إقرأ أيضاالرئيسيةسوريا الجميلةقد يهمك

محمد زيتون: أكثر من نصف قرن على رحيل السندباد السوري

أكثر من نصف قرن مضى على رحيل السباح السوري العالمي “محمد زيتون” الذي خسرته سورية كما خسرته الرياضة وخسره عشاقه في 21 أيلول 1964 إثر حادث أليم تعرض له أثناء ذهابه لخوض غمار سباق النيل. وكان حينها المرشح الوحيد لنيل ذهبية السباق.

سناك سوري – بلال سليطين

كلام كثير قيل حينها عن وفاته التي اعتبرها البعض مدبرة. لكننا لا نملك أي دليل على ذلك. كل ما نملكه هو أرشيف ناصع بالانتصارات تركه البطل الشاب خلفه. وهو الذي رحل عن عمر ناهز الثلاثة والعشرين وعشرات الميداليات.

ألقاب لا تعد ولا تحصى نالها هذا السباح السوري البطل أولها السندباد وليس آخر الطوربيد البشري والنفاثة المائية وما إلى ذلك من الألقاب التي تدل على شدة بأسه وقوته البدنية وسرعته المذهلة في السباحة. فهو لم يتوقف مذ خاض أول سبق حتى رحيله عن تحطيم الأرقام القياسية سواء السورية أو العربية وحتى العالمية. وكان له نصيب الأسد من مجموع الميداليات الذهبية السورية في السباحة على مستوى العالم.

ولد أسطورة السباحة السورية في جزيرة أرواد عام 1941 وركب البحر قبل أن يركب الآليات. واجتاز المسافة بين أرواد وطرطوس تحت الأمطار وفي ظل الأعاصير. اجتازها سباحة وهو طفل في العاشرة من عمره وسط ذهول كل من شاهده. مبشراً منذ تلك اللحظة بولادة سباح سوري من الطراز الرفيع.

اقرأ أيضاً: في اليوم العالمي للمصارعة .. أبرز المصارعين السوريين عبر التاريخ

يقال أن “محمد زيتون” وهو بطل العالم أربع مرات (هواة ومحترفين) كان يسبح يوميا صيف شتاء دون انقطاع. وقد شوهد عشرات المرات وهو يتمرن على السباحة عبر ربط الفلوكة (قارب صغير) بخصره وسحبها سباحة إلى الشاطئ. لكن هذه التمارين كانت غير منظمة ولم يكن يشارك في سباقات رسمية. فقط كان يشارك بالسباقات الشعبية ويتفوق على الجميع.

قرار “محمد زيتون” المشاركة في السباقات جاء بعد مرافقته من على ظهر القارب للسباح “منير ديب العلي” في سباق الجمهورية العربية المتحدة. حيث أن حبه للسباحة دفعه للقفز في الماء والسباحة إلى جانبه وشد أزره وسط إعجاب شديد من خبراء السباحة آنذاك بسرعته وأسلوبه في السباحة. ومن هنا كانت البداية.

“محمد أمل العرب جميعاً” هكذا عنونت الصحف في الجمهورية العربية المتحدة عقب نيله ذهبيتي الجمهورية وسباق التحمل عن الإقليم الشمالي آنذاك (سورية في زمن الوحدة مع مصر).

من المواقف الغريبة التي مرت في حياة هذا السباح السوري الأسطوري. أنه وخلال أحد السباقات كسرت يده فأكمل بيد واحدة لمسافة 10 كم وحل في المركز الثالث. لكن لجنة التحكيم وتقديراً لما قام به منحته المركز الأول مكرر.

اقرأ أيضاًالعداءة السورية ديما الأكتع من أكثر المؤثرات في العالم

كل هذا كان يوحي بأن هذا الشاب السوري الذي يعمل في البناء والحدادة. سيكون له مستقبل زاهر على صعيد السباحة. وهو الذي لم يخيب الآمال منذ مشاركته العالمية الأولى في بطولة العالم “كابري نابولي” عام 1959 حين نال الميدالية الذهبية على مستوى الهواة.

وعاد أصغر سباح في بطولة العالم عام 1960 من جديد ليتوج باللقب على مستويي الهواة والمحترفين ويجبر الجميع على الوقوف والتصفيق لهذه الموهبة السورية المبدعة.

“الطوربيد البشري السوري يفوز من جديد في بطولة العالم للسباحة ويحقق رقماً قياسيا خيالياً” هكذا كان تعليق المذيع على راديو لندن وهو يشاهد السباح السوري وهو يصل إلى خط النهاية في بطولة العالم كابري نابولي 1961. وهي الذهبية العالمية الثالثة للبطل الشاب وقد نالها في العشرين من عمره.

تقول الأرقام والإحصائيات في أرشيف الطوربيد البشري الجبلاوي الأصل إنه لم يخسر سباقاً قط. وقد كان لافتاً مفاجأته للجميع عام 1964 عندما عاد للمشاركة في بطولة العالم بعد انقطاعه عنها لعامين. وكيف تمكن من سحق الجميع ونيل الميدالية الذهبية بجدارة مطلقة.

اقرأ أيضاًقادماً من دوري أبطال أوروبا … جان مصطفى إلى منتخب شباب سوريا

آخر سباق شارك فيه السباح محمد زيتون كان سباق النيل الدولي وقد حصد نتيجة الفوز به مبلغاً من المال اشترى به السيارة التي لطالما حلم بها والتي كانت في النهاية سبباً لموته عندما تعرض لحادث مروري فيها أدى لوفاته على الفور في “مصر”.

دفن “زيتون” في مسقط رأسه مدينة جبلة على الساحل السوري بمشاركة آلاف مؤلفة من السوريين وخصوصاً الجبلاويين الذين لطالما أحبوه وحزنوا على فراقه. وقد دفن على الكورنيش البحري في مكان يمر بقربه المواطنون يومياً مئات المرات.

ثلاثة وخمسون عاماً على رحيل من لا يعوض. رحيل السباح الذي مهما كتبنا عنه لا نوفيه حقه. لقد كان بحق ابن البحر وحوته الذي لطالما ابتلع الخصوم وتتوج بالذهب.

* نشر هذا المقال في الذكرى الخمسين لرحيل البطل “محمد زيتون” 21/9/2014 واليوم يعيد الكاتب نشره إكراماً لذكراه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى