ماذا تعرف عن يوميات عامل النظافة.. “محمود عباس” يعرفنا على عمله وحياته

“محمود عباس” عامل النظافة المتميز والزوج المحب
سناك سوري- نورس علي
«بفيق الساعة أربعة الصبح قبل كل الناس، بتروق وبلبس تياب الشغل وبنطلق على موقع العمل، بشيل كل الوسخ من الشارع حتى قمع السيكارة وهاد أكبر همي والله، لأنه بياخد مني وقت وجهد كبير».
بتفاصيل هذه الكلمات يبدأ “محمود عباس” يوميات عمله في تنظيف حي الميدان “مدرسة عماد عرنوق” بمدينة بانياس، والذي يعمل فيه منذ سنوات عديدة، اكتسب فيها رضى واحترام السكان الذين تمسكوا به يوم نقلته البلدية من حيهم للعمل على الكورنيش يوم حصلت العاصفة البحرية وخلفت الأوساخ والأضرار.
يعمل “عباس” في قطاع جغرافي تقدر مساحته بحوالي 6 كم، يقطعها يومياً سيراً على الأقدام يجر عربته أمامه، والتي تزن قرابة 50 كيلوغراماً، يجمع خلال مسيره قمامة الحي، ومارماه الناس في الطرقات خلال يومهم، فهذا الذي تناول كيس بطاطا ورمى الكيس في الشارع وتلك التي رمت العلكة، وذاك الذي رمى السيجارة وووو إلخ.
الرجل الذي أمضى عقدين من عمره ينام يومياً في الثامنة مساءً حتى يتمكن من الاستيقاظ باكراً للالتحاق بعمله في الرابعة فجراً والانتهاء منه في العاشرة صباحاً، أي قبل مرور سيارة نقل القمامة، التي تعمل على تفريغ الحاويات وأخذها إلى المكب،
يقول “عباس” في حديثه لـ سناك سوري إنه عمل مجهد جداً، لا ينتهي حتى تنتهي طاقتي معه، ما يحول دون قدرتي على ممارسة أي عمل آخر رغم أن راتبي كعامل نظافة لا يسد رمق عائلتي.
ظروف العمل الصعبة لا تمنع عامل النظافة من أن يعيش حياته، فهو يستحم بعد العودة من المنزل ويعطر نفسه ومن ثم يبدأ يومه: بشوف شو ناقص البيت من غراض وخضار وفواكه، وبسأل مرتي إذا بدها شيء خاص لأشتريه إلها، لأنها بتيقن بذوقي وبيعجبها كل شيء بشتريه، وبنزل بلتقى ببعض الأصدقاء بشكل يومي وبنشرب القهوة سوا على دوار البلدية، وبجيب الأغراض وبرجع على البيت بسهر مع زوجتي للساعة 8».
الرجل الذي ينظف الحي، يشارك أيضاً في تنظيف منزله، يقول إنه يحب مساعدة زوجته ويدرك كم أن هذا العمل مجهد، تقول “زوجته” كما ينظف قطاع عمله الكبير بكل كبرياء فإنه ينظف المنزل معي بكل حب وسعادة ومشاركة.
يرفض الرجل الأربعيني أي هدية من السكان في نطاق عمله أياً كان نوعها، يقول “عبد القادر تحوف” وهو صاحب محل فلافل إنه يرفض قبول وجبة الافطار مني مجاناً، يعلق “عباس” لـ سناك سوري على الأمر بالقول أنا أقوم بعملي وأقبل المكافآت فقط من البلدية، لقد كافؤوني مرة ووعدوني بمكافأة قادمة.
بيديه العاريتين ينظف “عباس” أوساخ الحي التي لم يلتزم السكان بوضعها في حاويات القمامة مكانها الصحيح، ويعمل دون تذمر أو كلل أو ملل في ظل عدم تعاون المجتمع معه، وعدم إدراك الكثيرين لدور عامل النظافة، ربما سكان الحي أدركوا دوره عندما تم نقله لتنظيف مخلفات العاصفة واحتجوا على البلدية حتى أعادته، إلا أن البلديات على مايبدو لم تدرك بعد أهمية عامل النظافة فأغلب العمال يعملون بموجب عقود موسمية أو سنوية، أو عن طريق عقود ممولة من منظمات دولية، دون وسائل حماية وحتى من دون قفازات، أو طبيعة عمل أو حتى رعاية صحية.
