السوريّة ريم شطيح تقدّم بحثاً في أمريكا حول تأثير ثقافة الشرق الأوسط على هوية النساء
شطيح لـ سناك سوري: تعزيز الصحة النفسية في سوريا يتطلب توفير الأساسيات مثل الصحة والتعليم
حصدت الكاتبة والباحثة السورية “ريم شطيح” جائزة المرأة العربية المتميزة في “الولايات المتحدة” عام 2019 تقديراً لجهودها الرائدة في دعم حقوق المرأة وتعزيز قضايا النوع الاجتماعي.
سناك سوري _ نور سليمان
وتعمل “شطيح” أستاذة جامعية متخصصة بعلم النفس في جامعات “أوهايو” و”أوترباين” و”كولومبوس” الأمريكية. وتقول في حديثها لـ سناك سوري أن رحلتها في علم النفس انطلقت بدافع الفضول والسعي لفهم العقل والسلوك البشري. حيث بدأ الأمر كسحر عميق لمعرفة تعقيدات الطبيعة البشرية ما دفعها لمتابعة دراستها حتى نالت الدكتوراه من جامعة “غراند كانيون” الأمريكية.
وأضافت “شطيح” أنها تسعى في مقالاتها إلى سد الفجوة بين البحث الأكاديمي ودراسة الظواهر والتجارب. وقالت أنها تلتزم كمحاضرة في إنشاء بيئات تعليمية جذابة لتفاعل الطلاب بشكل نقدي مع المفاهيم النفسية وتطبيقها على سياقات العالم الحقيقي.
ريم شطيح تعود إلى بلادها
تزور “شطيح” سوريا كل عام صيفاً وتقدم محاضرات في مراكز ثقافية متعددة لتشجيع الوعي النفسي والصحي في المجتمع السوري. تتناول الموضوع بحساسية ثقافية وتشجع المشاركة الفعالة من خلال جلسات تفاعلية. تقدم نصائح واستراتيجيات عملية وتتعاون مع المنظمات المحلية وقادة المجتمع ومتخصصي الرعاية الصحية لضمان وصول المعلومات إلى من يحتاجون إليها.
تعزيز الصحة النفسية في سوريا يتطلب اتباع نهج متعدد الأوجه يعالج الاحتياجات الفورية والتحديات. فضلاً عن دمج خدمات الصحة النفسية في أنظمة الرعاية الصحية الأولية والمبادرات المجتمعية الدكتورة ريم شطيح
تعزيز الصحة النفسية في ظل الظروف الصعبة
حول أهم النصائح التي قدمتها “شطيح” للأفراد الذين يعانون من مشاكل نفسية في ظل الظروف الصعبة، قالت: «بالنسبة للأفراد في سوريا، النصيحة الأكثر أهمية تدور حول طلب الدعم وإعطاء الأولوية للرعاية الذاتية. فأنا أشجّع الأفراد سيما الذين يعانون من مشاكل نفسية أو يتعرّضون للتعنيف على طلب الدعم من الأصدقاء أو العائلة أو المتخصصين. يمكن لمجموعات الدعم والخدمات الاستشارية تقديم المساعدة، والرعاية الذاتية، إضافة لممارسة التمارين الرياضية والاسترخاء، وإعطاء الأولوية للسلامة الجسدية والعاطفية».
يمكن للأفراد الحصول على الدعم النفسي من خلال البحث عن خدمات الصحة العقلية المهنية، ومن خلال المنظمات غير الحكومية ومجموعات الدعم، ويمكن للشباب السوري الطامح للانطلاق في طريق دراسة علم النفس أن يجدوا الدعم والتشجيع لممارسة هذه المهنة في المستقبل. الدكتورة ريم شطيح
وتؤكد الباحثة السورية أن علم النفس يلعب دوراً محورياً في بناء مجتمع سوري قوي ومتكامل من خلال تعزيز التفاهم والمرونة، ومعالجة التحديات المجتمعية، وتعزيز الوعي بالصحة العقلية، وتوجيه السياسات والبرامج لتعزيز التماسك الاجتماعي.
وأوضحت أن تعزيز الصحة النفسية في سوريا يتطلب اتباع نهج متعدد الأوجه يعالج الاحتياجات الفورية والتحديات. فضلاً عن دمج خدمات الصحة النفسية في أنظمة الرعاية الصحية الأولية والمبادرات المجتمعية. إضافة إلى توفير الوصول إلى الضروريات الأساسية مثل السكن والتعليم والتوظيف والاطمئنان وتوفّر ملتزمات الحياة. فضلاً عن إعادة بناء البنية التحتية، والاستثمار في برامج الدعم النفسي الاجتماعي، والتعاون الدولي المستدام.
أشارت “شطيح” في حديثها أنه يمكن للأفراد الحصول على الدعم النفسي من خلال البحث عن خدمات الصحة العقلية المهنية، ومن خلال المنظمات غير الحكومية ومجموعات الدعم، ويمكن للشباب السوري الطامح للانطلاق في طريق دراسة علم النفس أن يجدوا الدعم والتشجيع لممارسة هذه المهنة في المستقبل.
تأثير تمثيل النساء وهويتهن في المجتمع
وحول أطروحتها عن “تأثير ثقافة الشرق الأوسط على حياة النساء من حيث التمثيل والهوية”. قالت “شطيح” أن ثقافة الشرق الأوسط التي تندمج في نسيج غني من التقاليد والدين والأعراف المجتمعية. تشكّل أدواراً مهمة للمرأة وتوقعاتها وتجاربها ولكنها تحمل الكثير من التحديات والمعاناة. من السلوكيات العائلية إلى التغيّرات والظروف المجتمعية، إلى النظام الأبوي. أو الشرف، أو الصورة النمطية، فالقيم الثقافية تمارس تأثيراً قوياً على استقلالية المرأة، وفاعليتها، وشعورها بذاتها. علاوة على ذلك، فإن تفاعل الثقافة مع العوامل الاجتماعية والسياسية والدينية يزيد من تعقيد المشهد، حيث تواجه المرأة درجات متفاوتة من الحرية وكثير القيود عبر سياقات مختلفة داخل المنطقة. وإن فهم هذه التأثيرات الثقافية أمر ضروري لتوضيح واقع المرأة ووضع استراتيجيات للتمكين والتغيير الاجتماعي وفق حديثها.
حواجز تمنع النساء من المشاركة الفاعلة
وتواجه النساء بحسب “شطيح” في كثير من الأحيان حواجز نظامية تَحول دون المشاركة الكاملة والقيادة في مختلف مجالات الحياة. وإن تمثيلهن شبه المعدوم في وسائل الإعلام والسياسة والدين والقوى العاملة لا يعكس المواقف المجتمعية فحسب بل يعززه، علاوةً على ذلك، تتشابك هويات النساء بشكل معقد مع التوقعات والتصورات المجتمعية، مما يؤثر عليهنّ. وتعد معالجة التفاوتات في التمثيل وتحدي الصور النمطية القائمة على النوع الاجتماعي خطوات نحو تعزيز المجتمعات الشاملة حيث يمكن للمرأة المساهمة في التقدم الاجتماعي”.
البحث العلمي الذي قدّمته “شطيح” يتعمق في التفاصيل الدقيقة المحيطة بتأثيرات ثقافة الشرق الأوسط على حياة النساء، ويركّز على عاملين هما التمثيل والهوية. ويستكشف البحث موضوعات متنوعة بما في ذلك سلوكيات الأسرة، والزواج، والتعليم، والتوظيف، والحصول على الرعاية الصحية، والمشاركة السياسية، مع تفاصيل لحياة النساء اليومية، مما يوفّر رؤى قيّمة حول التحديات والفرص التي تواجهها المرأة في سياقات مختلفة. ومن خلال استخدام منهجيات صارمة وأساليب متعددة التخصصات، يهدف البحث العلمي إلى توجيه السياسات والبرامج القائمة على الأدلة التي تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة”.
وعن تأثير تلك التفاصيل على هوية وتمثيل النساء في المجتمع. تقول “شطيح” إن التفاصيل التي كشفت عنها الأبحاث العلمية لها آثارها على هويتهن وتمثيلهن في المجتمع. ومن خلال تسليط الضوء على العوامل الأساسية التي تشكّل تجارب المرأة. تتحدى الأبحاث الروايات والصور النمطية، وتعزز فهماً أكثر دقة لأنشطة النوع الاجتماعي داخل المنطقة. كما تعمل نتائج البحث كعوامل محفّزة للحوار، مما يشجّع على التفكير النقدي في الممارسات التي قد تؤدي إلى إدامة التمييز بين الجنسين. ويستطيع صنّاع السياسات والناشطون وقادة المجتمع العمل لإحداث تغيير حقيقي، والدعوة إلى السياسات والمبادرات التي تعزّز حقوق المرأة، واستقلالها، وخلق بيئات أكثر شمولاً وإنصافاً حيث يتم تقدير النساء كأعضاء ومساهمات.
يذكر أن “ريم شطيح” تعمل كأستاذة لعلم النفس في جامعة “أوهايو” الأمريكية ونالت العديد من الجوائز خلال المؤتمرات النسوية التي شاركت فيها بسبب مقالاتها وأبحاثها المهتمة بشؤون المرأة.
إشراف: محمد العمر