السكن الشبابي.. كيف تراجعت الحكومة عن تحمّل مسؤولياتها؟
وزير الإسكان الأسبق كان قد أكد تحمّلهم المسؤولية بحال تعثر المشروع.. فماذا حدث؟
يبدو أن تأكيدات وزير الإسكان والمرافق السوري السابق “أدهم وانلي” عام 2002، حول التزامهم بغرامات التأخير بحال تأخروا بإنجاز السكن الشبابي في سوريا. ذهبت أدراج الرياح، ففي بلادنا تتغيّر الإجراءات بتغيّر المسؤولين الذين يمتلكون السلطة العليا بتوجيه الأمور كيفما يريدون.
سناك سوري-خاص
عام 2002، قال “وانلي” وزير الإسكان والمرافق قبل أن تندمج مع وزارة الأشغال العامة عام 2016 ويصبح اسمها وزارة الأشغال العامة والإسكان. إنهم التزموا بمدة 5 سنوات لتسليم منازل السكن الشبابي لأصحابها. وأضاف بحسب جريدة البيان الإماراتية حينها. أنه «بشرط اذا قصر المسجل المدخر عن دفع الاقساط المترتبة عليه يتحمل فوائد نظامية وقانونية واذا قصرنا بالتسليم بالفترة التي حددناها نتحمل ايضا نحن فوائد نظامية وقانونية والمدة هي خمس سنوات».
اذا قصرنا بالتسليم بالفترة التي حددناها نتحمل ايضا نحن فوائد نظامية وقانونية والمدة هي خمس سنوات. وزير الإسكان والمرافق السوري “أدهم وانلي” عام 2002
“وانلي” أكد أنه لن يكون هناك أي تعثر بمشروع السكن الشبابي في سوريا، وأضاف: «نحن التزمنا بخطة الخمس سنوات وهذا يتوجب علينا في سنة 2005 تسليم المشروع جاهزاً للسكن مع كل الخدمات المرافقة له».
لكن ماذا حدث؟
تعثر مشروع السكن الشبابي وألقي اللوم على الحرب، التي ليس من المنطقي أن يتحمل وزرها المكتتبون فقط. الذين اكتتبوا بناءً على أقساط تتناسب مع رواتبهم، ووجدوا أنفسهم فجأة بين خيارين الإلغاء أو دفع الفروقات! الأمر الذي يتنافى مع تصريح “وانلي” الذي أكد فيه التزامهم بالمسؤولية بحال قصروا بالتسليم ضمن الوقت المحدد!
في عام 2019، وخلال زيارة لوزير الإسكان “سهيل عبد اللطيف” إلى اللاذقية، وجّه إليه أحد المكتتبين بالسكن الشبابي سؤالاً جاء فيه: «لماذا تعاقبوننا على تأخرنا عدة أيام عن دفع الأقساط، في حين لا أحد يعاقب المسؤولين عن التأخر بإنجاز المشروع لأكثر من 11 عاماً».
وبحسب صحيفة الوطن المحلية، فإن المكتتب تساءل عن سبب زيادة الفروقات السعرية للأقساط بعد رفع سعر الشقق منذ ذلك الوقت ليصبح سعر الشقة 11 مليون بينما كان سعرها وقت الاكتتاب عام 2002، 560 ألف ليرة.
لكن رد الوزير لم يكن شافياً، إذ لم يتطرق لموضوع دفع الفروقات النقدية، واكتفى بالقول إن كل مكتتب سيحصل على شقته. دون إلغاء تخصيص أي منهم، أو تغيير في مواصفات الشقة.
مواطن لوزير الإسكان: لماذا تعاقبوننا على تأخرنا عدة أيام عن دفع الأقساط، في حين لا أحد يعاقب المسؤولين عن التأخر بإنجاز المشروع لأكثر من 11 عاماً
الحكومة تريد ما لها!
نهاية عام 2023 الفائت، دعت مؤسسة الإسكان المكتتبين لمراجعة فروعها في المحافظات، لاستبدال دفاتر مدفوعاتهم ببطاقة دفع إلكتروني، وكانت الكارثة أن عدداً من المكتتبين تفاجؤوا بإغلاق اكتتابهم، نتيجة تأخرهم عن دفع الأقساط أكثر من 240 يوماً.
بالمقابل المكتتبون الذين ألغي اكتتابهم، سجلوا بالسكن الشبابي عام 2004 وكانت مدة التسليم حينها 10 و12 عاماً. أي أن المؤسسة تأخرت عن تسليمهم مساكنهم 9 سنوات. حيث كان من المفترض تسليمها عام 2014 و2016. وفق ما ذكرت صحيفة الجماهير.
ومع ذلك ورغم التأخير، فإن مؤسسة الإسكان لم تترك “ما لها”، إلا أنها أيضاً تركت “ما عليها”. فكيف تنصف القوانين المؤسسات الحكومية ولا تنصف المواطنين؟ ومرة أخرى ماذا عن تصريح “وانلي” عام 2002 وتعهده بتحمل مسؤولية التأخير. وهل ينتفي التعهد بمجرد رحيل المسؤول عن منصبه أم أنه من المفترض وجود استراتيجية يبنى عليها؟
لاحقاً وفي شهر نيسان الفائت، أعلنت المؤسسة العام للإسكان وفق سانا منح المكتتبين مهلة أخيرة بمشروعي السكن الشبابي والعمالي. المتخلفين عن سداد الأقساط المترتبة عليهم، مدة 8 أشهر أي تنتهي خلال تشرين الأول القادم. لكن المشكلة ليست في إعطاء مهلة، بل في رفع أقساط الاكتتاب وأسعار المنازل التي تم الاكتتاب عليها بأقل من مليون ليرة واليوم باتت بعشرات الملايين. بينما من المستحيل أن يغطي الراتب الحكومي الذي لا يتجاوز الـ300 ألف بالمتوسط تلك الأقساط اليوم.