عفيف البزري … قاد ضباط سوريا إلى الوحدة فأطاحت به
رئيس أركان الجيش السوري بميول شيوعية
على رأس وفدٍ من الضباط السوريين المتجهين إلى غرفة الرئيس المصري “جمال عبد الناصر” بعد أن سافروا سراً إلى “القاهرة” واضعين نصب أعينهم هدف “الوحدة مع مصر” كان “عفيف البزري”.
سناك سوري _ دمشق
اللواء “البزري” بابتسامته الواسعة قاد 14 ضابطاً يوم 12 كانون الثاني 1958 أقلعوا من مطار “المزة” العسكري متجاوزين الحكومة في “دمشق”، لعرض الوحدة الاندماجية بين “سوريا” و”مصر” تحت رئاسة “جمال عبد الناصر”.
عام 1914 ولد “البزري” في “صيدا” جنوب “لبنان” وانتقلت أسرته إلى “دمشق” خلال الحرب العالمية الأولى، حيث درس “عفيف” في مدارس العاصمة السورية ثم التحق بالجامعة اليسوعية في “بيروت” لدراسة الرياضيات فضلاً عن دراسته للحقوق بجامعة “دمشق” لكن الظروف المادية للعائلة حالت دون متابعته للدراسة الجامعية لينقلب مصيره مع دخوله الكلية الحربية في “حمص” ويتخرج منها ضابطاً في “جيش الشرق” التابع للانتداب الفرنسي.
انشق “البزري” عن جيش الانتداب عام 1941 مع قيام ثورة “رشيد عالي الكيلاني” في “العراق” والتي انضم إلى صفوفها إلى جانب “جمال الأتاسي” و”أكرم الحوراني” وسجن إثر ذلك في “دير الزور” حتى عام 1943.
وتكررت تجربة اعتقال “البزري” على يد الفرنسيين بتهمة تحريض الجنود للقيام بثورة ضد الانتداب عام 1945 لكنه نجح في الهروب من سجن “بيروت”، بينما تم اختياره في لجنة تسلّم ثكنات الفرنسيين قبيل الجلاء.
بعد خروج الفرنسيين من “سوريا” أصبح “البزري” مدرساً لمادة “الطبوغرافيا” في الكلية الحربية في “حمص” لكنه سرعان ما انضم إلى “جيش الإنقاذ” للقتال في “فلسطين” وخلال الحرب ضد العصابات الصهيونية تعرّف “البزري” إلى قائد الجيش السوري “حسني الزعيم”.
فتح “الزعيم” باب الانقلابات العسكرية في آذار 1949 وطلب من “البزري” العمل معه حيث كلّفه بقيادة وفد التفاوض مع كيان الاحتلال بإشراف “الأمم المتحدة” والتي أفضت إلى توقيع اتفاقية الهدنة في تموز من العام ذاته.
بسقوط “الزعيم” رحل “البزري” إلى “فرنسا” ولم يعد إلى “دمشق” قبل عام 1953، وبسبب سمعته الجيدة اختير “البزري” رئيساً للمحكمة العسكرية التي حاكمت المتهمين بالتورط في ما سمّي بـ”المؤامرة العراقية” والتي اتفق من خلالها الوصي على عرش “العراق” “عبد الإله بن علي” مع “أديب الشيشكلي” لتنفيذ انقلاب على الرئيس “شكري القوتلي” لكن تم كشف الأمر وقاد “البزري” محاكمة المتهمين.
بحلول العام 1957 بدأ نوع من التقارب السوري السوفييتي وأبرمت صفقة سلاح روسي إلى “سوريا” بالتقسيط المريح، وبسبب ما عرف عنه من ميول شيوعية، اختير “البزري” رئيساً للأركان خلفاً لـ”توفيق نظام الدين” وتم ترفيعه إلى رتبة لواء.
“البزري” كان أحد صنّاع الوحدة مع “مصر” عام 1958 لكنها كانت سبب زوال عهده في رئاسة الأركان حيث لم يطل الوقت حتى أزيح عن منصبه وسط حديث عن تأثير ميوله الشيوعية على نظرة القيادة المصرية له وريبتها منه علماً أنه لم يكن منظّماً في الحزب الشيوعي.
وبينما استقال من الوظيفة الإدارية التي أسندت له في هيئة التخطيط في “القاهرة” تفرّغ “البزري” للكتابة في “دمشق” ووضع بعد الانفصال كتابه “الناصرية في جملة الاستعمار الحديث” والذي انتقد فيه “عبد الناصر”.
لم يلعب “البزري” بعد ذلك أي دور سياسي أو عسكري في “سوريا” باستثناء الكتابة ووضع الدراسات العسكرية إلى أن توفي في “دمشق” يوم 28 كانون الثاني 1994.
اقرأ أيضاً:خالد العظم … الوزير الأحمر حذّر من خطر عبد الناصر