![سوريا](https://snacksyrian.com/wp-content/uploads/2020/02/صورة-تعبيرية-الصحافة.jpg)
مادة باردة.. تعرفوا لماذا يتحدث الإعلام السوري عن البطاريق؟
سناك سوري-رحاب تامر
«بدنا مادة باردة من كل محرر اليوم»، لا أعلم من أين يستمد صديقي رئيس تحرير الموقع الموقر (شوية تمسيح جوخ مابضرو) تلك الثقة ليطلب منا مادة باردة، في عز السخونة التي نعيشها بدءاً من حرارة الطقس والرطوبة، وليس انتهاءاً بسخونة الوضع العام واشتداد غليانه، بطريقة تجعلني أشعر وكأني محشاية باذنجان تستنجد من شدة غليان طنجرة المحشي على النار.
فكيف لبتنجانة تغلي على النار أن تفكر بمادة باردة، أو حتى أن تفكر بأي أمر آخر، أسأل نفسي ولا يكترث رئيس التحرير لمبرراتي، يضحك ويعتبر أن حالتي الساخرة هذه، تحفز مخي على كتابة مادة باردة علما أنه لايبخل علي بالأفكار (كرماء رؤساء هالتحرير بالتنظير).
ماذا سأكتب اليوم؟، أفكر بكتابة مادة ما عن قرار فرض تصريف 100 دولار على الحدود لكل سوري قادم إلى بلاده، أوووه، وماذا سنستفيد من كتابة مادة كهذه، وكأن المعنيين ينتظرون أن نخبرهم أنهم مخطئون في هذا القرار، ويمتلكون الكثير من المرونة للعودة عنه.
حسناً، ماذا لو أكتب عن غلاء المعيشة وقلة الأجور، لكنه بات موضوع مستهلك، تقريباً كل الزملاء تداولوه من آلاف الزوايا ولا فائدة تُرجى من أي استجابة حكومية، طالما المسؤول لم يعاني بعد من هذه المعضلة الكارثية فلا حل سيلوح في أفق زمننا الحالي، والحرب والحصار يضاف إليهما تبعات أزمة الكورونا، حاضرون كحجج قوية ومنطقية لدى كل المعنيين.
اقرأ أيضاً: أول عملية احتيال لي حققت نجاحاً مدوياً – رحاب تامر
في هذه الأوقات، كان ضجيج المروحة قد توقف برحيل الكهرباء وبدء تقنينها، وازداد الحر سخونة ومعه ازداد الإلحاح على إيجاد مادة باردة، يالجحيم أيامنا وواقعنا الذي يعتبر بحد ذاته مادة باردة تصلح لملايين سنين قادمة، سنكون أكثر شهرة من “جان فالجان” برواية “البؤساء” لـ”فيكتور هيوغو”، لو أن أحدهم يكتبنا في رواية ما.
مادة باردة، أووه، الآن أدركت لماذا يحرص الإعلام الحكومي على عرض برامج وثائقية عن حياة البطريق، وهل يوجد مادة صحفية باردة أكثر من مادة يتم الحديث فيها عن البطاريق وحياتهم في القطب المتجمد؟.
يزداد التحفيز قليلاً، بعد أن يخبرنا رئيس التحرير بأن من ينتج مواداً باردة مميزة سيحصل على مكافأة مادية آخر الشهر، تلمع عيوننا فجأة ونصير نرى الأحرف نقوداً، والإلهام يصبح كرزاً ودجاجاً وحليباً وحفوضات لأطفالنا، من يبحث عن شهرة هنا وسط هذا الفقر كله؟، تخيل أن تمنحك مادة باردة طردين من الحفوضات من ذلك النوع الذي يُباع بالكيلو؟، في الحقيقة ذلك حظ لن يدرك قيمته سوى من لا يمتلك رئيس تحرير كرئيس تحريرنا يحفزنا بالنقود والمكافآت عوضاً عن الترهيب والتهديد بالعقوبة واقتطاع جزء من الراتب في حال لم نلتزم بالمهام الموكلة إلينا.
ينتهي الوقت سريعاً، وأدرك أني تمكنت هذه المرة من الحصول على مادة باردة، أنا البتنجانة التي تغلي وسط مرق كثيف من البندورة المغلية.
هامش: المقصود بالمادة الصحفية الباردة، هي تلك المادة التي لا تموت مع الوقت ويصلح نشرها دائماً دون أن تتأثر بالزمن، بخلاف المادة الخبرية العاجلة.
اقرأ أيضاً: “التلفزيون المتفلسف”.. هل سبقه أحد على فلسفة تكاثر أنثى البطريق؟