الرئيسيةسناك ساخن

أقدم فرن في طرطوس مهدد بالإغلاق بسبب ارتفاع الضريبة وعدم ملائمتها للدخل

“فرن عمورة”.. ذاكرة “طرطوس” القديمة المحبة ساعدته على الاستمرار والضرائب تهدده.. والبلدية تَعِد بالتخفيض!

سناك سوري_ نورس علي

لم يكن يدري أصحاب فرن “عمورة” التراثي في مدينة “طرطوس القديمة” أن فرنهم قد يلاقي نتيجة مشابهة لمسلسل “نهاية رجل شجاع” الذي تم تصوير بعض مشاهده فيه تسعينيات القرن الماضي، ليواجه الفرن اليوم مصير “نهاية فرن شجاع” فقد بأسه أمام بأس الضرائب المرتفعة.

يقول “محمد عمورة” أحد مالكي الفرن لـ”سناك سوري”، إن الضرائب المفروضة عليهم تصل لحوالي الـ200 ألف ليرة سنوياً، حيث يفرض على كل متر مربع ضريبة /4000/ ليرة، وهو ما يعتبره “عمورة” مبلغاً كبيراً، يضيف: «نحن شريكان نحصل على أرباح سنوية محدودة توزع علينا، يذهب منها 120 ألف ليرة فواتير مياه وكهرباء، و200 ألف ليرة ضرائب، ونعتبر أن هذا كثير قياساً بأرباح الفرن».

محمد عمورة

رغم جميع المحاولات لتخفيضها لم يلقَ الشركاء “محمد وحسين عموره” رداً مما جعلهم أمام خيارين إما الاستمرار بعمل الفرن رغم الخسارة أو إغلاق هذا المعلم التراثي الذي يشكل ذاكرة جميلة لأهالي المدينة ومصدراً لذيذاً لنوع مختلف من الخبز.

شكوى صاحب الفرن نقلناها إلى رئيس الدائرة الفنية في بلدية “طرطوس” المهندس”حسان حسن” الذي اكتفى بالقول إن الضرائب ستخفض بشكل ملحوظ دون أن يحدد نسبة التخفيض، أو موعده.
يُعد هذا الفرن أقدم فرن في محافظة طرطوس يعمل على الحطب ويعود مسار العائلة في هذا العمل إلى قرابة 137 عاماً، وقد زار هذا الفرن مختلف المسؤولين لكي يتصوروا فيه ويشيدوا بالتراث وباستمرارية العمل، إلا أن أحداً منهم لم يتدخل لمنع إغلاقه، فأصحابه يتجهون لإغلاقه بسبب الضريبة ما يهدد بالقضاء على آخر فرن حجري في طرطوس، وإلحاق ضررٍ بالتراث والسياحة التراثية..إلخ بدل الحفاظ على هذا الفرن الذي نتعرف عليه أكثر في السطور القادمة.

اقرأ أيضاً:“سعد” لـ سناك سوري: إذا طبقت العدالة الانتقائية سنعيد البسطات إلى أماكنها

“عمورة”.. أول رخصة فرن يعمل على الحطب في “طرطوس”

شكلت صناعة الخبز المشروح على الطريقة التراثية مصدر دخل العاملين في فرن “عموره” منذ عام 1882 الذي تعاقبت عليه أجيال وأجيال من أسرة واحدة حافظت على هذا التراث وكان لها أسبقية تسجيل أول رخصة مزاولة لهذ النوع من الأفران في طرطوس عام 1975، وهو العام الذي بدأ فيه منح الرخص وليس عام تأسيس الفرن.

يقع الفرن الحالي للعائلة على الجدار الشرقي لمدينة “طرطوس القديمة” وينتج خبزاً مشروحاً مشوياً على أغصان الريحان والغار، ليغدو هذا الخبز وجبة يومية لعدد كبير من أبناء المدينة، وفق ما أكده “عموره”، مضيفاً أن «الفرن بموقعه الحالي أنشئ في بدايات الاحتلال الفرنسي كما وتعاقب عليه أبناء عائلة “عموره” من جد الجد القادم من “العراق” مع حرفته التراثية في صناعة الخبز المشروح وصولاً إلى إبن الحفيد».

يختلف الخبز المشروح عن خبز التنور أو الصاج المعروفين، وذلك من حيث سماكته ونضجه حسب “عمورة” الذي أوضح أن «الخبز يشوى في الفرن الحجري القديم العامل على نار الحطب الذي يجمع من مخلفات البحر وأخشاب السفن والمراكب، ومن توالف المقابر كأغصان الريحان والغار، وكذلك من الأثاث القديم لمنازل أبناء المدينة الذين يحضرونه لأمام الفرن دون أي مقابل ليبقى محافظاً على كيانه بمحبتهم وحرصهم عليه، خصوصاً أنهم يستطيعون طهي طعامهم عليه بأجور زهيدة جداً»، مؤكداً أن هذه المحبة هي التي ساهمت في استمراره طوال السنوات السابقة رغم ضغوط الضرائب الكبيرة.

مدخل الفرن من الخارج

طريقة بناء الفرن تراثية فهو ملاصق لجدار السور الأثري لمدينة “طرطوس” القديمة ويصفها “عمورة” فيقول: «تم حفر تجويف حجرة الفرن الحرارية ضمن جدار السور الأثري للمدينة القديمة بجانب جامع “البلدية” بطول حوالي المترين وعرض متر ونصف وارتفاع متفاوت لأن سقفه على شكل قبة مسطحة، ويتقدمه في الأمام مكان وقوف الخباز أو ما يسمى الجورة، وأمامه العصي الخشبية أو ما يسمى السهام الخاصة بإدخال الخبز وإخراجه من الفرن، وعلى يمينه البلاطة مكان رق العجين يدوياً، أما أرضية حجرة الفرن فهي مرصوفة بالزجاج المكسر وقطع الحديد الصغيرة والملح الصخري، وجميعها تساعد على حفظ الحرارة لفترات زمنية طويلة».

 

اقرأ أيضاً:اعتصام أمام مبنى المحافظة في طرطوس ضد قرار رفع الرسوم

صك العقد الموضح لقيمة ضريبة الإشغال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى