أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليل

في وداع الرفيقة البطلة … لينا لؤلؤة حمراء

دافعت عن النساء حتى الرمق الأخير .. ذكريات خاطفة مع الراحلة لينا ديوب

كان صيف 2018 حين رأيتها لأول مرة تغادر مبنى جريدة “الثورة” لتركب معنا سيارة تقلّنا لحضور ورشة عمل صحفي.

سناك سوري _ محمد العمر

وكانت تتسلح بتلك الابتسامة الدائمة التي تمنحها حبّاً حتى من الغرباء. ولم يكن صعباً عليها أن تكون محبوبة الجميع وتكسر الحواجز معنا كأشخاص نقابلها للمرة الأولى.

حينها جلسنا على الشاطئ فطلبت من النادل كأساً من “الموهيتو” سرعان ما طالبته باستبداله وإضافة جرعة الفودكا فيه. لنتبادل الأنخاب سريعاً وتصبح رسمياً “الرفيقة لينا”. التي تساند نزوعي اليساري فيما كنت معجباً بأصالة طروحاتها النسوية.

كانت نسوية حقيقية وليست على غرار “نسويات اليومين دول”. إذ كانت تفكّر بالمرأة الحقيقية المرأة العاملة والكادحة التي تناضل في كل ثانية لأجل حياتها وحياة أسرتها. لأنها كانت جزءاً من قضية النساء تعيش معهن معاناة السوريات اليومية من السيرفيس إلى المنزل إلى العمل. وتكافح لإنهاء التمييز ضدهن لمجرد أنهنّ نساء.

تكررت اللقاءات لاحقاً مع “لينا” وفي كل مرة يزداد إعجابي بحيويتها وجرأتها وهدوء حديثها. وأصبحنا أصدقاءً ورفاقاً وزملاءً. جمعتنا سهرة صيفية غنّينا بها معاً لزياد ومارسيل والشيخ إمام. وكانت “لينا” تضحك وتغنّي وتشرب قدحاً من العرق تعدل به مزاج سهرتها.

عام 2021. حين كان الصحفي “يعرب العيسى” يوقّع روايته “المئذنة البيضاء” كانت “لينا” ترسل لي نسخة موقّعةً منه إلى “حلب”. لتعذّر سفري إلى العاصمة لحضور حفل التوقيع الذي امتلأ بضحكاتها وصخبها.

قبل عام. عرفنا خبر إصابتها بـ”اللوكيميا” فأجمع كل من عرفها على أنها ستنتصر على المرض. كان الأمل كبيراً في ذلك لشدة ما عرفناه فيها من حيوية وأمل ونشاط.

آخر ذكرى مع “لينا” كانت الشهر الماضي في “دمشق”. حين دخلت علينا في تدريب صحفي وهي ترقص فرحاً برؤيتنا بعد غياب. وتضحك رغم ما تركه المرض من أثر على صوتها. لكنها رغم ذلك دافعت خلال ذلك اللقاء عن أهمية جندرة اللغة الصحفية ومراعاة النساء في كل ما نكتب.

لقد بقيت حتى الرمق الأخير صحفيةً ومناضلة وحيوية. أحبّت الحياة بشدّة وعاشتها بفرح وابتسامة ومقاومة وعجز المرض عن إيقاف قلمها فكتبت عن معاناة مرضى السرطان وتفاصيل يومياتهم في المستشفيات. وتكاليف علاجهم وفوضى التعامل معهم وغيرها الكثير من المقالات التي زيّنها اسمها.

خسرنا “لينا” البارحة. خسرتها “سوريا” وصحافتها، وبينما ضجّ “فايسبوك” بنعواتها والتعازي بروحها كانت تتردد في رأسي أغنية “الشيخ إمام” فقط “لينا لؤلؤة حمراء”.

زر الذهاب إلى الأعلى