سحبه والده عن خشبة المسرح.. سبيعي بالأصل كان أبو صياح
في ذكرى وفاة “رفيق سبيعي” الذي قال قبل وفاته إن مايقدم في المسلسلات الشامية فبركة للحقيقة ..
سناك سوري – خاص
“أبو صياح”، “حكواتي الفن”، “المختار”، “فنان الشعب” ألقاب عدة سبقت اسم “رفيق سبيعي” أحد رواد وأعمدة الفن السوري والحائز على وسام “الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة” عام 2008، ليبقى لقب “أبو صياح” الأكثر رسوخاً في الذاكرة الشعبية.
يقول الفنان الراحل الذي توفي في مثل هذا اليوم عام 2017، في حوار سابق أجراه الصحفي “جهاد أيوب” عام 2010 عن كيف استطاع إقناع والديه بالفن: «حتى آخر لحظة لم يقتنعوا، فمثلا، ذات مرة كنت في بيت أهلي أشاهد التلفزيون مع والدتي، وإذ بأغنية لي على الشاشة، فحاولت مراقبتها ومراقبة انفعالاتها، فسألتها كيف ترين مهنتي الآن، فقالت لي يعني لا بأس لكنني مصرة أنك لو قمت بأي عمل آخر لكان بالتأكيد أفضل، وماتت وهي مقتنعة بهذه الفكرة، وهذا طبعاً يعود لبيئتها وتربيتها».
أما والده فقد كان يلاحقه ليعرف أين يعمل، كما قال “سبيعي” وأضاف: «مرة كنت أعمل كملقن مع الفنان عبد اللطيف فتحي، ولم أكن أظهر على الخشبة، وهناك من أخبر أبي بذلك، فلحق بي وسحبني من يدي أمام الفرقة كلها وقال لي: “شو رح تعملي كشكش؟؟” وكان يطلق على كل ماله علاقة بالفن “كشكش”، ولكن أبي كان مرنا أكثر من أمي، فعندما تجاوزت الثلاثين، وبدأت أعمل في التلفزيون، وأخذت أبي إلى السينما لأول مرة وأصبح يراني على التلفزيون تقبلني قليلاً».
اقرأ أيضاً: باب الحارة سيستمر حتى يعاصر الشبكة العنكبوتية
تعتبر شخصية “أبضاي” الحارة الدمشقية “أبو صياح” بشواربه وشرواله الفلكلوري الشخصية والعلامة الأبرز في مشوار الفنان السوري والتي قدمها ضمن عروضه الكوميدية وفي بداية الخمسينيات تعرف “السبيعي” على الفنان “عبداللطيف فتحي” الشهير بشخصية “أبو كلبشة”، وسرعان ما أصبحت شخصية “أبو صياح” من أشهر شخصيات المسرح السوري، ويقول “سبيعي” في إحدى لقاءاته السابقة: «ما زلت مرتبط بلقب “أبو صياح” لأني من بيئة أبو صياح، عشت في حي أين ما ذهبت أسمع هذه اللهجة وما تراني عليه الآن زيف المدنية أما أنا بالأصل ومن الداخل “أبو صياح”».
ومع انطلاق التلفزيون السوري عام 1960 انتقلت شخصية “أبو صياح” إلى الإذاعة ومنها إلى التلفزيون على يد الفنان “حكمت محسن” والذي تنبأ بنجومية “رفيق سبيعي” وبدأت شهرته على نطاق أوسع في مسلسل “مطعم السعادة” مع الثنائي “دريد لحام” و”نهاد قلعي” وتوالت بعدها النجاحات والأعمال فتجاوزت 100 عمل بين السينما والتلفزيون والمسرح.
اقرأ أيضاً: متابعون ينتقدون المسلسلات الشامية: المال شوه الذائقة الفنية
يرى “سبيعي” أن أكثر المحطات المؤثرة في حياته عندما اقترب أهله من الاقتناع بأن ما يقوم به هو عمل مشرف، مضيفاً: «أذكر أنني عندما أتيت إلى والدتي عام 1960 وقلت لها أنا ذاهب إلى مصر، فسألتني: “من أين لك ثمن تذكرة الطائرة”، فأجبتها: إنني موفد من قبل الحكومة التي تتكفل بمصاريفي، فدهشت، وأذكر أن تلك كانت هي المرة الوحيدة التي ودعتني أمي في المطار، فوقتها فقط عرفت أن ما أقوم به له أهميته لكون الحكومة تبنتني، فأعتبر هذه محطة مؤثرة، وعندما دخلت المسرح القومي وشاركت في تقديم عدد من المسرحيات المهمة في بدايات المسرح القومي أيضا من أهم المراحل، وكذلك عندما عملت كمخرج إذاعي، وأعتبر أن يوم اعترفت بنا الدولة كفنانين كان يوما مهما، ونقلة في حياتي، وقتها اعترف بنا المجتمع، وهذا يعني أننا حققنا الغاية المنشودة التي كنا نسعى لأجلها».
رغم كل النجومية التي حققها، لم يرضّ الفنان الراحل عن كل أدواره، هذا ما كشفه خلال لقاء تلفزيوني له من خلال برنامج “بيت القصيد” عام 2013، وقال: «أصبحت المسلسلات في كل فترة تبتعد عن حقيقة الواقع فمثلا الكاتب الذي قدم مسلسل “أيام شامية” لجأ لمراجع ومصادر من المقيمين “المستشرقين” ألمان وانجليز وفرنسيين الذين عاشوا فترة 1910 بدمشق وأرخوا لهذه الفترة ومنهم استقى الأعمال التي قدمها»، مضيفا: «اليوم اشتغل خيال المؤلفين وأصبح هناك استنساخ مشوه وبدأت “أكش” من هذه الأعمال ويفرض علي أحيانا بعضها ولست راضياً عن بعض ماقدمته منها».
يذكر أن “رفيق سبيعي” ولد عام 1930 في حي “البزورية”، في مدينة “دمشق” وتوفي فيها بمنزله يوم 5 يناير 2017 عن عمر ناهز 86 عاماً، بعد مسيرة فنيّة طويلة كان خلالها أحد أعمدة الدراما السورية.
وبدأت مسيرته الفنية والإبداعية نهاية أربعينيات القرن الماضي حيث قدم مونولوجات ارتجالية متنقلا بين مسارح “دمشق” ونواديها الأهلية فشغف الفن آسر مبكرا الفتى، في سنين عمره الأولى لم يكمل دراسته وسحرته الشاشة الفضية ونجوم السينما المصرية كما ردد أغاني “أم كلثوم” و”ليلى مراد” ليهجر مهنته في الخياطة متجها نحو الفن وكانت البداية كملقن للممثلين على خشبة المسرح ومؤدي لمونولوجات حفظها عن “شكوكو” و”إسماعيل ياسين” وأغنيات لـ”كارم محمود” لكنه اصطدم مع المجتمع الدمشقي المحافظ حينها والرافض لمهنة التمثيل.
اقرأ أيضاً: فنانون خسرتهم الدراما السورية خلال السنوات العشر الماضية