في سوريا تبرع بكل ثروته للأطفال المشردين
سناك سوري – غدير غانم
بالقرب من جامع الهدى في منطقة “الدويلعة” ينتقي مجموعة من الأطفال المشردين وغير المشردين ملابس وأحذية وبعض قطع الأنتيكا المرمية على الرصيف المجاور للجامع .
اقتربت منهم وسألتهم ماذا تفعلون؟: «عمو عم ناخد تياب ببلاش تعا تعا خود لولادك وفي لإلك كمان ، في تياب مقاسات كبيرة».
استغربت الأمر وسألتهم: «طيب عمو من وين هالتياب ؟؟!!».
يتدخل رجل مسن ويقول : «هي التياب لإلي أنا هون عم وزعها بلاش لهالناس المحتاجة ،خلين ياخدو ويلبسو ومابدي غير يدعولي».
قلت له «ومنذ متى وأنت تجمع هذه الألبسة ، وكيف جمعتها ؟!».
رد بصوت حنون: «من زمان وأنا بجمع وبشتري من هالناس بألف وبـ٥٠٠ خيو بأي شي، بشتري وبحط هون، وماحدا حاميني غير الله».
هذا مايقوله أبو محمد صاحب الثياب أو مايريد قوله للناس، لكن هل هذه هي الحقيقة؟ بالنسبة لي لم أقتنع كثيراً، فملامح الأسى على هذا الرجل تشير إلى وجود قصة وراءه.
اقتربت من جاره وهو صاحب محل لصيانة السيارات، سألته: «ما الحكاية هنا، من هو أبو محمد وهل حقاً هذه قصته؟!».
أجاب بلهجة شامية:« خيو هاد زلمي معتّر كان فاتح بسطة هون وعايش من رزقاتها، إجت البلدية وأخدت اللي فيه النصيب وقالولوا فضيلنا هالبسطة وماعاد بدنا نشوفك هون، قام هالزلمي فرش التياب بالأرض وصار يصيح للعالم تجي تاخد بلاش تعو خدو تياب لوجه الله ودعوليي».
وأضاف:«طبعاً “أبو محمد” كان نايم فايق آكل جنب هالبسطة ما بيملك غيرا ولاعندو شي بهالدنيا غير هالشوية أغراض».
هذا الرجل لم يرضى أن يمد يده لمال إلا من عرق جبينه وعمره، جلس هنا كفى الناس شره وأعطى الأطفال خيره، لسان حاله كان يقول قبل هذا اليوم:«نحنا ما بدنا غير نعيش ناكل ونشرب من تعبنا، ما بكفي كل شي خسرناه من هالحرب، رغم هيك بدن يحاربونا ويخلونا نشحد لنعيش، يرحمونا يرحمونا بس ويخلونا نعيش، أو يا أخي يلاقولنا محل ثاني نعيش فيه».