروع بـ 20 مليار يؤمّن 105 فرص عمل

“آآخ” موحدة، تنطقها الثلاثة سوية بعد الجلوس، “كيف رقبتك”، “شو قلك الدكتور عكتفك”، “لازم تقعدي او تسطحي وتريحي رجليكي”. بداية نقاش الصبايا الجميل، فها هو “حيان” 28 عاماً صديقهم، يطلق ضحكته عند بداية النقاش، ويردفها بقول ( أنا مرافق 3 ختايرة)، وليس القصد الإساءة بل أن هذه الأوجاع يجب أن لا ترافق الشباب بهذا السن.

منطقياً، الوحيدة من تعمل باختصاصها كانت “حلا” كونها خريجة كلية الصيدلة ونوعاً ما يهون عليها أنها مع آلامها تكتسب خبرة. على عكس “سارة” خريجة الاقتصاد، و”ندى” خريجة إعلام، ممن لم يجدن عملاً يلائم مادرسوه، وهم بحالة اضطرارية للعمل.

3 أمثلة ممن أخذن أوجاعهن باباً للنكتة، ورافقت حقائبهن أدوية المسكنات والمرخي العضلي في سن صغيرة. ليكنّ عيّنة من أعدادٍ كثيرة في هذه البلاد، تطمح بالحد الأدنى من حقوقهن بالراحة. ولسن طامعات وطالبات ليكنّ رؤوساء أقسام، وما رغبة إحداهن إلا أن تستيقظ بلا آلام نفسية أو جسدية.

وبنهاية كل جلسة، يكون القرار التالي المتفق عليه “أنا رح اترك الشغل”، لتأتي السابعة مساءً من اليوم التالي. ويشهد اللقاء بينهن قادمات بنظرات سخرية من قرار لن تتجرأ إحداهن على اتخاذه. ففقدان فرصة عمل حالياً خسارة لا يمكنك تعويضها في هذا الوقت وهذه الظروف.

وبكثير من الأمل، وبقليل من الواقع الطبيعي، يواظبن مسيرتهن نحو أحلامهن، لعل الفرج اقترب، وككثير من السوريين الذين فقدوا “الحيلة والفتيلة” ولم يعد بأيدهم حل، سوى تناول الأدوية.

اقرأ أيضاً: تعب كثير وأجور قليلة.. لا إقبال على مهنة جليس المسن

زر الذهاب إلى الأعلى