“الدقوري” سوري أنقذ 40 طفلاً من الموت …. وفارق الحياة

أصبح “الدقوري” مضرب مثلٍ في مجتمعه الذي وضع نصباً تذكارياً له
سناك سوري-عبد العظيم العبد الله
كان رجلاً اجتماعياً تربطه علاقة جيدة مع السكان الذين يكنون كل الاحترام له، ولأسرته التي تعيش في محافظة “الحسكة”، عرف عنه الخدمات العديدة التي قدمها على الصعيدين الإنساني والاجتماعي، والتي حولته في النهاية إلى “عنوان بطولة” خصوصاً وأنه قدم حياته في سبيل إنقاذ الأطفال.
في 13 تشرين الثاني 1960 شب حريق ضخم في “سينما” بلدة “عامودا” بمحافظة الحسكة، كان “محمد سعيد الدقوري” حينها يستقبل زواراً في المنزل، وقد استمع لصيحات الناس وهي تنادي “حريق”!! ترك زواره وهرع مسرعاً إلى السينما التي اندلع فيها الحريق.
شجاعة “الدقوري” تحولت إلى قصة تروى يتفق عليها “المؤرخون” وأبناء المنطقة الذين توارثوها جيلاً بعد جيل، يروي “يوسف عبدو” وهو من أبناء “عامودا” وأحد المهتمين بتاريخها، أن: «المدارس وزعت بطاقات لحضور فيلم عن الجزائر، في السينما، توجه الأطفال بأعداد كبيرة لمشاهدة الفيلم، لكن وبسبب الضغط على الأجهزة، نشب حريق كبير في السينما، وصل الخبر للدقوري الذي توجه بسرعة إلى المكان، وفي الطريق التقى بطفله يُعلمه بالنجاة من الحريق، لكنه لم يعد مع طفله بل تابع طريقه إلى السينما ودخل إليها رغم الحريق، كان يحمل الأطفال قدر استطاعته أحياناً “3” وأحياناً “4” و”5″، متحملاً التعب والمخاطر».
أنقذ ببطولته عشرات الأطفال الذين يتابعون حياتهم ويتذكرون لحظات النجاة، بينما قضى هو أثناء إنقاذهم، يقول “يوسف”: «أنقذ أكثر من 40 طفلاً، وفي أخر محاولاته سقط جسر الباب على ظهره، وفقد الحياة مباشرة».
اقرأ أيضاً: العم “حسن” أصيب أثناء ممارسته لعمله فأطلق مع زملاءه نداءً موجهاً للأهالي
أودى الحريق بحياة “204” أطفال إضافة للراحل “الدقوري” الذي أصبح رمزاً في المنطقة يقدره أهلها ويحترمونه ويجلونه، أما المكان الذي شهد الحادثة فقد تحول إلى ساحة، عُلقت عليها صور وأسماء الضحايا إضافة إلى تمثال يبين بطولة الدقوري وصورة له معلقة في واجهة الساحة.
انطلق “الدقوري” إلى السينما من خلفية إنسانية مسلحاً بتاريخ نضالي في الدفاع عن أبناء المنطقة وفقاً لـ “حسين الحميِّد” وهو من وجهاء العشائر، حيث أشار في حديثه مع سناك سوري إلى أن الراحل لعب دوراً في مواجهة المستعمر الفرنسي خلال احتلاله “سوريا”.
يتابع “الحميد”:«خلال حياته كان مرجعاً لحل الخلافات بين أبناء المنطقة، وفتح منزله للجميع حيث كان بمثابة المضافة لهم والحاضن والمصلح، لقد لعب دوراً بارزاً في تعزيز العلاقات بين أبناء المجتمع الواحد والتماسك والتعاضد الاجتماعي».
محمد سعيد الدقوري من أبناء بلدة عامودا 1928 قضى في حريق السينما 1960، كتب عنه الكتّاب في مؤلفاتهم، والشعراء بشعرهم وقصائدهم، وبطولته ومسيرته حديث الناس في مجالسهم، ينعتون البطل والكريم والشهم في المنطقة باسمه.
اقرأ أيضاً:رحيل “أبو الجيولوجيا” في سوريا عن متحف و96 مرجع تلفزيوني