منذ أيام وأنا أنام وأستيقظ على تحضيرات شعوب العالم لعيد “الهالوّين” التي امتلأت بها صفحات التواصل الاجتماعي. أنا السوريّة “المهلونة” بلا عيد رسمي له، وبوجود كافة المبررات من حولي.
سناك ساخر _ هالوين مبارك
“تفتيحة عيوني من الستة”، القناع الأول الذي أرتديه يخبرني بأن نهاري سيبدأ بشكل جميل، وتبدأ الجولة التفقدية لمدى شحن أغراضي اللازمة. لإتمام عملي الذي يبدأ بالتاسعة.
أرتدي قناعي النفسي لمدة ثلاث ساعات متواصلة، أنني نشيطة (وأنا فعلاً هيك)، ويبدأ مسير المعاناة مع “الراوتر”، “البيانات”. “موعد التقنين”، “بطارية اللابتوب”، فهي كلها تصلح لأن ارتديها بالهالوّين، كونها باتت وسائل رعب لمن يعمل في مجال “الأون اللاين” في بلادي.
بمثابة المحاصرة بمنزلي حالياً، أود الخروج ولكن بعد الظهيرة هو الوقت الأنسب، (بدون ما تسألوني رح قلكن ليش)، حيث يحيط بي ثلاث بقاليات. “أبو محمود”، “أبو حسين”، “قاسم” متوزعين في الطرق الثلاثة التي أمشي فيها، و(للأمانة أنا متدينة من عند الـ3 ولسه الرواتب وين ووين لتجي). فهم حالياً “هالوّين” جديد بالنسبة لي والأفضل ألا نحتفل سويةً.
اقرأ أيضاً: فنانون يعايدون أحبتهم ومتابعيهم بعيد الحب
أحاول أن أمضي وقتي على النافذة، و أقول لنفسي (ياريت عندي منطاد لاطلع براحتي)، فأراقب جاراتي المنهمكات بمد السجاد و التحضير للشتاء. فأشعر بتشنج تلقائي يصيب ضهري، لمجرد فكرة اقتراب البرد “هالويني الشتوي”.
كونني القاطنة بشكل مستقل ولا أتمتع بميزة البطاقة الذكية، ما يعني رحلة بحث جديد عن مصدر يبيع المازوت الحر بسعر مقبول “هالويني تحت المطر”. ورغم يقيني أن التوزيع يتأخر (بس قضا احسن من قضا، حتى لو استلمت مخصصاتي بالصيف شو عليه كنت بخبيهن).
“هالويني والمطر” أشعر بنفسي تلك الشاعرة، التي اقتبست العنوان من “نزار قباني” بما يتناسب مع احتياجاتها و سأحول القصيدة بما يروق لي (الهالوين فتّق مشاعري).
(أخاف أن تمطر الدنيا ومازوتي ليس معي، فمنذ اعتماد البطاقة وعندي عقدة المطر، كان المازوت يغطيني بدفئه، فلا أفكر ببرد أو ضجر).
وأتابع قصيدتي الهالوينية، (كانت الريح تعوي خلف نافذتي، وصارت أفكاري وأعصابي هي من تعوي، فتهمس لي اصبري هاهو حدي. الآن أجلس والبرد يأكلني، يبدأ بذراعي ومن ثم ضهري وقدمي).
اقرأ أيضاً: ألمانيا.. سوري انفهم غلط فأوقفته الشرطة!
أعاود عملي بعد سردتي تلك، لأفقد تركيزي بعد نصف ساعة متابعةً أفكاري، لما لا يجتمع العالم أجمع عندنا و يحتفلوا بلا أقنعة بالهالوين؟.
أو لما لا يرسلون مندوبين يلقطون أنماط جديدة من الأقنعة عوضاً عن وجوه الوحوش التي يعتقدون أنها مخيفة، تعالوا وسترون أنه ومن أتفه القصص إلى أكبرها، يمكنكم تجسيدها على شكل قناع و إرعابنا به.
أود الآن أن أساعد المنظمات المعنية بإحصائيات أعداد السوريين في دول العالم، باعتبارنا من الشعوب التي توزعت في أرجائه. فقط ارتدوا قناع السمان أو المدير أو المازوت والغاز والبنزين وعلبة الحليب، سترون الخوف الحقيقي بالفعل.
(قال هالوين قال)، ما يرعبكم للأمانة بات يضحكنا كثيراً، فقد بتنا نرتعب من وجوهنا الحقيقية ومن واقعنا، التي بدوركم ترسمون عليها وتغطونها ليوم واحد. وبتنا نحتاج رسمها على مدى أيام العام، لوجودنا في دائرة ندور فيها حول ذاتنا بانتظارات معجزات ربانية تكفل معيشتنا.
(وكل هالوين وأنتو بخير يا عالم… هالوين السوري منو وفيه)، وللتذكير هذا هالوين فردي بحت، لأني لو رغبت بتعميمه سأصل إلى مصادر رعب أكبر قد تودي بي لنهايات غير محببة، تجعلني أتوق إلى برد الشتاء.