الرقة.. حين لا يتبق لك من مدينتك إلا لوحة باسمها!
سناك سوري- خاص
«ستة عشر يوماً قضيتها أراقب لوحة سيارة مكتوب عليها الرقة، إنها من رائحة مدينتي الجميلة، لابد أن صاحبها أيضاً ابن مدينتي، لابد أن أتعرف عليه، لابد أن أتواصل معه مهما كلفني الأمر».
كل تلك الأفكار كانت تراود الشيخ “بوزان علي البشير الهويدي” أحد وجهاء مدينة الرقة، الذي رأى سيارة تحمل لوحة مدينته صدفة في مدينة القامشلي التي غادر إليها هرباً من الحرب في مدينته، فكان لابد أن يتعرف على صاحبها، حيث أمضى 16 يوماً وهو كل يوم يأتي إلى مكان السيارة ويقف إلى جانبها بانتظار التعرف إلى صاحبها.
يتحدث الشيخ الهويدي لـ سناك سوري فيقول: «قبل عدة أشهر وصلت إلى القامشلي هارباً من الحرب في الرقة، ومن حينها وأنا أحاول أن أتعرف على أبناء مدينة الرقة الموجودين هنا، وأخيراً أسعفني الحظ حين وجدت سيارة تحمل لوحة الرقة، كنت أقف بجانبها ألمسها حيناً وأراقبها بعيوني أحياناً أخرى، بلمستي لها كنت أشعر أني ألمس أحد أبناء مدينتي، وكم وددت لو تأخذني تلك السيارة إليها بين حقول الألغام وتحت قصف الحرب».
يتوقف الرجل السبعيني قليلاً عن الكلام، لقد باغته الدمع، لم يحبسه، على العكس سمح له بالإسترسال، وساد الصمت قليلاً، ثم تابع: «لا أخجل من دموعي، إنها لأجل مدينة الرشيد، وكم ترخص الدموع لأجل الرقة الجميلة».
يتابع “الشيخ” حديثه: «وأخيراً تعرفت على صاحب السيارة لقد كان من الرقة أيضاً، أعاد لي الكثير من الذكريات، وأصبحنا صديقين اثنين يتقاسمان وجع الشوق والحنين».
يؤكد “الهويدي” إنه يتواجد يومياً في شارع القوتلي بمدينة القامشلي، حيث يمشي ويتنزه، فالأمر بالنسبة له عادة قديمة يحدثنا عنها بالقول: «كنت معتاداً على السير يومياً لمدة ثلاث ساعات في شارع القوتلي بالرقة، اليوم لم أعد أستطيع السير في الشارع الرقاوي، لكن هذا الشارع يحمل ذات الاسم فقررت استرجاع عادتي القديمة في شارع باسم مشابه وتفاصيل مختلفة».
الشيخ الهويدي ينتظر بفارغ الصبر انتهاء الحرب في الرقة، إنه يحلم بهذا اليوم، ويؤكد أنه سيكون أول العائدين إلى الرقة.