يا لروعتي.. ساعدت أهلي على تجاوز “مصيبة” عدم تفوقي في الامتحان!
هو ما كان حازز بنفسي إلا مشوار المساء يلي انحرمت منو هداك اليوم وما عاد يتعوض بنوب.. الله يسامحكم يا أهلي بس
سناك سوري-رحاب تامر
كان أحد أيام صيف عام 1997، حيث اختار مسؤولو التربية آنذاك أن يصدروا نتائج الشهادة الإعدادية ما قبل المغرب بقليل، وكانت نتيجتي لا ترتقي لمستوى طموح والديّ.
جلست والدتي والجيران يواسونها، بينما رمقني أبي بتلك النظرة، بالنسبة لي لم يكن الأمر يستحق الانتحار أو اليأس، على العكس تماماً، كنت أفكر فقط في مشوار المغرب مع صديقتي على طريق القرية كما درجت العادة أيام الصيف!.
بالفعل حرمت نفسي من مشوار المساء ذلك اليوم، مراعاة لظروف والديّ وحزنهما، بينما أتى حزن فقدان المشوار في وقته إذ بدا وكأني حزينة على نتيجتي!.
لقد كنت قوية بما يكفي لمساندة أهلي في تجاوز مصيبة العلامة القليلة!، “يا لروعتي”، أقولها في نفسي كلما تذكرت تلك الحادثة، هو ليس نوع من الغرور أو قلة المسؤولية، لكنه الأيام ستمشي بحزننا أو بفرحنا!.
انقضت الأيام سريعاً ورحل معها حزن والديّ على عدم تمكني من نيل المجموع الذي يريدانه، وأتت البكالوريا عام 2000 برفقة إجراءات قسرية فرضها عليّ أهلي، إذ لا تلفاز ولا مذياع ولا روحة مشوار، أحمد الله أن الفيسبوك لم يكن موجوداً وقتها!.
اقرأ أيضاً: مشهد ورقة أسئلة الفيزياء يخيف المتابعين فماذا فعل بالطلاب ؟
بعد انتهاء الامتحان وبينما كنت أسمع دعوات أمي لي بالنجاح والعلامة “يلي بترفع الراس”، كنت أنا أدعو الله أن لا تصدر النتيجة في الصباح فاضطر للاستيقاظ مبكراً، راجية الله أن تصدر مساءاً كما نتيجة التاسع.
ولأن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فقد استيقظت صبيحة أحد أيام صيف 2000، على صوت أبي يناديني أن أستيقظ لأن الجميع أحضر نتيجته وللآن لم يتمكنوا من جلبها.
نهضت من فراشي لأجد سيلاً بشرياً على شرفة منزل أهلي، أمي برفقة جاراتها كالمعتاد متوترة لدرجة أنها أشعلت سيكارة جديدة وسيكارتها في المنفضة لم تنطفئ بعد، أبي كان يروح جيئة وذهاباً وهو ينظر إلي وكأني سبب نكسة أوكتوبر (حينها لم يكن هناك أزمة كما الآن).
«خلص رسبت أكيد، روحي اجلي الجليات وهالصيف مافي بحر»، قالها لي والدي، وأنا المصدومة بكل ما يجري أطعت على غير عادتي، وبدأت أجلي وأنا نصف نائمة، لا يغريني شيء في تلك اللحظة سوى العودة إلى فراشي.
رنّ جرس الهاتف ليقطع جدار الصمت واليأس، «مبروك نجاح بنتك بعلامة متفوقة»، كان تلك العبارة التي سمعها أبي ليصرخ لي بأعلى صوته مبروك، وانقلبت المأساة فرحاً!.
أنا لم يكن يعنيني الأمر أبداً، كنت أفكر فقط بالإزعاج الذي سببوه لي، تركت المطبخ دون أن أكمل “الجليات”، تلقيت التهاني وأنا ما أزال شبه نائمة، عدت إلى فراشي، وحين استيقاظي بعد عدة ساعات أخدت “المعلوم” وطرت إلى السوق اشتريت الشوكولا وقلم الحمرة الأول في حياتي، بالإضافة لملقط حواجب، فقد كانت أمي تفرض قانوناً قسرياً بعدم تنظيف الحواجب أو وضع أحمر الشفاه قبل الانتهاء من البكالوريا!.
أتذكر هاتين الحادثتين وأنا أسمع وأقرأ وأرى، كل هذه الحالات الغريبة من إغماء وانتحار بسبب الامتحانات، وأتساءل في نفسي كيف يمكن أن يعرف الأهل طريقة تعاطي أولادهم مع الأمور في كل عمر، وكيف يمكن أن يتعاملوا مع أبنائهم في كل مرحلة عمرية بطريقة تزيد من مسؤوليتهم وتحسن استثمار قدراتهم.
كيف يمكن للأهل أن يعرفوا كيف يفكر أبنائهم، ويفهموا تفكيرهم في كل مرحلة عمرية، ويتعاملوا معهم على هذا الأساس,
اقرأ أيضاً: سوريون خلال الامتحانات.. فرض قانون الطوارئ في المنزل لا ضيوف ولا خروج!