إلغاء التكميلية للبكالوريا.. التربية تبحث عن توفير الأعباء والطلاب عن تحقيق الأحلام
بعد إقرارها بظروف استثنائية .. هل إلغاء التكميلية يحقق العدالة للطلاب

حققت الطالبة “غفران الريّس” من “ريف دمشق” حلمها بدخول الكلية التحضيرية بعدما استفادت من تقدمها للدورة التكميلية قبل سنوات وتعديل معدّلها بما يؤهلها لدخول الفرع الذي طالما كان طموحها.
سناك سوري _ ديالا البحري
“غفران” مثال من آلاف الطلاب الذين أعطتهم الدورة التكميلية فرصة ذهبية لتغيير مصيرهم سواءً عبر تحقيق النجاح أو عبر تعديل المعدّل العام دون الحاجة لخسارة سنة إضافية من أعمارهم. لكن هذه الأحلام ستتبدّد مع الطلاب الجدد بعد إعلان وزارة التربية إلغاء الدورة التكميلية وفرض نظام الأتمتة اعتباراً من العام الجاري.
بلغت نسبة الطلاب الذين يؤيدون قرار إلغاء التكميلية ممن استطلعنا آراءهم 19.4%.
التكميلية.. فرصة لقلب الموازين
أثار قرار إلغاء الدورة التكميلية جدلاً بين الطلاب ومن خلال استبيان أجراه موقع سناك سوري شمل 31 طالب وطالبة بريف دمشق ممن سيتقدمون للشهادة الثانوية 2024-2025. فقد أبدى 80.6% منهم معارضتهم لقرار الإلغاء ورأى البعض أنه مجحف في ظل استمرار ما تعانيه البلاد من أزمات تلقي بظلالها على أداء الطلاب وتحصيلهم الدراسي.
وأعربت طالبة البكالوريا “مريم درويش” من ريف دمشق عن تخوّفها من إلغاء التكميلية. وأرجعت ذلك في حديثها لـ سناك سوري إلى احتمال تعرض الطالب لظرف مفاجئ خلال العام الدراسي ما يؤثر على تحصيله ببعض المواد الأمر الذي يمكن تعديله من خلال التعويض بامتحان الدورة التكميلية .
حصر تقديم امتحانات الشهاده الثانويه بدورة واحدة خطوة سلبية بحق الطالب الذي يقبع تحت ظروف ضاغطة ويواجه معوّقات شتّى. المدرّسة ملك عرابي
في حين يرى “عباده سويد” طالب بكالوريا علمي. بأن التكميلية فرصة وأمل يتيح للطالب إمكانية تحسين علاماته وزيادة معدله لدخول الفرع الذي يرغب حيث من الصعب إعادة سنة مثل البكالوريا ما يدفع الكثير من الطلاب إلى القبول بدراسة تخصص لا يلائم رغبتهم تجنّباً لإعادة سنة كاملة.
طلاب يؤيدون قرار الإلغاء
وبلغت نسبة الطلاب الذين يؤيدون قرار إلغاء التكميلية ممن استطلعنا آراءهم 19.4%. حيث ترى الطالبة “نور فارس” أن ذلك يخفف العبء عن الطالب بحيث لا يحمل همّ امتحانين متتاليين بينهما فترة قصيرة وترى أن التكميلية تحمل عدم مساواة بين الطلاب.
وتقول “نور” لـ سناك سوري «الطالب الراسب لا يحق له سوى إعادة المادة التي رسب بها حتى لو كانت مادة واحدة في حين يحق للطالب الناجح تحسين علامات ثلاث مواد مايعني غياب الإنصاف بين الطلاب». مشيرة إلى أن الإلغاء يمكن أن ينعكس إيجاباً لناحية خفض معدلات القبول الجامعي مع انخفاض أعداد الناجحين.
ظروف استثنائية..
صدرت الدورة التكميلية عام 2011 نتيجة الظروف الاستثنائية التي عانت منها البلاد، ولكن هذه الظروف القاسية لم تنتهِ بعد ومازالت تؤثر بشكل أو بآخر على الطلاب ودراستهم.
كما أن تعطيل بعض المدارس إبان زلزال السادس من شباط 2023، والكورونا 2020. أدى إلى فاقد تعليمي خصوصاً لدى طلاب الثانوية، فكانت التكميلية فرصة لهم. لا سيما للطلاب المتضررين من الزلزال والذين عاشوا صدمة كبيرة تحتاج بعض الوقت للتعافي ومعاودة الإنطلاق.
بينما دفع التدهور الاقتصادي نسبة من الطلاب إلى الاضطرار للعمل إلى جانب الدراسة سواءً لمساعدة أسرهم. أو لتأمين تكاليف دراستهم من معاهد ودروس خصوصية في ظل تراجع الوضع التعليمي العام.
ترى مدرّسة اللغة العربية “ملك عرابي” أن حصر تقديم امتحانات الشهاده الثانويه بدورة واحدة خطوة سلبية بحق الطالب الذي يقبع تحت ظروف ضاغطة ويواجه معوّقات شتّى.
تقول “عرابي” لـ سناك سوري «يمضي الطالب عامه الدراسي على ضوء اللدات وفلاش الجوال بسبب انعدام الكهرباء أو ندرتها مما يشكل إرهاقاً له. كما أنه يقاسي من الدراسة بدرجات حرارة منخفضة في ظل غياب وسائل التدفئة شتاء، وكذلك درجات الحرارة المرتفعة صيفاً فكل هذه العوامل الخارجية تؤثر على تركيز الطالب ماينعكس على أدائه وتحصيله نهاية العام».
تبرر وزارة التربية إلغاء الدورة التكميلية بالتكلفة الكبيرة كونها تسبب إرهاقاً للتربية من جوانب مادية عديدة من النقل إلى الطباعة وأجور الامتحانات ومن مراقبة وتصحيح سناك سوري
وتضيف «الدورة التكميلية أمل الطالب بتحسين علاماته أو تغيير نتيجته من راسب إلى ناجح بفترة قصيرة دون إهدار عام كامل».

وقد أعادت الدورة التكميلية لعام 2024 وهي الأخيرة الأمل والتفاؤل لمعظم الطلاب بزيادة معدّلهم أو تغيير مصيرهم من راسب إلى ناجح بعد إجماعهم على سهولة الأسئلة مقارنة بالدورة الأولى.
التكميلية إرهاق للتربية والمعلم
تبرر وزارة التربية إلغاء الدورة التكميلية بالتكلفة الكبيرة كونها تسبب إرهاقاً للتربية من جوانب مادية عديدة من النقل إلى الطباعة وأجور الامتحانات ومن مراقبة وتصحيح كما تشكل إرهاقاً للمعلمين لأن لهم الحق بالراحة صيفاً ومن غير المنصف العمل بشكل متواصل على مدى العام إلى جانب أن التربية تسعى لتطوير مهارات المعلمين وقدراتهم والدورة التكميلية لا تترك وقتاً لذلك بحسب الوزارة.
80.6% من المشاركين في الاستطلاع قالوا أن قرار الإلغاء كان يجب أن يكون بالتشاركية مع الطلاب.
كما تعتبر وزارة التربية أن إلغاء الدورة التكميلية يصب في صالح الطالب كونه يساعد على رفع نسبة النجاح وتحقيق العدالة والإنصاف بينهم لأن البعض يخططون مسبقاً لترك بعض المواد للدورة التكميلية في حين يتفوق آخرون من الدورة الأولى.
قرارات التربية دون تشاركية مع الطلاب
في وقتٍ سعت فيه الوزارة لتوفير التكاليف وتخفيف الأعباء عن نفسها واتخذت منفردة قرار إلغاء الدورة التكميلية دون أن تشارك الطلاب إيجابيات القرار وسلبياته عليهم. فإنها لم تراعِ التكاليف والأعباء لكثيرين منهم يتحملون ويعانون لتجاوز هذه السنة المصيرية في حياة الإنسان السوري إذ تحدد هوية مستقبله ومسار حياته إلى حد بعيد.
يعتقد 61.3% ممن استطلعنا آراءهم أن الدورة التكميلية انعكست إيجاباً على الطالب خاصة في ظل نظام التعليم المتّبع والقائم على الحشو وتقديم امتحان مكثّف ومصيري سناك سوري
80.6% من المشاركين في الاستطلاع قالوا أن قرار الإلغاء كان يجب أن يكون بالتشاركية مع الطلاب. حيث يرى الطالب “عمر حسون” في حديثه لـ سناك سوري أن الشهادة الثانوية مرحلة مصيرية في حياة الطالب لذا لا بد من التشارك معه بمثل هذه القرارات لا سيما في هذه المرحلة. مثلاً من خلال إجراء استبيان لمعرفة وضع الطالب والظروف التي يمر بها ثم اتخاذ القرار النهائي.
تغيير شكلها بدل إلغائها
يعتقد 61.3% ممن استطلعنا آراءهم أن الدورة التكميلية انعكست إيجاباً على الطالب خاصة في ظل نظام التعليم المتّبع والقائم على الحشو وتقديم امتحان مكثّف ومصيري وهذا يعني أن إلغاءها لا يبدو صائباً طالما استمر التعليم ودور الثانوية بهذا الشكل.
الأمر الذي دفع 9.7% من المشاركين بالتفكير في خيار تغيير نظام التكميلية عبر حصرها بالراسبين فقط. الأمر الذي أيدته الطالبة “سلام قدادو” إذ رأت أنه يحقق عدالة نسبية بين الطلاب في الفرص إلى حد ما.
هل ترون قرار إلغاء التكميلية للبكالوريا في مصلحة الطالب أم ضدها؟.