صاحب مطعم يعتذر عن لقاء صحفي خوفاً من ضريبة الشهرة
الشهرة تضاعف ضريبة مطعم سندويش 5 أضعاف
استيقظت صباحاً بنشاط وحماس الصحفيين/ات الشباب، ولدي ثقة أنني سأعود بمادة تبهر رئيس التحرير، فعدت له بضريبة أبهرته وستبهركم أنتم أيضاً.
سناك سوري _ تيماء يوسف
خرجت في التاسعة من المنزل، واخترت أن تكون أولى محطاتي الذهاب لأقدم محل حلويات مشهور في مدينتي. حيث يعود تاريخه لأكثر من 80 سنة، وبما أنه جزء من التراث رغبت بالإضاءة عليه وأن أشارك القراء بعضاً من تراث مدينتي المنسية. فكنت قد خططت لتصوير فيديو يجعلهم يتحسرون عند رؤية الحلويات مع عدم القدرة على دفع ثمنها “شم ولا تدوق”.
ولكن صاحب المحل صدمني بأن محله مغلق ولا يعمل خلال هذه الفترة من كل سنة (ما بين العيدين). وطلب أن أعود بعد عيد الأضحى لإنجاز مادتي الصحفية “تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي”.
تحدثتُ مع نفسي قليلاً في الشارع، وأدركت أن رئيس التحرير سيقول لي أنني عدت خائبة ولم أكن صحفية خلاقة وأضعت جهدي لهذا اليوم. وكي لا أسمع نقداً لعملي. بدأت أسير باحثة عن موضوع يرضي رئيس التحرير “النقاق” و يحقق غايتي الأولى، فمررت بجانب أشهر محل يصنع سندويش في المدينة وينال إقبالاً واسعاً وقلت في نفسي “هذا هو”.
محل يدفع ضريبة الشهرة
محل قديم صغير أصبح من تراث المدينة، فهو موجود منذ 40 عاماً تقريباً ورغم صغر حجمه إلّا أنَّ اسمه يعد (نقطة علامة) في المدينة.
وبهذا التقرير أعود إلى غايتي الأولى وهي التراث. جلست في الشارع وبدأت أجهز أسئلتي وأفكر بالفيديو وباللقطات التي سأصورها، ثم عزمت الأمر وذهبت إليه بثقة لأصطدم برده السريع والمفاجئ والمباشر.”بعتذر مابدي إعمل لقاءات صحفية”.
و لأنني بارعة بالنق كما يفعل الصحفيون/ات. حاولت الإلحاح بالطلب فروى لي الرجل اللطيف سبب رفضه الجَدّي. وكيف زارته صحفيتان منذ فترة وقامتا بتصوير فيديو عن عمله، وعندما انشهر على السوشيل ميديا تفاجأ برفع ضريبته السنوية من مليون إلى 5,000,000.
ذكرني بمصطلح “ضريبة الشهرة” ولكن صاحب هذا المحل المتواضع جربها في الواقع. فذلك اللقاء من سوء حظه أضاع الطريق، ووصل إلى المالية ليتم رفع الضريبة المفروضة عليه على مبدأ “جنت على نفسها براقش”.
بينما يبدو أن “المالية” انتقائية في ما تسمعه وتراه عبر وسائل الإعلام. إذ تتجاهل آلاف المقالات والمقاطع التي تتناول معاناة المواطنين/ات من الغلاء وارتفاع الأسعار والوضع المعيشي السيء. لكنها كانت بارعة بحسب وجه نظر الرجل في التقاط فيديو عن المحل وعمله لتجعله سبباً لرفع قيمة الضريبة 5 أضعاف.
وهنا راودني سؤال ماذا لو تحدث صاحب محل عن خسائر محله و معاناته المالية، هل سيحن قلب المالية الكبير عليه وتخفض له الضريبة مثلاً؟. أم أنها ستعامل حديثه كأنه لم يكن من باب أن قاموسها ينتهي عند كلمة “رفع” ولا يحوي مصطلح “تخفيض”؟.
أكمل صاحب المحل حديثنا بطرافة بأن الحديث عن محله أمر لا يفضله. فعادةً ما يتبع ذلك تعرضه لمرض مفاجئ أو يصيب محله عطل غير متوقع وعلى مبدأ “الباب اللي بيجيك منه ريح، سده واستريح”.
كان الرجل اللطيف حريصاً ألّا أحزن. فقدم لي سندويشة لكي يشبع فضولي الصحفي بلباقة، فكما تعلمون نحن الصحفيون لا نسكت حتى نصل إلى غايتنا ” كلي واسكتي يا ابنتي”.