أخطأت وسألت نفسي “ماذا لو كان هناك مشاعر لدى الجماد؟” ولم أعُد بعدها قادراً على البقاء في منزلي. فلا بدّ أنّ كل أغراض المنزل تكرهني بفعل الأعباء التي يفرضها عليهم تقشفي ووضعي.
سناك سوري-هادي مياسة
فكيف لهاتفي أن يحبني وهو مضطر على بذل جهد مضاعف لالتقاط الشبكة الخليوية الضعيفة؟ وأنا لا أراعي ذلك فأمنحه راحة كافية. بل أظل ملتصقاً به لغياب أية وسيلة ترفيه غيره، فلا يرى طوال اليوم إلا أنفي وجبيني.
وخزانتي التي كُسرت قدمها من كثرة تحريكها في عمليات تغيير الديكور بالأغراض نفسها. هل يُعقَل ألا تكرهني وأنا لم أحترم شيخوختها وإعاقتها وما زلت رافضاً إحالتها إلى التقاعد؟.
ومع تفاقم سوء تقنين الكهرباء حتى وصل إلى ساعة كهرباء واحدة أو أقل كل ست ساعات. كيف يمكن أن أروق لبطارية الإنارة وأنا اخترتها طفلة صغيرة لأتحمل تكلفتها، بلا أدنى مراعاة لمشقة عملها في هذه الظروف؟ أو المروحة التي اشتريتها لتتعذب في الحر معي لا أكثر؟
أو حتى البراد الذي يعيش ويعمل بلا جدوى بكامل العبثية، فقبل أن يصل إلى درجة التبريد المناسبة تغيب الكهرباء وتعود محتوياته إلى اكتساب الحرارة. فلا يختلف بذلك عن سيزيف الذي أصابته لعنة إلهية جعلته يقضي عمره وهو يحمل صخرة كبيرة تعود لتتدحرج نزولاً كلما وصل بها إلى قمة الجبل.
وكيف أتجاهل معاناة ملابسي التي أتركها بأوساخها لفترات طويلة ومهينة، فلا الكهرباء تعينني على سرعة غسلها ولا المياه.
بكل صراحة لا يمكن لأي غرض من أغراضي أن يحبني. إلا زجاجة عطري، وليس لأنني أدللها، بل لأنني أبقيها في حالة سُكرٍ مِن نسبة الكحول المرتفعة التي أخلط بها العطر.
نعم ربما مشاعر الجماد موجودة بالفعل ومن حق أغراضي أن تكرهني، ومن المنطقي أن أستحي وأخجل منها. ولذلك لم أعد قادراً على العودة للعيش معها وأنا أعلم أنني مكروه. ولأتجنب التشرد لا يوجد أمامي إلا البحث عمن اعتاد على العيش في بيئة لا تحبه، كي يعلمني الطريقة. ولكن كيف وأين يمكنني أن أجد شخصاً واحداً مثل ذلك؟