
أطلق ناشطون دعوات للتظاهر تحت شعار “جمعة الغضب”، والمطالبة بتطبيق العدالة الانتقالية على جميع المجرمين، وتأتي دعوات التظاهر بالتزامن مع فيديو لشخص قال إنه عنصر أمن اعترف فيه بقتل “شبيح” بعد فشله بتقديم شكوى ضده.
سناك سوري-دمشق
واستخدم الناشطون هاشتاغ “الثورة مستمرة”، داعين للخروج في مظاهرات يوم الجمعة القادم، في حين يبدي معظم السوريين استغراباً من تأخر إطلاق مسار العدالة الانتقالية الذي يعتبر صمام الأمان بالنسبة للسلم الأهلي والوصول إلى سوريا الجديدة التي يحلم بها أبناؤها.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، ظهر “حسين نعيمي” ليعرف عن نفسه بأنه عنصر في جهاز الأمن العام معترفاً على الملأ بتنفيذه جريمة قتل بدافع الانتقام، الأمر الذي أعاد إلى السطح قضية العدالة الانتقالية المؤجلة، والتي كان من المفترض أن تكون حجر الزاوية في مرحلة ما بعد النزاع.
الاعتراف العلني الذي جاء في تسجيل مصور بثه المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعاد تسليط الضوء على الغياب شبه الكامل لأي مسار فعال للعدالة الانتقالية في سوريا، حيث قال “نعيمي” فيه إنه قتل رجلاً يدعى “أسامة” بحجة أن الأخير كان قناصاً على أحد الحواجز وقتل عمّه وصديقه خلال سنوات الحرب، وأضاف “نعيمي” أنه حاول مراراً تقديم شكاوى ضد “الشبيح” من دون أن يلقى استجابة، ليقرر في النهاية تنفيذ ما اعتبره “عدالة شخصية”، متوعداً بمزيد من التصفيات بحق كل من أذاق أهالي تلكلخ الألم.
دعوات لإطلاق مسار العدالة الانتقالية
وبينما تسعى بعض القوى إلى إعادة إنتاج الدولة كواجهة استقرار، فإن مشاهد كهذه تذكر بأن العدالة ليست أمراً ثانوياً، بل ضرورة وجودية لمجتمع مزّقته الحرب والانقسامات، ومن هذا المبدأ دعا إلى تنفيذها العديد من معارضي “الأسد” والسوريين الذين ينتظرون أن تشفى جراحهم بمحاسبة المجرمين.
المهندس “حسام الخوجه”، وعبر صفحته بالفيسبوك أعرب عن ثقته بالقيادة السورية، داعياً إياها لإطلاق مسار العدالة الانتقالية بوصفه أحد أولياء الدم السوري، وقال: «أدعوكم إلى البدء بإجراءات العدالة الانتقالية كما أقررتم في الإعلان الدستوري، أياً كانت تبعات هذا القرار، ومنح هذا الملف أولوية قصوى صوناً للسلم الأهلي، وإحقاقاً للحق، ودرءاً للفتنة، وردعاً لكل من يسعى إلى زرع الشقاق بين الشعب وحكومته».
من جانبها، الفنانة السورية “رشا رزق” شاركت مقطع الفيديو للعنصر الأمني، ووجهت انتقاداً لاذعاً لما وصفته بتجاهل السلطات الانتقالية لمطلب العدالة، محذرة من أن الاستمرار في طمس هذا الملف يفتح الباب أمام الفوضى والانتقام، وشددت على أن “إرضاء الداخل وأصحاب الدم والحق يجب أن يكون الأولوية”.
وفي هذا السياق، يرى عضو جمعية خليل معتوق لحقوق الإنسان، “ميشال الشماس”، أن فيديو الاعتراف بجريمة القتل في تلكلخ مؤشر خطير على حالة الانفلات الناتجة عن غياب مسار واضح للعدالة الانتقالية،
وأضاف في تصريح لصحيفة النهار، أن «عمليات الانتقام خارج إطار القانون لا تكتفي بتقويض السلم الأهلي، بل تساهم في طمس الحقيقة، وتُهدد بضياع الأدلة التي من شأنها إدانة مرتكبي الجرائم في عهد النظام السابق».
وحذّر الشماس من أن استمرار التجاهل الرسمي لهذا الملف، يعزز بيئة العنف المضاد، ويعبّر عن «خفة وسطحية في التعامل مع المتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة، الأمر الذي يُعد شكلاً من أشكال الازدراء بحق الضحايا وذويهم، ويغذّي مشاعر الانتقام».
ودعا الشماس إلى الإسراع في تشكيل هيئة عدالة انتقالية مستقلة، باعتبارها حجر أساس في مسار الاستقرار ومعالجة الجراح المفتوحة. وحمّل السلطة الحالية جزءاً كبيراً من المسؤولية عن انتشار مثل هذه الأفعال، نتيجة “صمتها وتقصيرها”، وفق تعبيره.
وأوضح أن أحد أبرز العوائق أمام إطلاق هذا المسار يتمثل في «خشية بعض المسؤولين الحاليين من أن تطالهم المحاسبة»، إلى جانب غياب بنية قانونية داعمة، نتيجة توقف عمل المجلس التشريعي في سوريا، مما يعقّد جهود إصدار أو تعديل القوانين اللازمة للعدالة الانتقالية.
وسبق أن دعت العديد من المنظمات والنقابات من بينها نقابة الفنانين السوريين، إلى الإسراع بإطلاق مسار العدالة الانتقالية، الذي ينظر إليه بأنه الضامن الوحيد لاستقرار البلاد والسلم الأهلي.