سناك سوري – رواد بلان
يبدو أن “إسرائيل” لا توفر سبيلاً للتدخل في سوريا، وحتى إن كان ذلك عبر الإتجار بمعاناة السوريين والمزاودة في الملف الإنساني، لعشرات آلاف المدنيين المقيمين في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة الإسلامية والمعارضة جنوب سوريا، في محاولة منها للتغطية على ما ارتكبته وترتكبه يومياً من إنتهاكات بحق أهالي المنطقة وخاصةً السوريين، التي تحتل أرضهم منذ ستينيات القرن الماضي.
فاليوم يحاول الاحتلال الإسرائيلي تقديم نفسه على أنها معبر المساعدات الإنسانية إلى ريف القنيطرة ودرعا، فتدفع “إسرائيل” لبعض المنظمات التي تعلن عن نفسها “كمنظمات انسانية”، منها أميركية-سورية ومنها اسرائيلية، لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، ويبدو هذا الأمر وكأنه يتم بالإتفاق مع الأردن (الشقيق)، الذي أخذ يضيِّق على دخول المساعدات الإنسانية وإسعاف الجرحى والحالات الصحية عبر حدوده، بشكل يسمح لإسرائيل أن تُظهر نفسها كمنقذ، فلا تطالب بحصة من المساعدات ولا تمنع العلاج عن مريض أو جريح، بل تسهل عملية النقل التي غالبا ما تقوم بها بالمجان، محاولة خداع الأهالي تحت ضغوط المعاناة والعوز وتقدم نفسها بمظهر إنساني تخفي ورائه كل أطماعها بسورية والسوريين.
تقول مصادر أهلية من القنيطرة، طلبت عدم كشف هويتها، في حديث مع “سناك سوري”:«بعد أن أغلقت الأردن حدودها بشكل شبه كامل بوجه دخول المساعدات الانسانية، وبدأت تطالب بنسب تصل إلى 70% في بعض الأحيان منها، وطريق طويل من الموافقات، وكذلك الوضع بالنسبة لبعض الفصائل العسكرية التي تم استقطابها بداية العمل العسكري في سورية وتقديم الدعم لها عبر غرفة الموك، تحت شعار دعم ثورة الشعب السوري، لتتحول بعد ذلك إلى محددٍ لبوصلة بندقيتها ومتى تشهرها».
وتعيش سوريا منذ سنوات صراعا عسكريا معقدا تتشابك به المصالح الإقليمية والدولية، والتي انعكست على الأرض السورية بصورة ليست أقل تعقيدا وخاصة في تلك المناطق الحدودية التي تحولت إلى بوابات للتدخل المباشر، ولعل المنطقة الجنوبية هي الأكثر حساسية لكونها على تماس مع العدو الإسرائيلي المحتل للجولان السوري، والتي يبدو أنها تحاول أن تكرر السيناريو التركي في الشمال، بدأً بالمساعدات الإنسانية إلى دعم فصائل مسلحة، سرعان ما يتحولون إلى أداة ومشروعية لمخططات ما يسمى “تأمين الحدود” أو “مناطق آمنه” لتلك الدول.
تضيف المصادر:«مع تدهور الوضع الإنساني بدا وكأن الأردن ينسحب لصالح إسرائيل، ففي حين ترفض الأولى استقبال جريح تجد الثانية تستقبله وتعالجه في مستشفياتها وتعيده، وعندما تمنع الأولى دخول المساعدات الإسانية تجد الثانية تسمح بعبورها، بل وتنقلها بالمجان».
ولفتت المصادر إلى أنه:«مؤخراً تم إدخال مستشفى وفرن ومساعدات إنسانية، ويتم الحديث عن مشاريع أخرى ستنفذ خلال الفترة المقبلة، وكل ذلك كان أشبه بالحلم عندما كانت الحدود الأردنية السورية هي النافذة الوحيدة للمساعدات».
اقرأ أيضاً : اتهامات لـ “غسان عبود” ومؤسسته “أورينت” بالعمالة للاحتلال الإسرائيلي
المصادر المحلية التي تفضل عدم الكشف عن اسمها بينت أن:«إسرائيل المحتلة للجولان السوري بدأت تلعب بشكل علني دور المنقذ الإنساني في بلدات “جباتا الخشب، أوفانيا، طرنجة، الحرية” بالريف الشمالي للقنيطرة، وهي تحت سيطرة فصائل معارضة وكتائب إسلامية وأبرزها فرسان الجولان، حيث تسمح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى جنوب سورية عبرها، بشكل ميسر وسريع، منها منظمات أورينت الخيرية، ورحمة، وحتى منظمة أماليا الإسرائيلية، التي كان لها نشاط في مرحلة سابقة وخاصة في المجال الطبي».
الدعم الاسرائيلي بحسب المصادر يمتد إلى بعض الفصائل المسلحة وذلك عقب التضييق الذي طالها من الأردن والأميركان، وبعيداً عن الإعلام كما يحصل في “بريقة، بير عجم” بريف القنيطرة الأوسط، و”غدير البستان، المعلقة، العشة” بالريف الجنوبي.
وحول موقف الأهالي من الدعم الاسرائيلي، أفادت المصادر أن:«الأهالي لا حول لهم ولا قوة، فمن جهة هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية ومن جهة أخرى هم يوقنون أن اسرائيل هي من تحتل الجولان السوري، ولا تقوم بهذه الأفعال إلا لخدمة مصالحها».
يبدو أن إسرائيل تعمل على خرق المجتمع السوري مستغلة الأوضاع المأساوية التي يمر بها بالعزف على الوتر الإنساني، وذلك لخلق بيئة غير معادية لها، قد تؤمن عبرهم المنطقة الآمنة التي تتحدث عنها، وسط مخاوف من أن تقوم إسرائيل بدور عسكري كالذي تلعبه تركيا في الشمال، تحت حجة تأمين حدودها المصطنعة في الجولان المحتل، إن كان كما تدعي من التواجد الإيراني أو من خطر تنظيم داعش المتواجد على المثلث السوري الأردني مع الجولان المحتل من قبلها، وذلك بالتنسيق مع الأميركان والأردن وغيرهم من الدول الفاعلة سلبياً في الأزمة السورية.
اقرأ أيضاً : اسرائيل تعزز دفاعاتها الجوية في الجولان المحتل بعد إسقاط الطائرة