دفعت “ديمة محمد” 21 مليون ليرة سورية كُلفة عملية إسعافية لوالدتها التي تعرضت لاحتشاء عضلة قلبية ثاني أيام العيد. لاستحالة إجرائها في المشفى الحكومي نتيجة عطلة العيد والإجراءات الروتينية التي كانت ستكلفها حياة والدتها. (الطبابة المجانية في سوريا بتسلم علينا كلنا).
سناك سوري-خاص
امتلكت “ديمة” خيار إسعاف والدتها لمشفى خاص وإجراء عملية قثطرة ومن ثم تركيب شبكة للصمام الأبهر. مدعومة بامتلاك العائلة لبعض المدخرات الذهبية أو اللجوء للاستدانة حتى يتم بيع موسم الأرض التي يمتلكونها.
إن كانت “ديمة” وعائلتها قد امتلكوا مثل هذه الخيارات، فإن معظم السوريين قد لا يمتلكونها خصوصاً أن الغالبية باعوا مدخراتهم. تحت وطأة صعوبة الحياة وارتفاع تكاليف المعيشة، فماذا يفعل السوريون الفقراء في حال تم التوجه الذي تحدث عنه وزير الصحة “حسن الغباش” منتصف آذار الفائت بتحويل المشافي إلى هيئات عامة مستقلة عبر التشارك مع القطاع الخاص. (بعبارة ثانية رح نودع الطبابة المجانية في سوريا).
في المشفى الخاص “كل شي بحسابو”
الوضع مختلف تماماً في المشفى الخاص حيث لا شيء مجاني على الإطلاق. كما تقول “ديمة” وتضيف لـ”سناك سوري”، بأنهم حين بدأوا إجراءات العملية كانت الكلفة التقديرية 17 مليون ليرة، ارتفعت إلى 20 مليون ليرة بعد إجرائها بسبب استخدام البالون كما أخبرهم محاسب المشفى.
وفي المساء تعرّضت والدتها لانخفاض مفاجئ في ضغط الدم، ليتم استدعاء جهاز إيكو تم استخدامه لمدة 10 دقائق. وكانت كلفته منفصلة ووصلت إلى 250 ألف ليرة. كذلك فإن الحالة تطلبت البقاء في المشفى ليوم إضافي بهدف المراقبة، وكلفة الليلة الواحدة 750 ألف ليرة. مشيرة أن فاتورة الدواء كذلك منفصلة عن أجرة المشفى ووصل ثمنها إلى 193 ألف ليرة.
الشابة التي تعمل في القطاع العام براتب لا يتجاوز الـ300 ألف ليرة شهرياً. ذكرت أن قسم الأمراض القلبية في المشفى الخاص كان مملوءاً بالكامل، وغالبية المرضى في سن الشباب لا تزيد أعمارهم عن 36 عاماً. وأضافت أن جارهم في الغرفة المجاورة كان شاباً عمره 25 عاماً، وكانت والدته تطلب من شقيقه الإسراع ببيع الأرض لتغطية تكاليف العملية بشكل عاجل.
فإن باع السوريون في ظل “الطبابة المجانية” مدخراتهم وأراضيهم بهدف العلاج. ماذا سيتبقى لديهم ليبيعوه حين تختفي الطبابة المجانية من حياتهم. وهل سيمنحون رواتب لائقة لتغطية مصاريف علاجهم بما فيها المفاجئة مثل الجلطات القلبية. ربما مجرد التفكير بالأمر يدعو للإصابة بجلطة، ستكلف عوائلنا ملايين الليرات التي لا نمتلكها أساساً.
وكان وزير الصحة قال خلال كلمته في ندوة “الاستثمار في الصحة” بجامعة دمشق. أن تقديم الخدمات المجانية واجب لكن هناك العديد من السلبيات. وهي وفق الوزير أنه «يمكن أن تُستغل من المقتدرين على تلقي الخدمة بشكل مدفوع جزئياً أو في القطاع الخاص. إلا أنهم يفضلون الحصول على الخدمة المجانية وبالتالي يأخذون دور وفرصة من يستحق الخدمة المجانية». وفقاً لما نقلته الوطن المحلية.
إلا أن الوزير لم يتحدث عن المرضى غير المقتدرين وكيف يمكن أن يتجاوزوا أمراضهم وهل تكفي المناعة لوحدها مثلاً؟ ثمّ إن تحويل غالبية المشافي إلى هيئات مستقلة بالتشارك مع القطاع الخاص وحتى لو وجدت مشفى حكومي مجاني بكل مدينة. فإن الأمر لن يكفي وسيزداد الضغط عليها وغالباً لن تفي حاجة المرضى الفقراء. بدليل أنه ورغم عدم تحويلها اليوم إلا أن “ديمة” التي تعيش في اللاذقية لم يسعفها الوقت لتجد مشفى حكومي قادر على استقبال حالة والدتها ومنحها العلاج اللازم بكلفة أقل أو بشكل مجاني.