سوريا.. التحكيم الشرعي محاولة للحفاظ على الأسرة – لينا ديوب
القاضي الشرعي الأول بدمشق لسناك سوري: هناك إقبال على الزواج يعادل حالات الطلاق

لم يثمر تدخل جمعية “اعفاف” في منطقة الجسر الأبيض في “دمشق”، عاصمة سوريا، عبر محكميها مع الستينية “ألم” (اسم مستعار)، إلى التراجع عن الطلاق، تقول السيدة لسناك سوري مضيفة: «بل على العكس بعد أن استمع المحكمين الذين عينتهما الجمعية بطلب من المحكمة الشرعية، إلى ما رويناه أنا وابنتي عن حياتنا اليومية مع طليقي وأبو ابنتي، تركوا لي حرية اتخاذ القرار، ولأن الطلاق حينها كان اراديا” بإرادة منفردة من زوجي وهو تراجع عنه، عدت أنا ورفعت دعوى التفريق وحصلت على الطلاق».
سناك سوري-لينا ديوب
في تجربة مشابهة، كلفت المحكمة الشرعية بدمشق اثنين من محاميها للتحكيم بين “سها” وزوجها، بعد أن رفعت الأخيرة دعوى مخالعة، تضيف: «حاول حينها المحكمان اقناعي بالعدول عن قراري، ليبقى ولدينا في رعايتنا كأسرة إلا أنني رفضت لأن بقائي أنا والأولاد معه في نفس البيت خطر علينا، فهو مريض نفسي ويحتاج لعلاج لا يقبل الخضوع له، ورغم معرفة أهله بالأمر لا يتدخلون لإقناعه بالعلاج».
حصلت “سها” على قرار التفريق لكن الأب أخذ حضانة الولدين، لأنها لا تملك مسكنا، وبقي ولديها تحت خطر ضرب والدهما وسلوكياته الناتجة عن مرضه النفسي.
اقرأ أيضاً: المدينة الداعمة للنساء – لينا ديوب
اقبال على الزواج يعادل حالات الطلاق
تغيرات عدة حدثت على الزواج في مجتمعنا خلال السنوات العشر الأخيرة، يرجح القاضي الشرعي الأول بدمشق “مازن القطيفاني”، أسبابها إلى العامل الاقتصادي الضاغط على الأسرة، ويقول لسناك سوري: «هناك اقبال على الزواج يعادل حالات الطلاق»، مضيفا” أن «المحكمة الشرعية تحاول عبر المحكمين الشرعيين، وهم من خيرة المحامين بالخبرة والنزاهة أن تصلح بين الزوجين المتخاصمين، حفاظا على الأسرة وعلى حياة سليمة للأبناء في حال وجودهم».
والمحكمة تلجأ إلى محكميها حسب قطيفاني، بعد فشل محكمين من أهل الزوجين بالوصول إلى حل، ويتابع أنه بحال الطلاق الإداري بعد ابلاغ الزوجة برفع زوجها دعوى ضدها، «نطلب من جمعية “اعفاف” التدخل، لمحاولة الصلح والتراجع عن القرار، والتعاون مع “اعفاف” هي تجربتنا الوحيدة لإشراك المجتمع الأهلي».
يلفت “قطيفاني”، إلى نظرة شائعة عند السيدات اللواتي يرغبن بالمخالعة، أنهن في حال المبادرة لطلب الطلاق سيخسرن حقوقهن الشرعية، إلا أن هذا غير صحيح والمحكمة تنظر بالقضية، وتنصف المتضرر سواء أكان الزوج أم الزوجة.
اقرأ أيضاً: قصة شابة تعرضت للتحرش من شقيقها ووالدها – لينا ديوب
جهد مضاعف بحال وجود الأطفال
«حوالي 15% من الحالات تراجعوا عن الطلاق بعد تدخلنا»، يقول المحكم الشرعي المحامي “أحمد بشار شلهوب” لسناك سوري، ويضيف: «نبذل جهدا مضاعفا بحال وجود أطفال، أولا نسعى لمعرفة سبب المشكلة، وجلسات التحكيم سرية لأنها تطرح أمورا خاصة بين الزوجين بأدق التفاصيل، حتى حياتهما بالفراش، التقرير الذي نكتبه للمحكمة لانذكر فيه ما حدث بينهما، بعد أن نكون وصلنا لنتيجة، حول بسبب المشكلة هل الزوج أو الزوجة، نسمع الزوجة ان كانت هي من رفعت دعوى الطلاق ماهي أسبابها ونسمع من الزوج».
يلاحظ “شلهوب”، من خبرته بالتحكيم أن الزواج الذي يتم بسرعة أو بعيدا عن مشورة الأسرة، يبقى مهددا مع تراجع القيم الأسرية، ويرى أن للأهل تجارب وخبرة تختلف عن الزواج المبني على عواطف ظاهرية.
في محاولات المحكمين للصلح يقول المحكم: «نسأل عن فترة الخطوبة لمعرفة جذر المشكلة، نخرج للكشف على بيت الزوجية، نلتقي بأهل الزوجين، أحيانا نقنع الزوج بتأمين البيت أو الالتحاق بعمل، إن كان سبب الطلاق البطالة، وأحيانا يكون عمل الزوج عند أهله، فلا يستطيع أن يتصرف بحرية فنتدخل عند الأهل».
المحكمين لا يتبنيان طرف دون آخر
يشدد “شلهوب”، على أهمية شخصية المحكمين، بأن لا يتبنيا طرفا دون آخر، وأن التحكيم يبدأ من الأسرة، التي يجب أن تضبط زواج أبنائها وبناتها، واعتماد اختيار صحيح للزواج، لأن الحرب وضعت الناس بظروف جديدة، بحال فشل لم الشمل، تلجأ الزوجة لزواج آخر ظنا” منها أنها تحمي نفسها، «المتعلمات يتزوجن من أُميين بسبب المال، أيضا الصغيرات يتزوجن من كبار السن بحثا عن أمان مادي ومعيشي لن يجدوه فيقعن في مشاكل مضاعفة».
يرى القاضي الشرعي بدمشق، أن التعديلات الأخيرة لقانون الأحوال الشخصية، أتت لصالح الأسرة، وهناك العديد من الزوجات يأتين بعدها إلى المحكمة الشرعية لتعديل عقود زواجهن، ويوازي ذلك حسب قوله، العمل على تطوير التحكيم ورفع مقدار النفقة، لكن الوضع المعيشي للأسرة والوضع الاقتصادي عامة، يرمي بثقله فتأتي الحلول غير مكتملة، وبحاجة للمزيد من العمل والتعاون بين جميع المؤسسات ومن أهمها الاعلام.
صندوق للنفقة
يمكننا السؤال عن مشروع صندوق النفقة، الذي بدأت الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، العمل عليه قبل الحرب، والذي يساهم بتمويله بالإضافة إلى الحكومة، الزوجين نفسيهما والجمعيات، فيكون أحد أشكال الحماية وداعما للتحكيم، يضاف إليه، ربما سكن للحاضنة بشروط ميسرة، مما يخفف الآثار السلبية للتفريق بين الأبناء.
اقرأ أيضاً: هل لدينا إجراءات رادعة لوقف العنف ضد النساء؟ – لينا ديوب