الرئيسيةرأي وتحليل

تحت جنح جلسة البرلمان .. اجتماع مكتب البعث الاقتصادي يمرّ بلا ضجيج

حاكم المصرف يفضّل إرضاء المستوردين على مساندة الليرة بوجه التدهور

انشغل الناشطون ووسائل الإعلام والمواطنون والمراقبون والمتابعون بجلسة البرلمان حول الوضع الاقتصادي فغاب أو غيِّب عن ناظرهم اجتماع المكتب الاقتصادي في حزب البعث الذي سبق مجلس الشعب وعبر دوره كمركز رئيسي للقوى.

سناك سوري _ زياد محسن

لقد مرَّ تصريح حاكم مصرف “سوريا” المركزي “عصام هزيمة” مرور الكرام. رغم خطورة ما جاء فيه حيث قال أن التغيّرات التي طرأت على سعر الصرف. سببها زوال بعض القيود التي كانت مفروضة مسبقاً على المستوردات.

حتى لناحية الشكل. كان من الواضح أن هذا التصريح أريدَ له أن يكون عابراً. حيث أنه ورد في خبر نشرته الصفحة الرسمية لحزب “البعث”. عن اجتماع عقد يوم الأحد لهيئة مكتب الاقتصاد المركزي في الحزب. واقتصر المعلن من حديث الحاكم على سطرين في آخر الخبر.

بينما كانت الأنظار تتجه يوم الاثنين إلى مجلس الشعب الذي أعلن قبل ذلك بيومين عن جلسة “استثنائية” قال إنها مخصصة لمناقشة الواقع المعيشي والاقتصادي وسعر صرف الليرة السورية. كان المكتب الاقتصادي للحزب يجتمع الأحد بعيداً عن ضجيج الشارع.

11 وزيراً وحاكم .. في اجتماع مكتب الاقتصاد المركزي

ترأس هذا الاجتماع. عضو القيادة المركزية للحزب ورئيس المكتب الاقتصادي المركزي “عمار السباعي”. وحضره وزير النفط “فراس قدور” ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية “سامر خليل” ووزير المالية “كنان ياغي” ووزير الكهرباء “غسان الزامل” ووزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك “محسن عبد الكريم علي” ووزير النقل “زهير خزيّم” ووزير الصناعة “عبد القادر جوخدار” ووزير الأشغال العامة والإسكان “سهيل عبد اللطيف” ووزير الإدارة المحلية والبيئة “حسين مخلوف” ووزير السياحة “محمد رامي مرتيني” ووزير الاتصالات “إياد الخطيب”. فضلاً عن حاكم المركزي.

التغيّرات التي طرأت على سعر الصرف. سببها زوال بعض القيود التي كانت مفروضة مسبقاً على المستوردات. حاكم مصرف سوريا المركزي عصام هزيمة

11 وزيراً إلى جانب حاكم المصرف تواجدوا في قاعة واحدة برئاسة “السباعي” الذي يعدُّ أعلى منهم منصباً على المستوى الحزبي.

هذا المشهد يظهِر أن صناعة القرار الاقتصادي لن تكون هناك في “الصالحية” حيث يتموضع مبنى مجلس الشعب السوري. بل في هذه القاعة.

الحاكم في اجتماعه الأخير

ولعل من المشاهد الراسخة في هذه القاعة. اجتماع للمكتب ذاته تم يوم 12 نيسان 2021 بحضور حاكم المصرف المركزي حينها “حازم قرفول”. الذي تحدث خلاله عن ضرورة الاستقرار في سعر الصرف. وحل مشكلة التضخم. وحل مشكلة المضاربات وضبط عملية السيولة لتهدئة الأسواق.

كان ذلك آخر اجتماع لـ”قرفول” إذ صدر مرسوم إعفائه في اليوم التالي مباشرةً. مع شنِّ حملة مجهولة المصدر حمّلته المسؤولية بعد إقالته عن تدهور الليرة والتي كان سعر صرفها عند حدود 3100 ليرة.

أظهر ذلك الموقف بوضوح مكمن الثقل في صناعة القرار أكثر فأكثر. فالحزب الذي يمتلك غالبية البرلمان المطلقة وغالبية الحكومة المطلقة. لم يقتنع بعد بضرورة توسيع المشاركة في صناعة القرار. على أن القرارات التي تأتي من الجهة نفسها وبالعقلية نفسها لن تخرج بغير حلول مكرّرة أثبتت حتى الساعة عجزها عن مواكبة ما يحدث.

حتى أن مسايرة بعض المطالبين بحجب الثقة عن حكومة “عرنوس” وتشكيل حكومة جديدة. أغفلوا أن أي حكومة قادمة يتم تشكيلها بالآليات ذاتها لن تخرج عن نطاق “البعث”. ولن يتغير سوى الأسماء والوجوه القادمة من سلة الحزب الواحد حاملةً منهجية لا تقبل التغيير.

ما معنى تصريح هزيمة؟

بالعودة إلى تصريح “هزيمة”. فقد حمل كلامه معانٍ كفيلة بإقالته على الفور. إذ اعترف الرجل سواءً تعمّد ذلك إم لا بأن التدهور الأخير جاء نتيجة قرارٍ اتخذه المصرف بتخفيف القيود عن المستوردات. وكأنه تسرّع في ذلك وانفلت منه عقال الأمور فترك كل شيءٍ يسير كما قدِّرَ له.

مصادر تمويل المستوردات بأربعة مصادر هي: حساب المستورد بالقطع الأجنبي لدى المصارف العاملة في “سوريا”. وبيع القطع الأجنبي للمستورد عن طريق المصارف. وبيع القطع الأجنبي للمستورد عن طريق شركات الصرافة. إضافة إلى كافة الموارد المتاحة للمستورد من القطع الأجنبي خارج “سوريا”. القرار 970 مصرف سوريا المركزي

 

وإشارته إلى التخفيف ترتبط بقرارات المركزي الأخيرة بإلغاء “منصة تمويل المستوردات”. وهو أمر لاقى ترحيباً من المعنيين بالاقتصاد إلا أن هذا التخفيف لم يكن كما ينبغي أو كما كانوا يطلبون.

إذ إن القرار 970 الذي ألغى العمل بقرار المنصة ذي الرقم 1070. حدد مصادر تمويل المستوردات بأربعة مصادر هي: حساب المستورد بالقطع الأجنبي لدى المصارف العاملة في “سوريا”. وبيع القطع الأجنبي للمستورد عن طريق المصارف. وبيع القطع الأجنبي للمستورد عن طريق شركات الصرافة. إضافة إلى كافة الموارد المتاحة للمستورد من القطع الأجنبي خارج “سوريا”.

ما يعني أن القيود لا تزال قائمة. إضافة إلى استمرار سريان القوانين التي تمنع التعامل بغير الليرة داخل “سوريا”. ما يجعل قائمة المستوردين المستفيدين من ذلك التخفيف محدودة بحدود قدرتهم على استيفاء الشروط والتعقيدات التي لا يستطيع استيفاءها إلا كل ذو حظ عظيم.

والخلاصة أن قرار زوال بعض القيود التي تحدث عنها “هزيمة” أفاد من أفاد ودفع ثمنه ملايين المتضررين من التدهور الدراماتيكي في سعر صرف الليرة إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخها.

زر الذهاب إلى الأعلى