من دكتور إلى يوتيوبر .. كيف تبدلت طموحات أطفال جيل زد؟
أطفال تغويهم الشهرة والكسب السريع .. وتسحرهم عوالم السوشال ميديا
قبل عصر التكنولوجيا كانت إجابات الأطفال لدى سؤالهم عن مهنة المستقبل تتراوح بين طبيب أو مهندس أو طيار أو أستاذ. لكنها تغيرت اليوم وتبدّلت معها أحلام الأطفال الذي بات كثير منهم يطمحون لأنو يصبحوا “يوتيوبر” أسوةً بنجوم السوشال ميديا.
سناك سوري – خاص
خلال أقل من عام تبدّلت أحلام “مارك 13 عاماً” في أن يصبح مهندساً للمعلوماتية ويتخصص بالبرمجة. إلى الطموح بأن يصبح يوتيوبر وصانع محتوى. حيث يرى أنه سيجني المال بلا جهد مضاعف من عمله في المستقبل بصناعة المحتوى ويقول لـ سناك سوري « بدي كون يوتيوبر بس أكبر مشان صير مشهور وما بتعب كتير متل ما تعبوا أهلي».
“ورد 12 عاماً” اختارت أن تصبح مصورة وتنشئ قناة على اليوتيوب. حيث قالت لـ سناك سوري « كان بدي كون دكتورة بس رح صير مصورة يشوفوني الناس ويصير عندي مصاري كتير».
السعي وراء الشهرة أكثر ما روجت له منصات التواصل الاجتماعي فلم يكن الأطفال في الجيل السابق يمنحون أهمية للشهرة كقيمة في حياتهم. بل كانت دوافعهم لاختيار مهنة دون أخرى تتمحور حول قيم مساعدة الناس والمحبة والعدالة وغيرها من المبادئ السامية.
أحلام الشهرة لدى جيل زد
أما «جيل زد» أي مواليد منتصف التسعينات وحتى 2010. فيمنح الشهرة أهمية فائقة وأولوية في حياته من خلال متابعتهم للأشخاص المشهورين على وسائل التواصل. والذين يغذونهم يومياً بسيل من الأفكار المغايرة لبيئة كل طفل أو يافع متابع للناشر. حيث يذهب الطفل المتابع مع أصحاب القنوات إلى عوالمهم وينسى العالم الواقعي الذي يعيش فيه.
“سيلينا 8 سنوات” تتمنى أن تصبح في المستقبل يوتيوبر ومغنية مشهورة حسب تعبيرها لسناك سوري مشيرة إلى أن الشهرة “شي حلو” يمنحها التفوق وفق حديثها.
يعتقد الأطفال الذين التقاهم سناك سوري أنهم سيكتسبون المحبة والاهتمام من الآخرين من خلال الشهرة كمؤثرين عبر وسائل التواصل.
تختلف “رزان 14 عاماً” عن بقية أقرانها حيث تتمنى أن تصبح طبيبة في المستقبل. وتقول في حديثها لـ سناك سوري « كل رفقاتي بدهم يصيروا يوتيوبر مشان يكسبوا الناس والشهرة. بس أنا بدي صير دكتورة وما رح غير حلمي لو شو ما صار» وتلفت “رزان” أنها تريد أن تصبح دكتورة لمعالجة أطفال السكري فهي واحدة من المصابين بسكري الأطفال.
اختلاف أحلام الأطفال اليوم وميولهم نحو أعمال مثل “اليوتيوبر”. أو صناعة المحتوى يعود لاختلاف التنشئة الاجتماعية وفرق الثقافة بين الجيلين الأخصائية الاجتماعية رندا ديب
لا يقف الأمر عند رغبة الأطفال واليافعين بالحصول على الشهرة أو امتهان الظهور على مواقع التواصل الإجتماعي كخيار في حياتهم . بل يصل إلى أن بعض الأهالي أنشأوا صفحات وقنوات لعرض حياة أطفالهم والمواقف التي يتعرضون لها. وقد حصدت هذه النوعية من المقاطع المصورة ملايين المشاهدات. كما أنشأ العديد من اليافعين قنوات خاصة لهم على اليوتيوب وباتوا تحت مسمى«مؤثرين» لكن حتى اليوم لم نستطيع قياس التأثير أو مفهوم التأثير الذي يسوق من خلال منصات التواصل .
الفرق بين الأجيال
ترى الأخصائية الاجتماعية “رندا ديب” أن اختلاف أحلام الأطفال اليوم وميولهم نحو أعمال مثل “اليوتيوبر”. أو صناعة المحتوى يعود لاختلاف التنشئة الاجتماعية وفرق الثقافة بين الجيلين.
وتضيف “ديب” لـ سناك سوري « الجيل الحالي هو جيل أكثر اطلاعاً وعلاقته أقوى مع الاجهزة الإلكترونية. الأطفال والمراهقون يميلون لتقليد الكبار فعندما ينظرون إلى عائلاتهم وهي تتصفح وتتابع المؤثرين على مواقع التواصل. ويهتمون بمعرفة أخبارهم وآرائهم فإن الأطفال يحاولون تقليد عائلاتهم».
وتلفت ديب « دافع المراهقين لاختيارهم مهن مواقع التواصل هو الحصول على مردود مالي بسهولة وبمتعة أكثر من الأعمال العادية وهو ما يروج له المؤثرون عبر المنصات الإلكترونية».
لدى الأطفال نوعان من الأحلام. الأول هو أحلام اليقظة والثاني أحلام الواقع. مبيناً أن الطفل حتى عمر الـ 10 سنوات يخرج في أحلامه عن الواقع ويميل للخيال كما يسعى لتحديد “قدوة” له أخصائي التربية عقاب الحلبي
أما عن التأثير على حياة الأطفال فتلفت الأخصائية الاجتماعية إلى أن التأثير المستقبلي يكون حسب فروق فردية تعود إلى اختلاف مستوى الإدراك والوعي بالبيئة المحيطة. وبينت أن الاهتمام الزائد بمواقع التواصل الاجتماعي يؤثر على الحياة الدراسية والاجتماعية والنفسية للطفل حتى بنظرة الطفل لنفسه إذ من الممكن أن يفقد تقديره لذاته.
وتنصح الأخصائية بمتابعة الأهالي لأطفالهم وما يتابعونه على منصات التواصل الاجتماعي مع تحديد وقت لتصفح الإنترنت قدر المستطاع.
تحديد أحلام الأطفال
يشير أخصائي تربية الأطفال “عقاب الحلبي” إلى أن لدى الأطفال نوعان من الأحلام. الأول هو أحلام اليقظة والثاني أحلام الواقع. مبيناً أن الطفل حتى عمر الـ 10 سنوات يخرج في أحلامه عن الواقع ويميل للخيال كما يسعى لتحديد “قدوة” له.
وينصح “الحلبي” الأهالي في مساعدة أطفالهم على تحديد أحلام مستقبلية واقعية مبنية على خطط وأهداف يستطيع الطفل تحقيقها ضمن بيئة سليمة. بحيث تلائم خططه المستقبلية البيئة التي يعيش فيها. .
ويفرّق الأخصائي بين نوعين من التقليد أو تبني شخصية كقدوة من قبل الأشخاص. ويشير إلى أن للوالدين دور في مساعدة الطفل على اختيار قدوة دون تقليدها لتحفيزه على تحقيق خططه المستقبلية.
ويرى “الحلبي” أن مراقبة الوالدين لأطفالهم على السوشال ميديا أمر مهم. كما يتوجب على الأهل محاورة أطفالهم وتبادل الآراء فيما بينهم حول تخطيط أحلامهم المستقبلية والمساعدة بتنمية تفكيرهم بقصص واقعية بعيدة عن الكذب والمبالغة كما يحدث في العالم الافتراضي.