أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

ظروف موسم القمح في سوريا لعام 2025: تحديات ومخاطر وآليات الاستلام

انخفاض إنتاج القمح في سوريا .. وموسم الحصاد أول اختبار لقدرات الحكومة

يبدأ موسم حصاد القمح في سوريا بعد قرابة 45 يوماً في وقت تمر البلاد فيه بأزمة حقيقية لناحية تأمين احتياجاتها من القمح خلال الفترة التي تسبق الحصاد، حيث ينتظر أن يساهم الموسم في تخفيف أعباء الاستيراد ويشكل أول اختبار لقدرات الحكومة على تجاوز أزماتها اللوجستية وإنجاز هذا الملف بأكبر عمليات استلام ممكنة وأسهل إجراءات.

سناك سوري – دمشق

وعلى الرغم من أن الموسم ليس مبشراً  نظراً لعوامل طبيعية كالجفاف الذي ضرب سوريا في شهري كانون الأول 2024 وكانون الثاني 2025، وكذلك للعوامل المتعلقة بالنزاع كالنزوح وغلاء مدخلات العملية الزراعية.

وتقدر “منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة- الفاو” إنتاج الحبوب في سوريا لموسم 2024 بأنه منخفض 13% عن السنوات الخمسة الماضية بواقع 3.4 مليون طن من الحبوب التي تشمل القمح والشعير والعدس والحمص وغيرها.

قمح
قمح

في حين، قال وزير الزراعة في حكومة تسيير الأعمال السابقة “محمد طه الأحمد” في كانون الثاني الماضي، أن نسبة الاكتفاء من القمح في “سوريا” حالياً تقل عن 20% إذ تحوّلت البلاد لاستيراد 200 ألف طن شهرياً بعد أن كانت تنتج كامل احتياجاتها.

وأضاف “الأحمد” في حديثه لقناة “الشرق” أن احتياجات “سوريا” من القمح تقدّر بـ 350 ألف طن شهرياً .

أما مدير عام المؤسسة السورية للحبوب “حسن العثمان” فقال الأسبوع الماضي أن المخزون الاحتياطي من الأقماح جيد، ويكفي لعدة شهور قادمة ولا خوف على تأمين الدقيق والخبز للمواطنين على حد قوله.

تمتلك “سوريا” بنية تحتية جيدة من الصوامع لاستيعاب محاصيل القمح المحلي ولديها قرابة 70 صومعة حبوب متوزعة في مختلف مناطق البلاد وفي حال كانت مجهزة يمكنها استيعاب كامل محصول البلاد من القمح لهذا العام،إلا أن العديد من هذه الصوامع بحاجة صيانة فورية وعاجلة واستثمار كامل طاقتها الاستيعابية سناك سوري

وتابع “العثمان” حديثه لصحيفة “الحرية” قائلاً أن استيراد القمح مستمر حيث جرى توقيع عقد شراء 100 ألف طن، وفي الوقت ذاته جرى الإعلان عن شراء 100 ألف طن أخرى سيتم استجرارها قريباً، إضافة إلى نقل القمح العائد للمؤسسة من المناطق التي تسيطر عليها “قسد”.

وتشير التقديرات إلى أن الموسم قد يصل لحوالي مليون ونصف مليون طن بينما تتراوح احتياجات سوريا في عام 2024 بين مليونين و200 ألف طن ومليونين و700 ألف طن وذلك بحسب التقديرات الحكومية آنذاك. لكن تصريحات وزير الزراعة السابق ترفع الاحتياجات لـ 3 ملايين و700 ألف طن سنوياً بناء على تقديراته التي تقول أن الاحتياجات الشهرية 350 ألف طن. وبكل الأحوال تبقى هذه متأرجحة ومرتبطة بعدة عوامل أبرزها عدد السكان ويليها توفر البدائل الغذائية للمواطن عن القمح الذي يعد أهم مصدر غذائي للمواطن السوري.

في درعا على سبيل المثال كانت المساحة المخصصة لزراعة القمح البعل 86317 هكتاراً تم تنفيذ 41299 هكتاراً بنسبة تنفيذ 47.8 بالمئة ما يعني أن إنتاج درعا انخفض لقرابة النصف.

موسم حصاد القمح في سوريا عام 2025… استعدادات!

مع اقتراب موسم حصاد القمح في سوريا لعام 2025، تتزايد التحديات التي تواجه عملية استلام المحصول، سواء على مستوى الفلاحين أو مراكز المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب. ويأتي هذا الموسم في ظل ظروف اقتصادية صعبة، ومشاكل متراكمة في البنية التحتية، مع استمرار التفاوت في السيطرة الإدارية على مناطق الإنتاج.

لكن أبرز 3 تحديات غير سياسية أمام عملية حصاد واستلام المحصول لعام 2025 تتمثل أولاً في اللوازم اللوجستية لعملية الحصاد من آليات ومحروقات وووإلخ، ثانياً توفير البنية التحتية للاستلام من صوامع مجهزة وآليات نقل وأكياس خيش..إلخ، وثالثاً وهو بنفس الأهمية مع كل ماسبق وربما يزيد قليلاً وهو تحديد سعر مشجع للفلاح على البيع وتأمين تسلميه التكلفة مباشرة فالفلاح بحاجة أمواله مباشرة وهو يخشى من أزمة حبس السيولة التي تعيشها البلاد حالياً وأن يتحول إلى طوابير انتظار.

حماية المحصول من الحرائق… المستلزمات اللوجستية 

أهم المستلزمات اللوجستية للحصاد هذا العام يتمثل أولاً في حماية المحصول من الحرائق التي بدأت تتكرر كل عام في “سوريا” ما يجعل من الضروري جداً الاستعداد والجاهزية للتعامل مع أي طارئ بما يضمن تحقيق عملية الإطفاء في حال اندلاع حريق بأسرع وقت وأقل ضرر ممكن.

وهذا يتطلب تنسيقاً وتعاوناً بين الفلاحين وأجهزة الدولة وتوفر عوامل الأمان والثقة أيضاً، بعدها تأتي أهمية توفر الحصادات وتأمين المحروقات والمستلزمات اللوجستية لها لكي تنجز عملها.

حرائق القمح في دير الزور 2024 _ سناك سوري

بالإضافة لتسليم أكياس الخيش بسرعة للفلاحين لكي يتمكنوا من الحصاد في الموعد واذا ما اضطروا للتخزين مؤقتاً في حقولهم أن يكون تخزيناً آمناً.تجهيز صوامع الحبوب لتستوعب قرابة مليون ونصف مليون طن.

استعدادات البنية التحتية

تمتلك “سوريا” بنية تحتية جيدة من الصوامع لاستيعاب محاصيل القمح المحلي ولديها قرابة 70 صومعة حبوب متوزعة في مختلف مناطق البلاد وفي حال كانت مجهزة يمكنها استيعاب كامل محصول البلاد من القمح لهذا العام،إلا أن العديد من هذه الصوامع بحاجة صيانة فورية وعاجلة واستثمار كامل طاقتها الاستيعابية، وعلى سبيل المثال صوامع ريف حلب الشمالي تتسع فقط لـ 48 ألف طن حالياً، بينما صوامع حمص تتسع لأكثر من 280 ألف طن.

ويخشى في حال عدم الجاهزية أن يتم التخزين في العراء وهو ما قد يؤدي لتلف جزء من المحصول كما حدث في سنوات سابقة مثل 2020 و2021.

فاتورة شراء القمح كبيرة جداً لناحية حاجتها للسيولة النقدية فإذا افترضنا أن الحكومة ستشتري كل الإنتاج المقدر بمليون ونصف مليون طن على السعر المحدد العام الماضي فإنها تحتاج لحوالي 8 تريليون ليرة سورية. وبالنظر لأزمة السيولة الحالية في البلاد يثير هذا الرقم قلقاً بالغاً.

وتدرك المؤسسة العامة للحبوب أهمية الاستعداد الجيد لهذا الموسم وحساسيته من أجل حماية الأمن الغذائي للسوريين. وقد عقدت المؤسسة اجتماعاً بالأمس ناقش تفاصيل لوجستية متنوعة لم يكن من بينها جاهزية صوامع الحبوب لاستلام كامل المحصول. والتي تشير معطياتنا أنه يتم العمل حالياً على دراسة واقع الصوامع واحتياجاتها.

تشجيع الفلاح.. السعر والدفع المباشر

تحتاج الحكومة السورية كل حبة قمح مزروعة لشرائها من أجل توفير احتياجات الخبز في البلاد ولكي تقلل من فاتورة الاسيتراد المرهقة والمكلفة، وبالتالي فإن عليها تشجيع الفلاح على تسليم المحصول للحكومة، كما أن الشراء المحلي يخفف الضغط على القطع الأجنبي ويدعم الاقتصاد المحلي والمزارع.

عوامل التشجيع هي سعر مغري ودفع مباشر وسريع دون الدخول في متاهات حبس السيولة والوقوف في طوابير السحب بالقطارة.

في العام الماضي قدرت الحكومة سعر الكيلو بـ 5500 ليرة سورية وقد استجرت كميات كبيرة من الفلاحين فقد كان سعراً مشجعاً إلى حد كبير.

لكن مع غلاء مدخلات العملية الزراعية هذا العام فإن 10 فلاحين تحدّث معهم سناك سوري قالوا أن السعر الذي يرونه مناسباً لهم هو بين 6000 و6500 ليرة للكيلو غرام الواحد.

فاتورة شراء القمح كبيرة .. تحدي السيولة

إن فاتورة شراء القمح كبيرة جداً لناحية حاجتها للسيولة النقدية فإذا افترضنا أن الحكومة ستشتري كل الإنتاج المقدر بمليون ونصف مليون طن على السعر المحدد العام الماضي فإنها تحتاج لحوالي 8 تريليون ليرة سورية. وبالنظر لأزمة السيولة الحالية في البلاد يثير هذا الرقم قلقاً بالغاً.

وعلى الرغم من ذلك فإن التكلفة بالعملة السورية تبقى أسهل لناحية التأمين من تكلفة الاستيراد فكل 100 ألف طن تستوردها سوريا تحتاج قرابة 25 مليون دولار حتى تصل إلى البلاد وفق آخر صفقة شراء نفذتها السلطات السورية والتي تشير المعطيات أنها تحتاج على الاقل صفقة أخرى قبل بدء استلام محصول القمح هذا العام.

عادات وتقاليد في مواسم استلام القمح يجب التخلص منها

في كل موسم قمح يواجه الفلاحون مشكلات مكررة مع السلطات يسميها الفلاحون عادات وتقاليد سنوية في مواسم القمح ويطالبون بالتخلص منها هذا العام وهي:

تأخر توفير السيولة المالية الكافية لدفع ثمن المحاصيل بشكل مباشر، دون تأخير، لطمأنة الفلاحين وتحفيزهم.

النقص في أكياس الخيش، ما يستوجب تأمينها من قبل المؤسسة وتوزيعها على الفلاحين مجاناً أو بسعر رمزي قبل بدء موسم التسليم، مع تنظيم عملية تسليم الكميات بشكل عادل ومرن.

نقص سيارات الشحن الكافية لنقل المحاصيل من الحقول إلى مراكز الاستلام، مما يتطلب التنسيق مع وزارتي النقل والإدارة المحلية لتخصيص آليات كافية خلال فترة الذروة.

ضرورة تأمين العتالة واليد العاملة اللازمة، وتخصيص مكافآت تشجيعية للعمل الإضافي.

يُعد موسم القمح في سوريا لهذا العام اختباراً حقيقياً لقدرة الدولة على تجاوز أزماتها اللوجستية والإدارية والمالية. ويظل التنسيق مع الفلاحين، وتوفير الحوافز والتسهيلات، وتحديد سعر شراء مشجع، وتأمين مستلزمات الاستلام، أموراً جوهرية لضمان استلام أكبر كمية ممكنة من المحصول سناك سوري

الحاجة لتوفير المحروقات لتشغيل مراكز الحبوب والمطاحن، خاصة في ظل التقنين الكهربائي.

مشاكل متعلقة بانقطاع الكهرباء، ما دفع إلى المطالبة بتركيب ألواح طاقة شمسية في بعض المراكز لتعزيز الاستقلالية التشغيلية.

فلاح في دير الزور يحصد قمح أرضه-سناك سوري

مقترحات الفلاحين

تقديم تسهيلات للفلاحين، تشمل استقبال القمح من مختلف الدرجات، وتبسيط فحوص الجودة.

تبسيط الإجراءات الإدارية بعيداً عن المراسلات البيروقراطية، واعتماد النظام الإلكتروني في التوثيق.

منح مكافآت للعمال المتميزين لتحفيز الأداء.

استثمار المقرات الفارغة التابعة للمؤسسة كمراكز مؤقتة إضافية.

التنسيق مع لجان الأحياء ومخاتير القرى لتأمين إيصال المعلومات إلى الفلاحين بوضوح حول مواعيد التسليم وآلياته.

تعزيز حملات التوعية الإعلامية لحث الفلاحين على تسليم محاصيلهم للدولة، وتوضيح أهمية ذلك للأمن الغذائي.

التنسيق مع الجهات الأمنية والإدارية لتأمين الطرقات وخطوط النقل خلال فترة التسليم، وضمان سلاسة الحركة.

المخاطر المتوقعة لهذا العام

ماتزال الحكومة السورية المركزية في دمشق لا تسيطر على كامل الجغرافيا السورية، بينما اعتاد الفلاحون -نظراً لتراكم السنوات السابقة- على بيع محاصيلهم بطرقهم وبشكل حر ومستقل عن الحكومة المركزية، سواء في شمال شرق سوريا أو في شمال غربها وفي ظل وجود منافسين داخليين محتمين بالشراء من الفلاح أيضاً، تستمر مخاطر تسرب كميات كبيرة من القمح إلى السوق السوداء أو التهريب .

يُعد موسم القمح في سوريا لهذا العام اختباراً حقيقياً لقدرة الدولة على تجاوز أزماتها اللوجستية والإدارية والمالية. ويظل التنسيق مع الفلاحين، وتوفير الحوافز والتسهيلات، وتحديد سعر شراء مشجع، وتأمين مستلزمات الاستلام، أموراً جوهرية لضمان استلام أكبر كمية ممكنة من المحصول، وتوفير مادة الخبز للمواطن السوري بأسعار مقبولة في ظل التحديات المعيشية المتفاقمة. كما أن نجاح هذا الموسم يتطلب استجابة سريعة وميدانية، لا تعتمد فقط على التخطيط المركزي، بل على آليات تنفيذ مرنة تتلاءم مع ظروف كل محافظة، مع تفضيل الشراء المحلي على الاستيراد الخارجي كلما أمكن ذلك، لما له من فوائد اقتصادية واجتماعية واستراتيجية كبرى.

زر الذهاب إلى الأعلى